بثلاثية.. الجبلين يُطيح بالاتفاق من كأس الملك وظائف شاغرة في مصرف الإنماء إدارة الدين ينهي ترتيب تأمين قرض مجمّع بقيمة 23.3 مليار ريال بعد تتويجه العالمي.. إنفانتينو يهنئ الأهلي المصري إيمان الزهراني تخوض تجربة صيانة الأجهزة الإلكترونية فما قصتها؟ 104 كيلو من أجود أنواع العود تنشر الروائح الزكية في المسجد النبوي حرس الحدود يقدم المساعدة لخليجيَّين تعطلت مركبتهما على طريق عُمان الدولي كيسيه عن مواجهة الاتحاد: تشبه ديربي الغضب انطلاق الجولة التاسعة من دوري روشن بـ3 مباريات غدًا استمرار الأمطار والغبار والسيول على بعض المناطق
حينما نردد دومًا بأن من رأى ليس كمن سمع، وهذه حقيقة لمستها من واقع تجربة من خلال زيارتي لمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، وبكل تأكيد أن المركز منذ إنشائه في 2004م قدم العديد من النشرات الإعلامية التي تعرف بدوره وأهميته وفكرة إنشائه، وربما قرأنا العديد من المقالات التي تخص المركز، ولكن بالفعل حينما تشرفت بزيارة المركز يختلف الانطباع تمامًا عن القراءة.
وجدير أن نقول إن فكرة إنشاء المركز هي في حد ذاتها تستوجب التوقف، وبالتالي تحترم الفكرة وتقدر من قام بها ونفذها، فهي بكل اختصار مقر لحماية المجتمع.
ولو رأينا ما يطرح بالصحف وما يقال في المنابر المختلفة بأننا نحمل مؤسسات الدولة بمختلف أدوارها مسؤولية الانحراف الفكري، وربما نلقي اللوم أحيانًا على بعض الجهات؛ لذلك حينما تشاهد المركز فأنت أمام (مستشفى فكري) شامل… وقد أعجز بأن أورد ما رأيته وربما أخطئ في تقديم الوصف الدقيق، ولكن الانطباع الذي تخرج منه بأن مركزًا تم تسخير الإمكانيات المادية والبشرية والتخطيط الهندسي والغرف الخاصة التي تم تصميمها بمعايير معينة وليست بطريقة عشوائية والجو العام النفسي، فكل هذه الجوانب تمت بعناية فائقة وبطرق علمية ومواصفات عالمية بأن تهيئ مستشفى لتصحيح فكر ضال قد يضر المجتمع وربما يتوارث، وبالتالي تصبح معالجتها أو القضاء عليه لا أقول صعبًا، ولكن يستغرق ربما سنوات طوالًا وجهدًا وأموالًا؛ لذلك فكرة إنشاء مركز لتعديل مسار فكري أنا لا أتصور أنها قد وردت على أذهان أي دولة أخرى مثل دولتنا- حفظها الله- التي تحرص على أبناء وطنها لأنهم أبناؤها ومسؤولة عنهم أمام الله سبحانه وتعالى.
وأكاد أجزم أن بعض الدول لو قبضت على مجموعة تحمل فكرًا منحرفًا وضالًّا لربما وضعته في السجون لسنوات طوال، ولربما لا تفكر في سبل لمعالجته أو حتى إعادة النظر في تأهيله، ليس فقط ليعود للمجتمع كعضو فاعل، بل ربما تتجاهله وتعتبره حالة مرضية ميؤوس منها نهائيًّا، وفي نفس الوقت لا تنظر لحال أسرته، وربما يصل الحال بنفس صاحب الفكر بأن يزداد مرضًا أو يؤدي به الهلاك النفسي إلى الموت.
لذلك كان التوجه السليم بأن يتم تنفيذ مشروع لحماية المجتمع بكامله في بيئة حاضنة بالمعنى الحقيقي وليس مجرد إيقاف وعقوبة دون معالجة، ولكم أن تتخيلوا بأن المصطلح الذي يطلق على من يتم إيقافهم هو (المستفيد) وليس نزيل أو سجين.. لأنه هو في مؤسسة تربوية يخضع من خلالها لعدة برامج متنوعة شرعية ونفسية ومعرفية وتأهيلية، يقضي فيها مدة زمنية معينة وفق برنامج زمني يخضع من خلاله المستفيد لمتابعة دقيقة؛ وبالتالي على ضوئه تقرر اللجنة المعنية بعد نهاية الفترة إذا ما كان يستحق التمديد أو أنه تم شفاؤه تمامًا وبإمكانه العودة لأسرته والتعايش والاختلاط بمجتمعه بشكل طبيعي.
