يتجسس على أبنه!

الأربعاء ١ يناير ٢٠٢٥ الساعة ٧:٠٥ مساءً
يتجسس على أبنه!
بقلم: تركي الدويش

استدعى الأب ابنه رغبة منه في الحديث عن أمر ما، وفعلاً أجاب الأبن النداء، ومثُلّ ‏أمام أباه بكل تقدير واحترام، وبما أمره به ديننا الحنيف تجاه الوالدين.

وقال له بتأدب ولطف: تفضل يا أبي ماذا لديك؟ شرع الوالد حديثه بقوله: لفت انتباهي دون قصد تنبيهات في جهازك الجوال، ‏ولا أخفيك سراً أنها أثارت فضولي.

وأوعزت لي نفسي بالدخول إلى جهازك، وتصفحه، والتنقل ما بين البرامج، وتصفح ما تحتويه من رسائل وخلافها! حتى شاهدت أموراً لم تعجبني، وأشياء لم ترقّ لي.

وحقيقةً أن ما رأيته في ذلك الجهاز الصغير في حجمه، ولكنه مع هذا، فقد جعل العالم بين يديك وتحت ناظريك، قد أصابتني بالخيبة والحزن! حتى شعرت بالندم من توفير لك هذا الجهاز، ‏فما رأيته لم يكن كما خططت له، ولم يكن استخدامك له كما تمنيت!

وأثناء هذا الحوار كان الابن ملتزماً الصمت! ‏وبمجرد أن انتهى والده من حديثه. نهض من مكانه ولم يتفوه ببنت شفه! ‏لأن ما قام به لم يعجبه! وبحكم عُمق العلاقة وعظمها، اختار التزام الصمت اتباعاً للأمر الرباني الجليل (وبالوالدين إحسانا).

‏إن ما قام به ذلك الوالد هو من المحظورات الشرعية المنهي عنها، ألا وهو التجسس (ولا تجسسوا). ‏وهو من أسباب تصدع العلاقة سوآءا أكانت بين الأبناء ووالديهم، أو بين الازواج أو الأخوة. ولم يحرمه الشارع هكذاً عبثا! وبدون سبب!

ثم إنه بمثل هذا الفعل، مؤكد سيؤدي إلى فقدان الثقة بين أطراف العلاقة، وستكون علاقة ‏قائمة على الشك، والتشكيك، وتغليب سوء الظن على حسنه.

ومن الجزم قوله أن الشيطان سيلعب هنا دوراً محورياً وقوياً، والذي سيؤدي إلى نتيجة حتمية ووخيمة، وهي انتهاء العلاقة إن عاجلاً أو آجلاً. ومن المستحيل تصديقه أن تحل الأمور بهكذا أسلوب وطريقة. وإذا كان ولا بد، فليكن توصيلك لما تريد‏ بطريقة لا تشعر فيها الطرف الآخر ‏بأن عينك، أو أُذنيك، أو إحدى حواسك، قد وقعت على أمر مريب فهذا أدعى لتقبله وقبوله بفاعلية وإيجابية أكبر. فهم في نهاية المطاف بشر ولا يوجد من هو معصوم من الخطأ والزلل.

وختاماً، سعيك الدؤوب والمستمر في زرع وتنمية الثقة في علاقاتك بذكاء، سيجعل من أطرافها العودة إلى رشدهم حال ارتكاب ‏اية أخطاء دون تدخل منك.

*كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني