العلمانية من الآخر

الإثنين ٢٨ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ٥:٢٦ صباحاً
العلمانية من الآخر

كثر الحديث في هذه الأيام عن العلمانية، ما بين مروج لها ومخوف منها!! أما المخوفون منها ومن تطبيقاتها فقد كان هذا شأنهم من سنوات ليست بالقليلة؛ إذ إن العلمانية كما صوروها للناس أنها فصل للدين عن الدولة أو فصل للدين عن الحياة… مما يعني أن أي دولة تتبناها كهوية لها فهي دولة (لا دينية).

أما المروجون لها في هذه الأيام فقد ألبسوها ثوب التنمية بأشكالها المختلفة، وغلفوها بغلاف العدالة الاجتماعية، وعمموها بعمامة التقدم والحضارة الحديثة التي تكفل للإنسان العيش الكريم!! ليس هذا فحسب بل ذهب البعض إلى محاولة لأسلمة العلمانية مستلمهمًا النموذج التركي كمثال نموذجي على ذلك.

ونحن كبسطاء محافظين لا أتصور أنه يهمنا المصطلح كمصطلح، ولا يعنينا أن تكون عِلمانية أو عَلمانية، ولا يؤثر في موقفنا أيضًا البعد الفلسفي أو التاريخي في نشأتها، ولا حتى اتجاهات من يزينها أو ينفر منها، ولكن الذي نتساءل عنه بالدرجة الأولى: ما هي تطبيقات العلمانية بالنسبة لنا كمسلمين؟ نعتقد وجوب تحكيم الكتاب والسنة في شتى نواحي حياتنا.

فإن كانت العلمانية تعني: أنه لا سلطان للشريعة الإسلامية على حياة الناس وأنظمة الدولة، وتعني أن التنمية الاقتصادية والمجتمعية لا ترتبط بأحكام هذا الدين وتعاليمه، بمعنى أنها تجيز تصنيع الخمور مثلًا وبيعها من أجل التنمية الاقتصادية، وتجيز ترخيص المراقص والكازينوهات من أجل السياحة وتسمح بإعلان المرتد عن ردته لتحقيق الحرية، وغيرها من المخالفات الصريحة لدين الله فلا مرحبًا بها مهما كان مسماها!….

وإن كانت تعني هذه العلمانية إصلاح شؤون الناس ورفع المظالم عنهم وتطوير الخدمات المقدمة لهم فلنا أن نتساءل: ما الذي يوجد في شريعتنا يمنع من تحقيق ذلك حتى يجعلنا نلجأ للعلمانية أو غيرها لإصلاح شؤوننا؟! فعلى كل من يروج للعلمانية فليخبرنا عن نقاط الضعف في شريعة محمد مما جعلها لا تسمح بتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع الظلم عن المظلومين ومحاربة الفساد والتنمية الصحيحة والخدمات المتقدمة!!

كلنا ندرك أن ضعف بعض الجوانب التنموية أو الخدمية في مجتمعاتنا لا يعود مطلقًا إلى الهوية الدينية للدولة وتطبيقها لشريعة سماوية!! وإنما يعود إلى القوانين والآليات، وإلى وعي وثقافة المنفذين لتلك الآليات والقوانين.

ولا يفوتني هنا أن أذكر حاجة في نفسي، وهي: أن العلمانية كانت مرفوضة عند الإسلاميين حينما كان يروج لها غيرهم من خلال النماذج الغربية!! ولكنها أصبحت مقبولة عند بعض الإسلاميين حينما برز النموذج التركي بقيادة حزب إسلامي، على حين رفض غير الإسلاميين هذا النموذج!! مما يثير استفهامًا أكبر من جبل طويق حول الهدف من الدندنة حول العلمانية!! هل هو هدف تنموي أم هو مغزى سياسي؟!

أيها القارئ الكريم ومن الآخر كما يقولون: إذا أردت أن تعرف شيئًا فاسأل عن آثاره وتطبيقاته، واحذر أن تنخدع بالشعارات البراقة التي تزين لك جانبًا وتخفي عنك الجانب المتعلق بالجوهر.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • وليد

    أحسنت