وقد زار المركز العديد من الوفود الرسمية، وهذه الوفود لم تكتفِ فقط بالإشادة والثناء بل قامت بتطبيق نفس التجربة في دولهم علاوة على إشادة الأمم المتحدة؛ لأن المركز أصبح بيت خبرة عالمي لمعالجة الفكر الضال، ولا غرابة في ذلك فالمملكة العربية السعودية هي من قامت بإنشاء المركز الدولي للإرهاب والعمل على مكافحته بمهارة عالية من خلال الاستباقات الأمنية الناجحة.
والمركز لا يضم في تخصص القائمين عليه جانبًا علميًّا واحدًا، بل يضم بين جنباته عدة تخصصات علمية، إضافة إلى اختيار نوعية معينة من الشخصيات المؤهلة التي تقوم على تصحيح مفاهيم وأفكار خاطئة، وهذا في حد ذاته يستلزم جهدًا كبيرًا وإلمامًا معرفيًّا تامًّا.
وأتصور أن من البرامج الناجحة بالمركز هو برنامج (تجربتي)، بحيث يقوم المستفيد بعد الانتهاء من البرنامج بالمساهمة في تعريف المستفيدين الجدد من الفترة التي مرت به، وكيف لمس التحول والفرق الكبير بعد أن خضع للبرنامج.. علمًا بأن الشخص الذي سيخضع للبرنامج منذ دخوله يمر على خطوات معينة يتم من خلالها معرفة ما إذا كان هناك لديه أمراض معينة أو إعاقة حتى يتم التعامل معه وفق ما يحتاجه، ولا أبالغ فيما رأيت من مناخ عام من حيث توفر السكن العائلي الفاخر الذي ينعكس نفسيًّا على أسرة المستفيد حين تتم زيارته، بحيث لا يشعر ذووه بأي جانب محرج أو مخجل أو حتى يسبب لهم ضررًا نفسيًّا، بل يشعرون وكأنه في مقر علاج صحي تتطلب مستلزمات العلاج مدة زمنية للمتابعة والتأكد من أعراض المرض حتى يتم التعافي تمامًا، بأجواء من الخدمات الطبية الشاملة والدقيقة، علاوة على ما يتوفر بالمركز من ملاعب رياضية والمسابح وغرف اللياقة وصالون الحلاقة، وله حرية ارتداء الملابس، إضافة إلى غرف اللقاءات الجماعية المتوفر بها تلفون داخلي ودولي.
وقد تفاجأت بأن هناك تلفزيونًا متاحًا فيه جميع القنوات، وربما لا أستطيع أن أصف مدى الاهتمام الكبير بالجانب النفسي للمستفيدين، والذي لا أتصور أنه بعد أن يقدم له جميع الخدمات والإمكانيات التي شاهدتها أن يفكر بالعودة إلى الطريق الضال، وأن يتأثر أفكار منحرفة خبيثة ولا أساس لها أو حتى يفكر مجرد التواصل معهم أو الاقتناع بما يمررونه من تغريدات مسيئة للوطن وبقيادته أو مقاطع اليويتوب الخادعة، فهو أمام مقارنة بين من أراد به الهلاك والضياع وبين من أراد له السعادة والكرامة والحياة الهادئة، وفي نفس الوقت أتصور أنه بعد أن عاش فترة العلاج بالمركز أدرك تمامًا بأن من كانوا يغررون به هم أعداء الوطن بالفعل، وأن الوطن مستهدف وأبناؤه كذلك، والتدمير والشتات غايتهم، وأن التلاعب بمصطلحات الجهاد والكفاية والنصرة وغيرها هي كلها كاذبة وبعيدة عن الدين؛ فهي مجرد دغدغة للعواطف وإثارتها من جانب معين، وإلا لماذا لا يستخدمون أبناء بلادهم لتحقيق غايتهم الخبيثة؟!
فلذلك المستفيد يدرك من خلال مركز المناصحة هذا الأمر، وقد لفت أسماعي من المختصين بشأن مقر سكن المستفيدين الشامل من غرف وقاعات تدريب وغيرها بأنني لم أسمع وصفها بعبارة (غرف الموقوفين أو النزلاء أو المساجين أو العنابر)، بل يطلقون عليها شاليهات.. حفظ الله الوطن وقيادته، ودمت يا وطن الأمن والأمان.