لانتهاك الخصوصية.. تغريم شات جي بي تي 15 مليون يورو بينها العربية.. جوجل تدعم 45 لغة جديدة بـGemini متى يكون الكوليسترول الجيد ضارًّا على الصحة؟ ارتفاع ضحايا إعصار شيدو إلى 76 شخصًا في موزمبيق الكويت وعمان يفتتحان خليجي 26 بتعادل إيجابي حالة وفاة و10 إصابات.. تصادم 20 مركبة بالرياض شاهد.. حالة مطرية غزيرة على تنومة نتائج المباراة الافتتاحية لـ الأخضر في كأس الخليج بالفيديو.. حرائق في قازان الروسية إثر هجوم أوكراني بالمسيرات فينيسيوس يغيب عن ريال مدريد ضد إشبيلية
بعد غياب لأكثر من ثلاث سنوات عن الكتابة في الصحف والمواقع، بسبب انشغالات كثيرة على المستوى الحقوقي والأكاديمي التي أجبرتنا على الابتعاد عما كنا نعتاد عليه على مدار أكثر من ثلاثين عامًا من ممارسة المهنة في الكثير من الصحف الجزائرية والدولية.
من جانب آخر لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورها وتأثيرها البالغ، وتحتل مكانة قوية في المشهد الإعلامي، بل تحولت إلى قبلة الكثير من الكتّاب والمثقفين في العالم العربي، الذين صاروا يبحثون عن المختصر من حيث المحتوى وسرعة الوصول والتأثير الكبير في الجماهير التي غلب عليه الطابع التواصلي المنتشر في الزمن الإلكتروني، بدل ذلك التقليدي في الزمن الورقي.
ليس فقط شبكات التواصل التي أخذت وقت الكثير من المثقفين العرب، بل أيضًا مسألة سيطرة الصورة والصوت من خلال المنصات التي وفرت الظهور المرئي والمسموع مباشرة، وذلك عبر ما توفر من خلال العديد من المواقع كاليوتيوب وتيك توك وغيرهما من منصات السمعي والبصري.
هذا من جهة ومن جهة أخرى أيضًا أن القارئ العربي عمومًا صار يبتعد عن المطالعة التقليدية للكتب والمجلات والصحف وحتى المواقع الإلكترونية، وصار يتجه إلى التغريدات والمنشورات القصيرة ومقاطع الفيديو التي تختصر الخبر وتختزل المعلومة في دقائق أو ثوانٍ معدودة.
لهذا نجد أن شبكات التواصل بقدر ما قدمت خدمات في نقل الأنباء والمعلومات والأفكار وسهلت التواصل بين القرّاء وأيضًا بين الكاتب والقارئ وفي الوقت نفسه جعلت نفس الكثيرين لا يحتمل المطالعة الطويلة والتحليلات العميقة.
الأكثر من ذلك أن القارئ نفسه لم يعد ذلك المستهلك الذي يتلقى الفكرة ويهضمها أو يبلعها من دون مضغها، بل صار يصنع الفكرة أيضًا وبينها التي تكون مضادة لما يقدمه المثقفون في العالم العربي.
القارئ العربي عزف لحد كبير عما كان من قبل من مطالعة تقليدية ودراسات عميقة وأفكار جادة، بسبب هذا العالم الذي تحول إلى قرية صغيرة ومع طوفان مواقع التواصل وغزوها للعقول والحقول، جعلت العالم يقفز بسرعة من قرية صغيرة إلى حارة أصغر.
بلا شك أن مواقع التواصل لديها إيجابيات وسلبيات أيضًا، وأحيانًا وحسب الشارع العربي يطغى السلب على الإيجاب أو العكس، لذلك تحرص بعض الدول على تقنين هذه الفضاءات ونشر الوعي الجماهيري لمخاطرها ومآثرها أيضًا، وهو عمل ضروري ومحمود للغاية.
لقد أخذ العالم الافتراضي الكثير من أوقات العلماء والعوام، وجعل النخب في كل المجالات تخضع وتخنع لضغط المتابعين حتى وجد صرنا نرى الكثير منهم للأسف الشديد يكتبون ما يريده المتابع، وليس المتابع يبحث عما يبتغي الكاتب الوصول إليه، وهذا بحد ذاته أفقد النخبة مكانتها وأعطى للغوغاء الكثير من التأثير حتى صار العالم لا يستطيع أن يقف أمام طغيان جماهيرية بعض الأشخاص الذين ينشرون التفاهات ويحرصون على جعل السفاهة هي المسيطرة على الجماهير، وتقودها نحو مواقف صارت تهدد في الكثير من الأحيان الأمن القومي بدول عربية عديدة..
لا يمكن أن أستثني نفسي مما جرى ويجري في الواقع الحقيقي بعد غزو المواقع الافتراضية وسيطرتها على القلم والحرف ووسائل الإعلام، فقد توجهت منذ سنوات إلى القنوات الفضائية سواء بمشاركات في برامج أو حتى تقديم برنامجي الخاص، حيث أتحدث كثيرًا عن الشأن العربي والإسلامي والدولي، والأزمات التي يعرفها العالم عبر محطات مختلفة، غير أنني كنت أجمع حينها بين الكتابة الصحافية والتحليل السياسي عبر مقالات في بعض المواقع والصحف، إلى جانب استغلال شبكات إلكترونية سواء عبر برامج مرئية أو مسموعة لديها وقعها السريع لدى الجماهير، ولكن مع مرور الوقت وفي ظل إعادة تشكيل ذهنية المتابع والمشاهد والقارئ، وصارت الصورة تطغي على الكلمة، والكلمة إن كتبت يجب أن تكون مختصرة عبر تغريدة أو منشور، فالكل يريد المعلومة السريعة والمختصرة مع منافسات إلكترونية شرسة وفي ظل طوفان الشاشات والمواقع والشبكات وغير ذلك..
لذلك توجهت منذ نحو ثلاث سنوات إلى الصورة والصوت فقط وتخليت عن كتابة المقالات، بل عندي عدة كتب أكملتها ولم أجد حتى الوقت لمراجعتها وبعثها للطباعة الورقية وإن كان الأمر هذا أيضًا طغى عليه الكتاب الإلكتروني ومتاجر عبر الهواتف المحمولة وشاشات الأجهزة المختلفة.
بقي الأمر يراودني خاصة بعدما فتحت منصة تويتر المجال لعدد الحروف التي صارت ضعف ما كان عليه الأمر من قبل، ومع تحول هذه المنصة مع مالكها الجديد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك وحوّلها من « تويتر » إلى « إكس » وصار من الممكن نشر مقالات، وهو ما جعل الرغبة تراودني مجددًا وتستفزني لحد كبير وتدفعني بقوة إلى العودة للكتابة الصحفية والتحليلية عبر مقالات تنشر بصفة دورية.
بقي الأمر يختلج في ذاتي حتى تجسد في هذا المنبر بعد تواصل من إدارة « المواطن » التي تشكل منبرًا سعوديًا وعربيًا وإسلاميًا فيه نخبة من المثقفين والكتّاب والأدباء والصحافيين، ويطمح القائمون عليه بالذهاب بعيدًا نحو ما يطمح فيه كل إعلامي يتطلع باحتلال مكانة مرموقة في المشهد الإعلامي العربي والدولي..
لقد وجدت في هذا المنبر الإعلامي المحترم ما يخالج نفسي منذ مدة، ولذلك تقرر أن يكون لي حضور عبر مقال نصف شهري يحلل بعض الأحداث ويناقش الأفكار ويتعمق في تطورات المشهد على الساحة الإقليمية والدولية، ويقدم من عمق التجربة الشخصية ما يخدم الأوطان والمواطنين عبر « المواطن »..
أختتم هذا المقالة الافتتاحية بتقديم الشكر الجزيل لكل القائمين على هذا المنبر الإعلامي الواعد الذي يتناول هموم الجماهير بشتى أجناسها وجنسياتها، ويتماهى مع انشغالات الناس في مختلف الساحات والمساحات، وسنعمل بإذن الله تعالى على تقديم المفيد والنافع الذي يبتعد عن حرف مؤدلج أو حبر مبرمج لا يخدم الصالح العام ولا ينفع الشعوب والأوطان في ظل هذه التحديات الخطيرة التي تهدد البشرية بنزاعات وصراعات، وتحولت بعض الدول إلى مستنقعات الدماء والدموع على حساب أمن الإنسان وأمان الأوطان.
رشيد لكرنبي
بالتوفيق ان شاء الله.