لِكَي تفهم نفسك أكثر

الجمعة ٤ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٣:٥٨ مساءً
لِكَي تفهم نفسك أكثر

أحار في نفسي، أبحث عنها، أريد أن أعرفها على الواقع الصحيح غير المشوش والمدلس، أريد أن أعرف حقيقة من أنا، حتى أتوجه الوجهة الصالحة التي تناسبني، فلا أكلف نفسي فوق طاقتها، ولا أهضم مع ذلك حقها وميزاتها.

عندما يسأل الإنسان عن ذاته ويحاول اكتشافها قد يشعر بالدوار والتعب، ومع ذلك قد لا تتأتى له النتائج التي يتطلع إليها، ويبقى بعد ذلك في دوامة السؤال والبحث التي لا نهاية لها، مع أنه على السطح ظهرت بعض الأساليب الحديثة لاكتشاف الشخصية والتعرف عليها من خلال الإجابة على عدد من الأسئلة، إلا أنني أُأكد أنه سيبقى البحث مستمراً عند بعض الشخصيات، التي لن تقتنع ولن تكتفي مهما ظهر لها من طبيعتها.

لعلي أضيء هذا الجانب مما تهيأ لِي من أفكار وقناعة، ولكن في البداية يجب أن نتفق بأن النفس البشرية أعقد من يفهمها عقل الإنسان، ولكنها مع ذلك لا تستعصِ في بعض جوانبها على الفهم.

إن النفس البشرية تُفصح عن ذاتها من خلال ثلاث مناطق متفاوتة في الوضوح:
(1) المنطقة البيضاء: وهي المكشوفة سلفاً، ولا تحتاج إلى أي جهد لاكتشافها، وإن أي محاولة لذلك هو من قبيل الاطمئنان، ليس أكثر.
(2) المنطقة السوداء: وهي المنطقة التي تستعصِ على الفهم، مهما بذلنا من جهد ومحاولات في سبيل ذلك، فهي تبقى في علم الله وحده، وهذا من دلائل عظمة الله وقدرته.
(3) المنطقة الرمادية: وهي التي وسط بين المنطقتين البيضاء والسوداء، فلا هي واضحة كل الوضوح، ولا هي غائبة إلى الأبد، وإنما يجدي معها البحث نفعاً، ونَصلُ معه إلى نتيجة. والمنطقة الرمادية يمكن أن نقسمها هي الأخرى إلى قسمين: رمادية فاتحة، وأخرى غامقة، فأما الفاتحة فهي التي يمكننا الوصول إليها وفهمها دون الحاجة إلى التجربة واقتحام الواقع، فوسائلٌ كاستشفاف أراء المقربين وانطباعهم عني، يمكن أن تعطي دلالات لطبيعتي ومن أكون، وكذا التفكير والتأمل في الذات، عادةً ما يجلب معه قدراً لا يُستهانُ به من المنفعة والفائدة في ذلك، على أنه ينبغي علينا التنبه إلى أنه يمكن أن نكون في المنطقة الرمادية الغامقة التي لا ينفع معها التفكير، وإنما تحتاج فوق ذلك إلى التجربة، فالتجربة وحدها هي التي يمكن أن تضيء هذه المنطقة وتكشف خباياها.

وفي سبيل الوصول إلى غايتنا في فهم ذَواتنا ينبغي أن يكون صلاح النية وسلامة المقصد هو زادنا الأول في هذه الرحلة، لأننا أمام مهمة من أصعب المهام التي يمكن أن توكل إلى إنسان، وأن التدرج هو الأمر الذي لا مفر لنا منه في سبيل الوصول إلى غايتنا، إذ أن الحقائق لا تأتينا دفعة واحدة، ولكننا نستلهمها على الأحرى قطرة قطرة.

إن الجدوى المتوقعة من كل ذلك هي التي تدفعنا دفعا إلى البحث والاكتشاف، في عصر يموج بآلاف التخصصات، ويسحب البساط شيئا فشيئا من تحت أقدام كل من ليس له نصيب من ذلك.

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • عصام هاني هبد الله الحمصي

    هل تعلم أن كتاب الله أوضح محاسبة النفس بجلاء تعجز كتب علم النفس الوصول إليها ووضع لنا محظورات ومنعنا من الإقتراب منها ،، ووضع لنا أوامر لضبط النفس 1 ـ المحظورات وهي : السخط ، الشك ، العجله ، القلق ، الكفر ، اليأس 2 ـ المسموحات والأوامر : حسن السمت ، القناعه ، اليقين ، الإيمان ، التقوى ، السكينه ، الثبات ، الرضا ، الذكر ، القنوت ، الإخبات ، الخشوع ، الخشيه ، هل تعلم هل تعلم أن آخر درجه وأفضلها للنفس هي ( المرضيه ) ، هل تعلم أن هناك قصور بالتعليم لحملة الدكتوراه بعلم النفس لعدم معرفتهم بدرجات الطمأنيه النفسيه وكتبهم ومؤلفاتهم علماً بأنها موجوده بكتاب الله وعند معرفتهم لها يدخلون بالإسلام أفواجاً أفواجا ، الحبيب الكاتب علي السبيعي التفقه بالعلوم وربطها بكتاب الله هي النبراس الفعلي لبقاء الإنسانيه وهي عظمة الإسلام ونشكركم لموضوع محاسبة النفس موضوع الساعه لبشر يعيشون مع مهب الريح نافخين بالكير لا يريدو معرفتهم أكثر من التطبع بمغامس ولذة الحياة الفانيه ..

  • عصام هاني هبد الله الحمصي

    هذا الكاتب فوق مستوى التوجيه المعنوي يجب مقاله يتحول الى الجامعات للإستفاده منه .

إقرأ المزيد