الواحد يضحي!

الأحد ١ سبتمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣١ صباحاً
الواحد يضحي!
بقلم: تركي الدويش

بدأت رحلة تلك العلاقة مع شخص واحد. ثم تطورت وكبرت مثل كرة الثلج المتدحرجة لتصبح مجموعة. ومعها نشأت فكرة اللقاء الدوري، والذي يتنقل في مكانه بين الأعضاء. اختاروا قائداً لهم كطبيعة أي مجموعة؛ ولكن ليس كل من حمل شارة القيادة هو حاملاً لخصائصها!

دارت الأيام وتنوعت اللقاءات فيما بينهم، حتى مر يوم مفصلي على أحد أعضائها، إذ كان منظم اللقاء في ذلك اليوم هو قائدها، وأبلغه صاحبنا بأنه لا يستطيع الحضور بسبب ظروف الدراسة.

خاصةً وأنه كان يتعارض في وقته مع الامتحانات. ولم يحضر وظن صاحبنا أن الأمر سينتهي عند هذا الحد، فلقد قدم عذره الوجيه وتم قبوله. ولكن ما حصل من يوم غد، كان على عكس التوقعات!

وكما قيل بأن الأيام حبلى بالمفاجآت. فقد فاجأه القائد، باتصال وهو يهم بالخروج من أسوار جامعته وبدأ معه بتحية باردة لا طعم لها ولا رائحة! ثم سل سيف كلماته عليه: أنت لا تقدر هذا النوع من الاجتماعات! ولا اللحمة بيننا! وكان لزاماً عليك أن تضحي وتحضر، وفعلك هذا لن يمر مرور الكرام بالنسبة لي!

حاول مجاراته بالحديث ولو بكلمات، فقائده كان يتكلم مثل شاحنة مسرعة قد تعطلت مكابحها! رد عليه بأسئلة: أضحي بماذا؟ بمستقبلي من أجل لقاء دوري؟ من أجل ساعة إن لم أرك فيها اليوم حتماً سأراك فيها من الغد؟ حاول بكل وسيلة يمكن معها إقناعه ولكن دون جدوى!

وما وصل له هو: إقناع سيارتي أسهل عليّ من إقناعه. فكَّر ذلك العضو بعد ذلك الحوار العقيم هل يستمر مع هذه المجموعة؟ بوجود مثل هذا القائد ذي السطحية من الفكر؟ أم يتخذ قراره بالتوقف عنهم فوراً؟ فوقته وصحته ونفسيته وطموحاته أثمن من أن يضيعها مع مثل هذا الإنسان؟ وكان قراره في لحظتها حازماً بالانسحاب دون خط رجعة!

إن مفهوم وكلمة (تضحية) ليست بتلك الوزن الخفيف والذي نستطيع معه سحبها ونقلها وإسقاطها على أي موقف يتماشى مع أهوائنا ورغباتنا دون اعتبارٍ للظروف المحيطة!

ثم إنك إن مررت بمثل هكذا موقف فعليك أن تضع ميزاناً لترى هل ترجح كفة التضحية معك؟ أم تكتشف أن الموقف لا يستحق أن تضحي من أجله.

ومثل هذه الفئة التي تطالب بالتضحية جزافاً لو كان صديقًا مخلصًا لما تجرأ وطالبك بفعل ما يضرك ولقدَّر ما تمر به.

وإني أجزم لك، بأن لو قمت بما يريد ورضخت لمطلبه وتضررت من ذلك؛ فلن تجد منه أي مد يد للعون لأن الأمر في الأصل تضحية غير منطقية ولا يقبلها العقل.

وختاماً، حياتك أنت مَن يملكها ويشكلها! ولو وقعت في شرَك التنازلات لوجدت نفسك تائهاً في بحر الظلمات.

كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني