تجويد “الرؤية “

الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ٣:٤٠ مساءً
تجويد “الرؤية “

هل نعتب على المواطن لانه يستعجل نتائج ” رؤية 2030 “؟ التطلع والأمل والرغبة في أن يرى الوطن على الصورة والهيئة التي رسمتها وثيقة ” الرؤية ” ، هو مايجعل المواطن يتعجل مخرجات هذه الاستراتيجية الوطنية.

المواطن من حقه أن يتطلع ، ومن حقه أن يرفع سقف الأمل في ” الرؤية ” التي تم تضمينها تغييرات شاملة ، يكون هو ، أي المواطن ، طرفاً أساسياً فيها، أليس التبعات الاقتصادية التي سيتحملها المواطن جزءاً من التضحيات المطلوبة ، وجانباً من اللوازم الوطنية حتى تؤتي ” الرؤية ” أكلها ؟

والمواطن لم يأت بتصوراته ” للنتائج المتعجلة” من فراغ ، بل هي في كثير من جوانبها مستوحاة أو متصورة من الفضاء الإعلامي الذي يحيط بالمواطن ، وكم المعلومات الذي يتدفق باستمرار بشأن ” الرؤية ” .. وبعض الكتابات للأسف يعوزها التعمق ، والتناول الموضوعي .. وبعض الذي يتصدون لـ ” الرؤية ” في كتاباتهم ربما لم يطلعوا على الوثيقة الأساسية لهذه الاستراتيجية الوطنية، ولذلك تأتي كتاباتهم أقرب إلى التهويمات .

ومن النقاط التي قد نعدها مأخذاً على الإعلام أنه لم يشر لا من قريب أو بعيد إلى أن ” الرؤية ” في إطارها العام جهد بشري قابل للمراجعة والتطوير وصولاً إلى التجويد وتحقق النتائج المتصورة ، وهذا ليس عيباً ، بل هو مما ينبغي الإشادة به، لأن المراجعة نقد ، والنقد في أساسه موازنة موضوعية بين الإيجابيات والسلبيات.. وليس ، مثل ما هو شائع ، هجوما ولا تقليلا لمساعي الناس واجتهاداتهم.

فمشروع ” الرؤية ” ليس خطة قصيرة أوبرنامج بتفاصيل محدودة، بل هي جملة من الخطط والبرامج تشكل استراتيجية تحدد مستقبل وطن .. ولذلك ينبغي للمتعامل معها أن يكون على إطلاع دقيق بمكوناتها ، ليكون قادراً على أن يقدمها لغيره، فلا تأتي المعلومات مشوشة. فمعلوم أن “فاقد الشىء لا يعيطه” ، ومن تنفصه معلومات عن ” الرؤية ” ويضع نفسه في خانة المتحدث عنها وشارحها من المؤكد أنه سيعرض صوراً غير مكتملة ، وبالتالي فإن المتلقي سيتوصل إلى نتائج ناقصه ، لأن العملية الاتصالية والإعلامية شديدة التعقيد لتداخل عناصر موضوعية وذاتية. والمواطن الذي يحصل على معلومات أياً كانت عن ” الرؤية ” يضفي عليها أبعاداً وتصورات نابعة من رغبات وآمال وتطلعات ، وتكون هذه هي المحصلة.

فإذا كنا نريد لمفاهيم ” الرؤية ” وتصوراتها وتوقعاتها القطعية أن تتعمق لدى المواطن، فلا بد من تأكيد الشراكة الأصيلة للمواطن في تحقق نتائج ” الرؤية” ونضوجها في موسمها الطبيعي، وليس تعجلاً ..

ولذلك ، في تقديرنا، أن إيضاح ” الرؤية” كما ينبغي الإيضاح من مختلف الجوانب (الثابتة وتلك القابلة للمراجعة والتطوير) يتطلب حواراً حقيقيا يشارك فيه المواطن بالدخول في أروقة هذه الاستراتيجية، من خلال تقديم كشف حساب دوري ( ربما كل ثلاثة أشهر) عن تقييم مسيرة ” الرؤية “، وإطلاع المواطن على التفاصيل، والنتائج المتحققة في كل قطاع : التعليمي ، الصحي ، الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي .. وذلك حتى لا يفاجأ المواطن بأن بعض الخطط ليست كما تصورها عند الإعلان الأول للمشروع .

وهكذا يبني المواطن توقعاته على معلومات موثوقة، وليس على كتابات مغرقة في التفاؤل وأخرى محشودة بالتشاؤم.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني