الوعي يسبق العقاب

الأربعاء ٣ فبراير ٢٠٢١ الساعة ١:١٣ مساءً
الوعي يسبق العقاب
بقلم: عبدالله بن مترك

“رُب ضارة نافعة”.. لا أدري لماذا قفز هذا القول إلى ذهني وأنا أتابع تفاصيل الحملة التي أطلقتها المملكة لتعزيز التقيد باحترازات فيروس كورونا المستجد، تلك التي دخلت في قيلولة دون أن ندري، وسط حالة من التراخي والاطمئنان غير المبرر، والاعتقاد بأن الجائحة تلوّح لنا بعلامة الرحيل النهائي.

الحملة التي انتشرت أخبارها في مناطق المملكة كافة خلال الأيام الماضية، كانت قوية وشاملة، شاركت فيها جميع مؤسسات الدولة، وتحت إشراف أمراء المناطق والوزارات، ما يؤكد أن الأمر جاد ومهم، ويحتاج إلى أن نكون على قدر المسؤولية.

أقول وأردد أن الأمر حتى هذه اللحظة لا يبعث على الخوف والقلق، ولا ينذر بعواقب وخيمة، إذا ما بادرنا بحماية أنفسنا والمجتمع مما وقعنا فيه خلال الأسابيع الماضية من تجاوزات، ليس أولها عدم الالتزام بارتداء الكمامات طول الوقت، والتقارب الجسدي، وليس آخرها إقامة المناسبات الاجتماعية واللقاءات العائلية دون حذر، والسلام بالأيدي والتقبيل والأحضان، والتكاسل عن غسل الأيدي.. إلخ

علينا أن نعترف بأننا ارتكبنا هذه المخالفات بأمزجتنا، ونحن في كامل قوانا العقلية، هذه المخالفات آن لها أن تتوقف في التو واللحظة لحماية أرواحنا وأرواح من نُحب، ولا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى التشديد والتحذير من المسؤولين، فنحن أناس عقلاء وعلى علم ودراية بخطورة الموقف، ولابد أن تخرج مبادرات الوقاية منا نحن ولا ننتظرها من الجهات الرسمية.

ودعونا نتعلم من مما حدث في الماضي، وأعني بذلك ألا تكون الحملة الإعلامية الحالية قاصرة على علاج سلبيات الأزمة الطارئة، ممثلة في زيادة أعداد المصابين يوميًا، وإنما يجب أن يكون هدف الحملة تربية جيل جديد، لديه الوعي الكافي، والثقافة اللازمة، والقدرة على علاج أي سلبيات دون توجيه أو إرشاد أو حطي تحذير من عقوبات صارمة، هذه العقوبات قد تقذف الخوف في نفوسهم ضعفاء النفوس، وتجبرهم على الالتزام “شكلياً”، ولكنها لا تدفعهم على الالتزام النابع من الاقتناع، وهذا ما يجب أن تلتفت إليه الجهات الرسمية، وتدرك أن الوعي لابد أن يسبق العقاب.

ما أؤمن به أن مجتمعنا السعودي لديه الكثير من الوعي، ولكنه يحتاج إلى خطة إعلامية لإنعاش هذا الوعي على طول الخط، وليس في أوقات الأزمات، هذه الخطة لا يقتصر تطبيقها على وسائل الإعلام المختلفة، وإنما لا بد أن تشترك فيها جميع منظمات المجتمع المدني، ويشارك فيها المواطن العادي بشكل أو بآخر.

أعود إلى ما بدأت به، وأؤكد أن ما يحدث من رفع حالة التأهب لمواجهة فيروس كورونا خلال الأيام الماضية، هو ضارة نافعة، ربما بكون فيه فائدة كبيرة وعظيمة لإعادة النظر في سياستنا وبرامجنا في التعامل مع الجائحة، فإذا كان المواطن أو المقيم قد تراخى في تنفيذ احترازات الفيروس، فإن وسائل الإعلام هي الأخرى قد تراخت، ودعونا من هذا المنطلق أن ننهض بالخطة التي تعالج الأزمة، لإيجاد أجيال الوعي والحرص والالتزام، دون تحذيرات وعقوبات.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني