الشريم القامة السامقة

 في الرياض بدأت شهرته وتجمع الناس يحضرون صلاته بهم في حي الربوة واكتظ المسجد وامتلأت جنباته حتى فاض بهم ، سجلت له تسجيلات التقوى سورة الأعراف ثم ما لبث أن منّ الله عليه بإمامة المصلين في بيته الحرام واعتلاء منبره يخطب ، ويعظ ، ويدرس في مصابيحه ، سريع الدمعة ، قريب العبرة ، يتسم بالخشوع .

 كان واحدا من كوكبة نالت تلك الكرامة العظيمة بمشهد من علماء أجلاء وتزكية منهم ، وثقة به وإخوانه الأئمة ، نالوها بجدارة واقتدار ، ولا ريب أن من يصل إلى محراب بيت الله الحرام ويمتطي صهوة منبره لا يصل إلى ذلك إلا بعد أن يحظى بثقة ولاة الأمر ، وتأييدهم .

 وحين عُيّن الشريم إماما كان بتزكية من رجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ، رضيه ، ومن جاء بعده من إخوانه ورفقائه ممن شملهم فضل الله واختياره لهذا المنصب الرفيع كالشيخ الغزاوي والجهني والمعيقلي والغامدي والقاسم في المدينة والثبيتي في البيتين .

 ولست أريد أن أثبت للناس ما يعرفونه ويشهدون به ، ولست أيضا أريد أن أحيط الشريم وبقية الأئمة بهالة من العصمة وسياج من القداسة بحيث لا ينتقدون ولا يبين خطؤهم إن صدر منهم خطأ ، فهم بشر ، وحسبهم الاجتهاد في بذل الوسع لبلوغ الحق والعمل به .

 وقد كان الرجل إذا حاز فضل الإمامة في البيت الحرام أجلّه الناس ورفعوه فوق أعناقهم ، وهو ما يفعله ولله الحمد عامة الناس في أصقاع الدنيا ، وقد نلت شيئا من هذا بإمامة قصيرة في شهر رمضان ، فوجدت من حب الناس وإجلالهم ما يحير العقل ، ويضغط على النفس لتتقي الله وتكون خيراً مما يظن الناس بها . فكيف بمن أمضى أكثر من نصف عمره إماما في جنبات بيته الحرام !

  وإن المؤمن العاقل ليعجب مما قيل في حق إمام لبيت الله الحرام لأكثر من عقدين ، حافظ لكتاب الله الكريم ، وخطيب مصقع  ، وطالب علم جليل ، مهما بلغت حدة الخلاف معه ، فالخلاف موجود في كل زمان ، لكنّ الاتهام بالخيانة وفساد العقيدة ، والوصف بأوصاف المنافقين والمنتكسين وغير ذلك لا يمكن قبوله ولا الرضا به.

 واتهام أئمة البيت ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخبث وفساد العقيدة  يعني لزاما اتهام من رضيهم ومن زكاهم ومن قدمهم وقربهم ، وإن نبينا ﷺ نادى عدوا له مخالفا له في دينه بعظيم الروم فكيف يصح أن ينادي حافظا إماما قاضيا سابقا بلقب يتضح منه السخرية واللمز!

 إن اعتذار المسيء واجب والأخذ على يده مطلوب وإسكات المتطاول على أعلام الأمة الإسلامية حتم ، حتى يصان جناب القرآن باحترام حملته ودعاته ، وإني والله وأنا أقرأ شيئا من مما كتب  لم أستطع المواصلة ، ولا أملك إلا أن أهمس في أذن الشيخ وأذكره بأن النبي ﷺ قد واجه أشد من ذلك فصبر .

 وأذكر من أساء إلى الشيخ ، وإلى أئمة البيت الحرام ، وأئمة المسجد النبوي الشريف بالله وأوصيه بتقوى الله ، وأذكره بأن المؤمن الحق كما وصفه نبي الهدى ﷺ ليس باللعان ولا الطعان ولا الفاحش البذيء ,  والدعوة بالرفق واللين طُلبت من موسى عليه السلام في دعوته لمن قال { أنا ربكم الأعلى } فكيف بمن يدين بالإسلام ويحفظ كلام ذي الجلال والإكرام ، ويؤم المصلين في البيت الحرام ، ثم يقابل بسوء الظن وبشاعة الاتهام ،  بلا علة ولا دليل! { سبحانك هذا بهتان عظيم } .

• # السامقة
• # الشريم
• # الشيخ-عادل-الكلباني-
• # القامة