البلالين.. مسؤولية من!

السبت ٢٥ ديسمبر ٢٠٢١ الساعة ٦:١٣ مساءً
البلالين.. مسؤولية من!
بقلم - عبدالله صايل

كان صاحبي منهمكاً في إعداد استراتيجية للتواصل، وفي ثناياها أبواب لتفاصيل كثيرة وغزيرة التفريع، وصاحبي ورفيق دربي هذا قيادي عتيق وخلّاق جداً في صناعة العلاقات العامة وإدارة السمعة.. ويعتبر مايسترو في احتواء الأزمات الإعلامية، وله تاريخ حافل من النجاحات في بناء وترسيخ العلامات التجارية مع مؤسسات كُبرى، وانكب قبل فترة قريبة على بناء استراتيجية جديدة للتواصل لجهة حكومية، يفترض أن تنتهي إلى مُنتجٍ عملاق يحوي تفاصيل دقيقة، من بينها تحديد معالم المجتمع الخارجي المستهدف، ودور المجتمع الداخلي في دعم هذه الاستراتيجية، وتشعباتها التي تشمل رفع وعي مجتمع في دولة بحجم قارة، بل والقفز بهذا للتأكيد للمجتمع الدولي أن المملكة مهتمة بالملف الفلاني عبر رسائل بلغات كالإنجليزية والفرنسية والألمانية! وهذا كله على سبيل المثال لا الحصر.

وفي خضم حالة إبحار صاحبي في عمق استراتيجية بهذه الزُرقة، دخل إلى مكتبه زميل شاب من إدارة قررت أن تحتفي بموظفة اجتازت دورة في “جودة إجراءات العمل” وقال: لو سمحت.. ما عندكم بلالين ملونة؟ زميلتنا فلانة خلصت دورة في كذا وكذا.. وودنا نسوي لها احتفالاً بسيطاً، ويطلع شكله حلو! ياخي نشوف على “لنكد-إن” ناس يحتفلون في جهات عملهم بطريقة “كرييتف” وودنا صراحة نسوي مثل العالم، ولو عندكم غير البلالين أي شي حلو.. عطونا!

وما كان من صاحبي إلا أن ابتسم وقال للشاب الذي اقتحم مكتبه بكل هدوء: أهلاً بك.. “رُبّ صدفة خير من ألف ميعاد!”، وفي الحقيقة بزيارتك هذه قررت أن أستحدث فصلاً كاملاً للبلالين وألوانها وأحجامها في استراتيجية التواصل.. وفي الفهرسة سيأتي الاسم تحت: دعم البلالين للأفراد بعد معرفة الفرق بين متطلبات بيئة العمل ومتطلبات أعياد الميلاد..!

واسترسل صاحبي في حديثه لي مؤكداً أن سيل أفكاره المنهمر نحو بناء أركان الاستراتيجية توقف تماماً بسبب هذه المقاطعة، مبيّنا أنه لا يلوم هذا الشاب، وموضحاً الحاجة الماسة لتعريف الموظفين والموظفات بأدوار إدارات العلاقات والإعلام، التي تتجاوز بكثير البلالين والدناديش والمحتوى “الرومانسي” الذي يغذي حسابات الموظفين والموظفات على سناب-تشات بما لذ وطاب من الزخارف والمعازف.. وأن مؤسسات كبرى خرجت من هذا المأزق الذي استشرى بين الناس وأشعل غيرة الأفراد ومقارناتهم من مكان عمل إلى آخر، عبر استحداث إدارة ضمن الموارد البشرية تحت اسم علاقات الموظفين، لتهتم بهذه التفاصيل التي تُرضي فئة لا يستهان بها من صناع نبرة (اللارضى) عن بيئة العمل بسبب عدم توفير علبة حلويات في اليوم العالمي للشوكولاتة مثلاً!، وحتى بعد استحداث علاقات للموظفين، غارت الإدارات فيما بينها، وجاء من ينافس (علاقات الموظفين) باسم (إدارة التواصل الداخلي) تحت الإدارات التنفيذية للإعلام والعلاقات، وليعود الموظف لفقدان البوصلة.. فهل الهدايا الموسمية وهدايا التعيين والتكريم وأشكال وأنواع البلالين من أدوار علاقات الموظفين؟ أم من أدوار إدارة التواصل الداخلي؟ ويقرر الموظف التائه بين هذه وتلك العودة لحضن الأب الكبير (إدارة العلاقات والإعلام) لطلب حفنة من البلالين.

وبعد سنوات طويلة من ممارسة مهنة الإعلام والعلاقات وإنفاذ قيمها عالية الأهمية، أجدني متفقاً مع صاحبي فيما ذهب إليه. والحقيقة أن التوضيح عبر إصدار السياسات العامة والأدلة التعريفية بالمهام والأدوار مطلب لا غنى عنه، ولكن هل سيقرأ المجتمع الداخلي دليلاً تفصيلياً أشبه ما يكون بلائحة تنظيمية؟ الجواب في الغالب (لا) للأسف! والحل الأنسب هو الورش التعريفية للمجتمع الداخلي، على أن تتكرر أكثر من مرة خلال العام، لعلنا نصل إلى مرحلة من التصالح وتحديد: البلالين.. مسؤولية مَن؟

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

إقرأ المزيد