حفلات التخرج!

الخميس ٢٧ يونيو ٢٠١٣ الساعة ٦:١٠ مساءً
حفلات التخرج!

متغيرات الحياة إن كانت غير منطقية قد يكون ظهورها في الواقع مزعجاً، كأن أتلقى اتصالاً من رفيقة لي تعاتبني لعدم حضوري لحفل تخرجها الذي أخبرتني لاحقاً أنها قد أنفقت عليه قرابة ٩٠ ألفاً، وهو كما تصفه حفل تخرج (بسيط جداً) اجتمع به الأهل وبعض الأصدقاء المقربين. ولا أدرك هل فعلاً نحن نسعدُ حين نقيم احتفال تخرج يشبه ليالي العرس؟، هل فعلاً نحن نسعدُ حين نقيم احتفالاً مكلفاً يُشغلنا منذ أن تَدبُ الفكرة في الرأس، وحتى يوم الاحتفال والقلق يرافقنا لأننا نرغب أن يرضى كل الحاضرين عن احتفالنا حتى وإن لم نرضِ أنفسنا أولاً، ننسى أن نتحدث عن الفرح والسعادة في فرحنا، ننسى أن نسأل بعضنا عن الخطط القادمة أو الأمنيات المرتقبة، نحتفل وننسى أن نحتفل، ونهتم بكماليات الاحتفال وأرقى قاعات الفنادق وأطيب الضيافة وأندر الهدايا، ثم يزول كل هذا في ليلة واحدة، وعندما نكون بظلام هذه الليلة وحدنا ونخلع ملابس الاحتفال نتذكر أننا لم نفرح، فقط أنفقنا المال وبعضاً من الحديث البالي الذي كان منشغلاً بانطباع الآخرين عن احتفالنا، وأهدرنا كثيراً من الابتسامات الكاذبة، والكاذبة جداً.

إن التعبير عن الفرح وإظهاره أحد حقوق النفس على صاحبها لكن في الوقت نفسه يجب أن يكون هناك الوعي التام بالطريقة التي نرسم بها الفرح في حياتنا، فمن غير المعقول أن تُزاحم حفلات التخرج الأعراس في إجازاتنا الصيفية، كلتا الفرحتين نحن من يقتلهما باليوم الذي نختار إقامتهما فيه، نقتلهما بالمبالغة والمفاخرة كأننا في سباق مع الآخرين من منا ينفق أكثر، حتى مع وفرة المال يجب أن نفهم جيداً كيف ننفقه لنحتفل.

ولا أجد حلاً لهذه الظاهرة التي أثقلت كاهل الآباء غير أن تتكفل المدارس والجامعات بإقامة حفلات تخرج تليق بالطلبة، وتليق بفرحتهم، ويسمح لهم بدعوة من يودون ليشاركهم فرحتهم، يكون احتفالاً جماعياً خالياً من رسميات وأنظمة الاحتفالات التي تتكفل به الجهات التعليمية حالياً، ويكون كمكافأة للطلبة وخطوة رائعة في تقليص حفلات التخرج التي بدأت تأخذ انتشاراً لا يليق بثقافة الاحتفال الحقيقية، إني لا أنسى منذ أن كنت في الروضة وحتى أنهيت الدراسة الابتدائية كان احتفالنا بالنجاح جماعياً مع أبناء الجيران، كانت الحياة حينها في رخاء وطيب مع ذلك تشترك الأمهات في إعداد الكيك والحلوى، ويجلب الآباء أحب الهدايا ويقام الاحتفال في منزلٍ واحد، على بساطٍ واحد، وفرحة واحدة صادقة جداً.

أؤمن أن البساطة هي جمال المشاعر، قد نسرف في وضع مسببات الفرح بينما نغفل أن أصل السعادة تفاصيل بسيطة قد تجعلنا نبتسم من القلب، ويسلم الجيب!.

@i_entsar 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • نواف محمد

    بالفعل حفلات زمان كانت الحريم لا تطتلب باكثر من الفرحة. اما الوقت الحالي اصيحن يتعبن الرجل في كماليات ومتطليات ليس لها داعي. تفكير منطقي

  • بندر

    ابطيت علينا هذه المرة إنتصار ،فخوور بتفكيرك لو كل النساء تعرف كيف تفرح وتقتصد كان فعلاً جيوبنا سالمه . شكرا لانك هكذا

  • Soso

    خلوا الاوادم تفرح مو حرام تفرح اذا هي تقدر

  • sahar

    مقال رائع يا انتصار .. فعلا اتعجب من تلك المبالغات والتكاليف التي تنفق في الاحتفالات ، وكل ذلك لنرضي الناس ، ومع كل تلك التكاليف نحن متيقنين أننا لن نستطيع ارضاءهم مهما فعلنا ، أفراحنا لم تعد أفراح أصبحت مجرد “فشخره” و “حش” .. أصلح الله حالنا.
    وردا ع الاخت Soso: لا أدري هل الفرح يكون ب 90 ألف وانفاق كل مافي جيوبنا!! لا أحد يستطيع القول أن الفرح حرام ، لكن الفرح لايقتصر على الانفاق ، وتذكري أن التبذير هو الحرام.

  • أم عبدالملك

    أنا مع الاحتفال بس ضد الإسراف ..حتى لو تكفلت فيه الجهة التعليمية وين المكان اللي يكفي .. الاحتفال بحد ذاته شئ رائع يكفي إن فيه جمعة أهل ولمة حبايب وفرحة طفل…

  • فايزة العمري

    من الجميل ان نحتفل ويشع الفرح في القلوب ، لكن عندما يتحول الفرح إلى تباهي وتفاخر وبذخ فنحن لا نرضي انفسنا بل نسعى لإرضاء الناس ، وهذا غاية لا تدرك ولن تدرك
    سلمت اناملك الجميلة وحرفك الهادف

  • Amjad

    مقال جمييييل تسلم يمينگ
    انا مع الاحتفال بس بدون افراط وتفريط ..

إقرأ المزيد