طقس غير مستقر في تبوك والشمالية غدًا رئيس الشباب عن صفقة الحربي: بحثت عن مصلحة النادي “الفريق خسر فنيًّا”.. المنجم يكشف كواليس انتقال تمبكتي للهلال المجلس العسكري في مالي يقيل رئيس الحكومة بسبب انتقاداته مصادرة أكثر من 20 ألف رتبة وشعارات عسكرية بالرياض وغلق محلين العرب والنجوم علاقة وجود وحياة الجنيه الإسترليني ينخفض مقابل الدولار ويرتفع مقابل اليورو مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق تعاملاتها على استقرار هل إغلاق سخان المياه أثناء الاستحمام ضروري؟ كيف استعدت أمانة الشرقية لموسم الأمطار؟
كثيرا ما يجري الحديث عن الأمن القومي العربي، وقد بلغ الأمر منتهاه في السنوات الأخيرة، وصار يشغل بال الحكومات والنخب والمؤسسات والهيئات والشعوب في هذه الظروف التي يمر بها العالم العربي والإسلامي،،
مما لا شك فيه أن قضية الأمن القومي مطروحة بأشكال متباينة ومختلفة منذ عهود طويلة، ومن فترة إلى أخرى تختلف المفاهيم على حسب التحديات القائمة، فالأمن والاقتصاد هما ركيزتان أساسيتان وقد قرن الله تعالى بين « الأمن من الخوف » و « الإطعام من الجوع » في سورة قريش، مما جعل الكثير من المفكرين عبر التاريخ يعتبرون أن الأمن والغذاء هما أهم ما يجب توفيره للإنسان في أي زمان وبأي مكان.
لسنا بصدد الحديث عن أهمية الأمن القومي فهو فطري في الإنسان ولا يحتاج لتنظير كبير، فالأمر واضح بيّن لدى الجميع، لكن ما يهمنا في هذه الظروف الصعبة للغاية أن نتحدث عن ما وصل إليه حال الأمن القومي في الدول العربية والإسلامية التي في عدد منها تعاني من صراعات ونزاعات وحروب حتى صار الدم العربي والإسلامي لا يساوي عدد الحروف التي تكتب بها الأخبار العاجلة في الفضائيات التي بينها من أصبحت أدوات هدم وليست بناء، فقد تحولت من ممارسة مهنة الصحافة إلى دور آخر خرب العقول بأفكار الفوضى الهلّاكة وخرّب الحقول بحروب أهلية فتاكة..
السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح:
كيف هو حال الأمن القومي العربي؟
قبل الجواب حول ذلك يجب أن نبحث عن تعريف لهذا الاصطلاح الاستراتيجي المهم، ومن خلال هيئات تجمع العالم العربي وفي مقدمتها- مثلا – جامعة الدول العربية، حيث إنه لم يشر ميثاقها الذي تمّ وضعه في 1944، إلى مصطلح الأمن وإن كانت المادة السادسة تحدثت عن العدوان على أي عضو من دولة خارجية، كما تم توقيع معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في عام 1950 لكنها لم تخرج عن إطار ما ورد في الميثاق ولم يتم ذكر الأمن أصلا.
وأول ما ظهر مصطلح « الأمن القومي» كان في قمة عمان لعام 1980 وذلك عبر وثيقة تتعلق باستراتيجية العمل الاقتصادي المشترك، معتبرًا أن « الأمن القومي ضرورة مصيرية جديرة بكل الجهود والتضحيات اللازمة ».
استخدام مصطلح « الأمن القومي العربي » كان في قمة عام 1996 التي انعقدت في العاصمة المصرية، وقد جاء في سياق الحديث عن ارتباطاته مع مواجهة التحديات التي تهدد سيادة الدول العربية ووحدة أراضيها ومواردها الطبيعية.
وأيضا في مسألة علاقته مع الأمن الوطني. كما جرى التأكيد على ضمان الأمن القومي العربي بمعناه الشامل هو أفضل سبيل للحفاظ على كيان الأمة العربية وحماية مصالحها. وبعد ذلك تردد هذا الاصطلاح في عدة قمم عربية ولم يظهر في أخرى.
لجنة الشؤون الخارجية والسياسة والأمن للبرلمان العربي، وضعت تعريفًا للأمن القومي العربي، واصفة إياه بأنه « قدرة الأمة العربية فى الدفاع عن نفسها وعن حقوقها، وصون استقلالها وسيادتها على أراضيها، ومواجهة التحديات والمخاطر من خلال تنمية القدرات والإمكانات العربية فى المجالات كافة، وفى إطار وحدة عربية شاملة، آخذا فى الاعتبار الاحتياجات الأمنية القطرية لكل دولة بما يخدم مصالح الأمة العربية، ويضمن مستقبلا آمنا لأبنائها، وبما يمكنها من المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية ».
يظهر من خلال ما تقدم أن مفهوم « الأمن القومي العربي » هو دفاعي ووقائي، انطلاقًا من معطيات ترتبط بجوانب كثيرة سواء ما تعلق بالأمة وهويتها وتحصين أوطانها، وحماية المواطن العربي من الإقصاء والتهميش والفقر والأمية والأمراض والأوبئة وضمان حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعلوماتية وغيره.
شمل « الأمن القومي العربي » العديد من المستويات، تبدأ من الأمن القطري الذي يعني الجانب الخاص بكل دولة عربية وفي اطار حدودها السياسية والترابية،
وهناك مستوى يمكن وصفه بالأمن الشبه الإقليمي، وهو ما يتعلق بعدد من الدول العربية المتجاورة في إطار الوطن العربي، ونذكر في هذا السياق مثلاً دول مجلس التعاون الخليجي.
أما المستوى الثالث وهو الأمن الإقليمي وهو ما يتعلق بأمن كل الدول في المنطقة العربية، ويأتي في سياق المفهوم الشامل للأمن القومي العربي.
نظريات الأمن عموما والعربي بصفة أخص، لديها مرتكزات مهمة لا يمكن تجاوزها أو الاستغناء عنها، وتتمثل أساسا في وحدة العالم العربي، والبداية بالجغرافية على امتداد القارات التي تتواجد بها الدول العربية، ثم الوحدة في القيم الحضارية والتراث والهوية المتمثلة في الدين واللغة والتاريخ المشترك والتقاليد والثقافات والعادات والتشريعات وغيره.
أيضا ما يشكل قوة ارتكازية أساسية في الأمن القومي العربي، هو التكامل بين الدول العربية من الناحية الاستراتيجية، فكل دولة تتمتع بامتيازات معينة سواء من حيث الثروات أو المعابر المائية أو الموقع الاستراتيجي، وهي تكمل بعضها البعض بلا أدنى شك، وكل دولة تحافظ على مصالح الأخرى بما يحقق التكامل الاقتصادي بين مصادر الثروات المادية والبشرية للعالم العربي.
للأمن القومي العربي أبعاد منها الاستراتيجي ويفرضه الموقع الجغرافي العربي الذي يتوسط العالم ويشرف على بحار ومحيطات مما جعله يكتسب أهمية كبرى وبالغة تفرض على الدول العربية تأمين هذه المكاسب الجيوسياسية والجيواستراتيجية من أطماع القوى الدولية المتربصة والتي لا تخلو منها أي حقبة من الزمن عبر التاريخ.
هناك أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية واجتماعية وإعلامية وكلها تحدد صيرورة الأمن القومي العربي أمام التحديات التي تتجدد من مرحلة إلى أخرى في ظل تنامي الصراعات والنزاعات الداخلية والجوارية والخارجية مع هذه التحولات الكبرى التي يعرفها العالم.
كما أن التنافس على مصادر الثروة المغرية والصدام القيمي وما يسمى « الحضاري » لدى بعض الدوائر والنزعات الاستعمارية القائمة التي لا تزال تتمدد أو تلك القادمة التي تظهر تباشيرها، كلها تفرض الاهتمام البالغ بأمن العرب على المستوى القطري والمستوى الإقليمي والمستوى القومي وأيضا المستوى العالمي الذي يشكل فيه العرب قوة تفرض نفسها رغم النقائص والأزمات التي تتخبط فيها بعض الأوطان العربية وشكلت هاجسًا لدى الدول المحورية التي تعمل على تصفير الأزمات قدر المتاح والممكن ومنع تصاعدها واحتواء التحديات بطرق ذكية.
هناك بون شاسع ما بين المستوي النظري في قضايا الأمن القومي للدول العربية أو على مستوى البيت العربي، الذي تدرج عبر عقود من الزمن في تحديد المفاهيم، وبين الواقع الحقيقي الآن حيث العالم صار مهددا بحروب تشبه العالمية فضلاً عن حروب أهلية مدمرة تعاني منها العديد من الدول.
كما أن حروب الأوبئة والأسلحة ونشر الفوضى وظاهرة الإرهاب ومفرخة الميليشيات والتنظيمات التي صارت أسلحة فتاكة تستعملها مشاريع معادية للعرب عمومًا لزعزعة أمنهم القومي من داخل دولهم وزعزعة أوطانهم بصفة متتالية، خاصة مع ما يشهده العالم من طفرة غير مسبوقة في مجال الإعلام عبر ثورة مواقع التواصل التي تحولت إلى سلاح فتاك وذي حدين، مع غياب تربية إعلامية في بعض الدول تعلم الأجيال القادمة فن التعامل مع المعلومة وغير ذلك.
بل توجد دول أهملت الجانب التربوي المدرسي وركزت على الجانب القانوني العقابي في مواجهة التحديات الإعلامية وشبكات الفوضى المنظمة التي جعلت من جيوش إلكترونية وسيلة جديدة لغزو العقول الذي يمهد حتميًا لاحتلال الحقول، وهو ما عشناه في بعض الدول التي بدأت بصفحات تدعو للتغيير ثم تطور الأمر إلى مظاهرات مدنية وتطور إلى مواجهات بين الشعب والأمن ووصل في بعضها إلى معارك مسلحة وأشعل حروبًا أهلية حولت هذه الدول إلى حلبة ملاكمة بين قوى مختلفة لديها أطماعها ومزقت جغرافيتها وهناك من تحولت إلى دولة تخضع لميليشيات وتنظيمات إرهابية مسلحة.
الأمن القومي العربي في خطر ويجب مراجعة مفهومه سواء على مستوى القطر أو الإقليم أو الأمة، فالتحديات ستزداد والعالم يشهد تغييرات حضارية وجيواستراتيجية خطيرة، والبشرية تتجه نحو متغيرات تفرض نفسها على الجميع ومن لم يغيّر سيتغير وللحديث بقية.