تعليق الدراسة الحضورية اليوم في جامعة القصيم الأعاصير لا تحدث إلا في أزمنتها سجن 5 صنّاع محتوى بتهمة خدش الحياء والتجاهر الفاحش في تونس الدراسة عن بُعد في جامعة الطائف غدًا الأربعاء عبدالعزيز بن سلمان: جاهزون لتصدير الكهرباء النظيفة والهيدروجين الأخضر بأي حجم كان بيولي: لم أفكر في الهلال وهذا سبب الخسارة اليوم غرامة تصل لمليون ريال حال تصوير الأشخاص من خلال مقرات العمل 55 مباراة محلية لـ الهلال دون خسارة الفيحاء يصعد لربع نهائي كأس الملك الشيخ المطلق: احذروا أنصاف المتعلمين
كثيرا ما نهاجم بعض الأفكار والمعتقدات والنظريات ، ثم نمارسها أو ننغمس فيها من حيث لا نشعر .
العلمانية في مفهومها القريب المشتهر تعني فصل الدين عن الحياة ، ويعبر عنها أحيانا بما لقيصر لقيصر ، وما لله لله .
ولا شك أن كل من أسلم وجهه لله يعادي هذه الفكرة ؛ لأنه يوقن أن الدين الإسلامي جاء ليرسم مجرى الحياة بكليتها ، على المستوى الشخصي ، والأسري ، والاجتماعي ، والسياسي .
ولكن الذي ينظر في واقع المسلمين اليوم يرى أنهم لا يخرجون عن العلمانية في مفهومها الذي ذكرت آنفا ، فهم يرون أن هناك رجالا للدين ، وهناك عامة . ويجعلون لرجل الدين قالبا يزنونه من خلاله ، فلا يرون له حقا في ممارسة الحياة ، الحياة التي يؤمنون أن الدين الحنيف جاء ليرسم لوحتها في الأولى والآخرة !
ولعلي عشت شيئا من هذا المفهوم المتناقض قبل أيام ، حين أجري معي حوار رياضي ، فجاء من ينكر تدخل طالب العلم – مثلي – وحافظ القرآن ، والإمام والخطيب في مثل هذه الأمور كما يزعمون .
ولست أدري ما هو القالب الذي ينبغي أن لا يخرج منه طالب العلم حتى لا يفقد وقاره ، أو يذهب هيبته ، أو يقلل قيمته ، إنه باختصار يعني أن يعيش في معزل عن الناس ، كالراهب في صومعته ، أو القسيس في كنيسته ، أو العابد في معبده ، يتميز بلباسه وهيئته وعزوفه عن دنياهم . لكنهم ألبسوا ذلك القالب لباسا إسلاميا فجعلوه محرابا ، أو مسجدا ، أو حلقة علمية لا يدري المعلم فيها عن حال الناس ولا يخالطهم .
والذي رأيته في سيرة حبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم خلاف ما يذكر ، فقد رأيته يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، ويدخل الرجل من القوم لا يعرفه فلا يستطيع أن يفرق بينهم وبين أصحابه ، لا يتميز عنهم بمجلسه ولا بهيئته أو لباسه ، فهو فرد مثلهم ، وإن كانت أعناقهم تشرئب إليه ، وقلوبهم تكاد تخرج من أقفاصها حبا له وأعينهم لا تكاد تنظر إليه إجلالا له ومهابة .
وقد كان يستمع إليهم يتحدثون عن ماضيهم في الجاهلية ، ويضحك أحدهم بين يديه ، وربما استلقى الضاحك على قفاه ، ويراهم يتمازحون ، بل ويمازحهم ، ويسابق زوجه وهو متجه للقتال ، ويمر على أسواقهم ومنتدياتهم ، ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم .
فما بال قومي يريدون من الداعية ، أو طالب العلم أن لا يعرف شيئا مما حوله ، ولا يدري ما الحياة ولا ما الأحياء ، لعمر الله إن هذا لشيء عجيب ، إذ كيف يعيش منعزلا عن أولاده الذين يخالطون الناس ويشجع كل واحد منهم فريقا ، وبعض أصحابي يتابع الكرة الأمريكية التي لا أعرف أحدا غيره يتابعها .
بل لقد تناقشنا ليلة في اسم اللعبة التي يحبها خادم الحرمين الشريفين ويلعبها ، وكنا نظن أنها البولنج ، ثم بحثنا عنها في الحاسب فوجدناها تسمى البولز ، فكانت معلومة جديدة علينا .
ألا يحق لي أن أقرأ الصحف والمجلات وأتابع الأخبار وأقرأ التحليلات وأستمع إلى الآراء ، وأن أخالط الناس وأصبر على أذاهم ، وأجد لهم الحل الشرعي لمشكلاتهم ، وأتعرف على خدعهم وحيلهم وألفاظهم ، وما أشبه ذلك .
أليس طالب العلم إنسانا يعيش كأي إنسان آخر ، له همه التجاري والعقاري والمالي والصحي والرياضي ، وله أن يحب الإبل أو الخيل أو الغنم ، وأن يبحث عن السرور في نزهة برية ، أو بحرية ، أو في سفر مباح ، وشيء من المزاح ؟
من قال لا فقد أقر بأن على طالب العلم أن يبقى في صومعته ، وهذه هي العلمانية الحقة ، ومن قال بلى ، فقد وفر علينا أن نضيع وقتنا في شرح المشروح ، وتوضيح الواضح ، وإثبات أن النهار قد طلع فيما شمسه المحرقة تلسع الجلد ، ونوره الوضاح يغشي الأعين .
ربما كان الفارق بين طالب العلم والعالم وبين غيره أن الأول يراقب الله فيما يفعل وفيما يدع ، وربما تساهل غيره ، في تلك المراقبة ، وفي عامة الناس من هو أتقى من كثير من العلماء وأشد ورعا ، وأكثر مخافة وأشد اتباعا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
والفارق عند الله والكرامة مقياسها ما لا يعلمه إلا الله ، لأن محلها القلب ، وأما ما يظهر فقد يكون ليقال ، وقد قيل . ميزان ذلك { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ليست الكرامة بالعلم ولا بالعمل ، ولكن بالتقوى { إنما يتقبل الله من المتقين } .
باختصار أيها الأحبة ، إني بشر مثلكم ، أعيش حياتكم كما تعيشونها .
عبدالله اللحيدان
صدقت والله مقال في غايه الروعه
هيثم
السلام عليكم