بين حصون هادا والمضفاة حكاية بطولات وعبق تاريخ!

الخميس ١٨ يوليو ٢٠٢٤ الساعة ١:٥٧ صباحاً
بين حصون هادا والمضفاة حكاية بطولات وعبق تاريخ!
بقلم: جابر الأسمري

قبل عشرات السنين أجريت حديثًا صحافيًّا مع عمي- المرحوم بإذن الله- مبشر بن محمد- رحمه الله ووالدينا وجميع أموات المسلمين- تحدث فيه عن الزراعة النادرة في الجبل، ومنها زراعة البن الفائق في المذاق وعن حصونه التي شهدت بطولات المدافعين عن الجبل أثناء الغزو التركي، حيث كبدوهم خسائر فادحة في المعدات والأرواح وعادوا على أعقابهم يجرون ذيول الهزيمة وويلات الانكسار عقب ما كانوا يخططون لاعتلاء قمة الجبل والتمركز فيها، ومن ثم الانطلاق منها لشن هجماتهم على بقية قرى الجبل المجاورة، حين اطلعت على خبر ترميم حصون المضفاة لتصبح معلمًا سياحيًّا وتاريخيًّا عادت بي الذاكرة إلى حصون جبل هادا التي كان لها دور فاعل ومؤثر على امتداد التاريخ تستحق أن نستحضر عبقها لنعطر به سيرة الآباء والأجداد ونحيي بها ذكراهم ونرسخ مآثرهم في ذاكرة أجيال الحاضر والمستقبل.

لم يكن تاريخ الآباء والأجداد عابرًا دون تأثير يذكر فيشكر ولم يكن يخلو من البطولات وقيم الكرم والشجاعة والإيثار، ولم يتمحور اهتمامهم وينحصر بحثهم الدؤوب عن قوت يومهم من خلال حرث الأرض واستصلاحها، رغم شُح مواردها ومشقة حصولهم على العائد المجزئ، إلا أنهم كانوا يبذلون الكرم دون أن يمنعهم عوزهم أو تثنيهم حاجتهم، وكان الواحد يقري الضيف ويكرمه غاية الكرامة حتى وإن كان لا يملك في بيته السمن والدقيق والذبيحة، لكن الكل متكاتف والكل يوفي الآخر ولا يخذله في كل حالاته لا في فقره ولا في غناه، وكانوا يغرسون قيم وحب الكرم في سلوك وأفعال وقناعات الأجيال بالتدريب والتعويد.

إن لكل حصن من حصون المنطقة حكاية أمجاد وعبق تاريخ، ولو أن حجارتها تنطق لروت لنا من القصص أعجبها ومن الحكايات أصدقها، والتي لا تخطر على بال بشر ولا على عقل متدبر؛ لهذا أرى أن دور المثقف والإعلامي ينبغي أن يسهم بفعالية في تدوين ذلك التاريخ المشرق من خلال جمع روايات وشهادات كبار السن الذين عاصروها أو رويت لهم، وحين يعاد ترميم هذه الحصون يدون على كل واحد منها حكاياته على امتداد تاريخها وأسماء أصحابها حتى لا تسقط من ذاكرة الزمن والمكان والأجيال المتلاحقة.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني