اجتماع جدة يعكس صعود الجنوب العالمي

الأحد ٢٠ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ٨:٥١ صباحاً
اجتماع جدة يعكس صعود الجنوب العالمي
بقلم : تيان جيانينغ *

تسببت الحرب في أوكرانيا التي استمرت لأكثر من عام في إحداث تغييرات متسارعة في المشهد الدولي، ومن أبرز التغيرات صعود دول الجنوب ودورها المتزايد في النظام الدولي.

إن المملكة العربية السعودية جزء من هذا الاتجاه، اختتم الاجتماع بشأن الأزمة الأوكرانية الذي نظمته المملكة العربية السعودية في جدة ، حيث ناقش ممثلو أكثر من 40 دولة سبل حل أزمة أوكرانيا، يأتي هذا الاجتماع في أعقاب محادثات مماثلة جرت في كوبنهاجن التي شارك فيه آنذاك فقط 15 دولة، ويعتبر له دور مهم كونه يمثل استمرارًا لتلك الجهود وبداية لمرحلة جديدة، مما يعكس الرغبة المشتركة للمجتمع الدولي في التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية من خلال الحوار.

هذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها دولة غير غربية ممثلة في المملكة العربية السعودية محادثات بشأن الأزمة الأوكرانية، وهذا له مغزى إيجابي معين، بعد تحقيق السعودية المصالحة الدبلوماسية مع إيران، ومع تخلصها من عبء حرب اليمن، تتجه بثقة أكبر نحو المسرح الدولي.

سواء كان الصراع في السودان أو أزمة أوكرانيا، تسعى السعودية من خلال أداء دور وسيط في تسوية النزاعات الدولية، لذلك تشارك السعودية في الشؤون الدولية على نطاق أوسع وأعمق، وتعزز نفوذها الدولي، وتسعى جاهدة لتحقيق الازدهار الوطني.

بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، لم تنحز العديد من دول “الجنوب العالمي” إلى أي جانب، ولم تنحنِ لضغوط الولايات المتحدة وانضمت إلى معسكر إدانة ومعاقبة روسيا، وهذا يمثل بداية التخلص من سيطرة القوى الكبرى على معظم الدول النامية وإعادة تموضع مكانتها ودورها الدوليين، في سياق الأزمة الأوكرانية، حافظ “الجنوب العالمي” على الاستقلال الدبلوماسي والاستقلال الاستراتيجي، وشق طريقًا وسطًا، وسرع من صعوده كقوة سياسية جديدة في العالم.

تتبنى دول “الجنوب العالمي” وجهات النظر الموضوعية تجاه الصراع بين روسيا وأوكرانيا، استنادًا إلى الحقائق والتاريخ، ومن منطلق الحفاظ على الاستقلال والمصالح الوطنية، حتى الآن، تم تقديم تقريبًا جميع الحلول السلمية للصراع بين روسيا وأوكرانيا من قبل دول نامية، ويبرز الوساطة الدبلوماسية لدول “الجنوب العالمي” مثل الصين والسعودية ودول إفريقيا قوة قوى السلام لدى هذه الدول.

تعد مشاركة الممثلين الصينيين جانبًا هامًا من هذا الاجتماع، ترجع مشاركة الصين في الاجتماع بدعوة من السعودية إلى العلاقة الطيبة بين الصين والسعودية من جهة، ومن جهة أخرى أن الصين تنظر إلى الاجتماع بموضوعية وتؤكد بشكل كامل أهميته الإيجابية، كان موقف الصين تجاه الأزمة الأوكرانية ثابتًا ويدعم جميع الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز الحل السلمي للأزمة الأوكرانية، خلال الاجتماع، قدمت الصين اقتراحًا من 12 نقطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا عن طريق “وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات”.

ويأتي هذا الاقتراح استنادًا إلى وثيقة الموقف الصيني التي تم نشرها في فبراير من هذا العام، والتي تتناول الحلول السياسية لأزمة أوكرانيا، ويتسم هذا الموقف بالبناء وتقديم مسار واضح لحل الأزمة، مما يعكس موقف دولة كبرى مسؤولة.

بعد الاجتماع، صرحت وزارة الخارجية الصينية أن الجانب الصيني أجرى اتصالات وتبادلات مكثفة مع الأطراف المشاركة، وأوضح موقف الصين ومقترحاتها، واستمع إلى الآراء والنصائح من الأطراف المختلفة، كما عمل من أجل التوصل إلى المزيد من التفاهمات المشتركة بشأن التسوية السياسية لأزمة أوكرانيا، وأُشيدَ بدور الصين الإيجابي في تعزيز محادثات السلام على نحو كامل.

إن المشاركة النشطة للبلدان النامية في الشؤون الدولية لها أهمية كبيرة في تعزيز بناء عالم متعدد الأقطاب وتطوير تعددية الأطراف.

التركيز على التنمية الاقتصادية، والحفاظ على الاستقلال والاستقلالية، وتعزيز الوحدة قد أصبحت توافقًا بين الدول النامية، باعتباره الاتجاه الأكثر بروزًا للتغيير في النظام الدولي بعد الأزمة الأوكرانية، فإن صعود بلدان الجنوب سيعزز بناء نظام دولي عادل ومعقول.

*إعلامية صينية من قناة CGTNArabic

T_Jahra@

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني