عقد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان ومعالي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الصحة لقاء هذا اليوم في مكتب سموه، تم فيه مراجعة تقرير اللجنة التي تولت التحقيقات المتعلقة بالحريق الذي وقع في مستشفى جازان العام بتاريخ 13/ 3/ 1437. وفي هذا الشأن؛ فقد أعرب سموه عن تعازيه الحارة لأهالي المتوفين يرحمهم الله؛ سائلاً المولى أن يتغمدهم بعظيم رحمته، وأشاد سموه بشجاعة وتفاني أولئك الذين خاطروا بأنفسهم لإنقاذ المرضى خلال الحادث الأليم شاكراً روح التضحية الكبيرة فيهم.
وقد توصلت اللجنة التي شكّلها سموه للتحقيق في الحادث أنه كان عرضياً، ولا يوجد به شبهة جنائية، وأنه كان نتيجة تماسّ كهربائي بمحيط قسم الحاضنات داخل الدور الأول بالمستشفى.
وقد تَبَيّن أيضاً من التحقيق أن العاملين في المستشفى قد تمكنوا من إخلاء جميع المرضى ممن كانوا في الدور الأول الذي يشمل أقسام: (الحضانة، والولادة والنساء، والعناية، المركزة)؛ إلا أن كثافة الدخان وتصاعده إلى الأدوار العليا قد أدى إلى وقوع الوفيات في تلك الأدوار بسبب الاختناق بالدخان.
ويعود السبب الرئيس لتصاعد الدخان الذي أدى لوقوع الوفيات، إلى وجود أخطاء هندسية في تصميم المبنى وتنفيذه؛ حيث لم توفر قطاعات لعزل الحرائق فوق السقف المستعار، والتي كانت ستحول دون انتقال الدخان من منطقة إلى أخرى.
وكانت العيوب في مواصفات المواد المستخدمة في سقف المبنى، والتي احتوت على مادة الفلين المحشو بين أعصاب السقف الخرساني، قد ساعدت على كثافة الدخان، وكذلك فإن رداءة المواد المستخدمة في تمديدات الأكسجين من أعلى السقف وعدم مطابقتها للمواصفات الصحيحة، أدى إلى ذوبانها؛ مما أجج الحريق. كما ساهم عدم ربط نظام الإنذار عن الحريق بنظام التكييف، إلى استمرار التكييف في العمل، وزيادة انتشار الدخان في المبنى، وتجري مراجعة كل ما يتعلق بإنشاء واستلام المبنى، وستُتخذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاه كل مَن كان له دور في سوء التصميم والتنفيذ.
وتوصلت التحقيقات أيضاً إلى أنه لم تكن أي من أبواب الطوارئ مقفلة أو موضوعاً عليها أي سلاسل، كما تَبَيّن عدم وجود ما يُعيق الوصول إليها؛ إلا أنه تبين أيضاً وجود خلل في أداء بعض أنظمة وأجهزة السلامة في المستشفى؛ كمضخات الحريق، ونظام الإنذار؛ نتيجة لضعف صيانتها والعناية بها.
وقد أعلن معالي وزير الصحة أنه نظراً لما تبين من وجود تهاون في متابعة أمور السلامة من قِبَل بعض المسؤولين في الشؤون الصحية بجازان؛ فستجري محاسبتهم نظامياً على ذلك، وأنه قد أصدر تعليماته بإعفاء مدير عام الشؤون الصحية في جازان من منصبه، وكذلك إعفاءات لمسؤولين آخرين هناك.
وبرغم الجهود البطولية التي أبداها معظم العاملين في المستشفى في أعمال الإخلاء؛ إلا أنه كان هناك تقصير في أداء بعض العاملين في المستشفى خلال التعامل مع الحادث، وسيتم التعامل معهم وفق الأنظمة.
وبيّن التحقيق أن الدفاع المدني قد استجاب للحادث على الفور؛ إلا أن تجاوبهم وفاعليتهم لم تكن بمستوى حجم الحادث، ولم تُطلب معدات إضافية من مناطق أخرى في جازان؛ مما أثّر على سرعة التعامل مع الحادث.
وقد أكد سمو أمير منطقة جازان ضرورة توفير جميع شروط السلامة على أعلى المستويات في مرافق وزارة الصحة؛ بما في ذلك التصاميم الهندسية والنظم والأجهزة وتدريب العاملين، وضمان اتخاذ كل السبل للحيلولة دون تكرار هذا الحادث الأليم.
وكذلك شدد سموه على وجوب الإسراع في تشغيل المستشفى؛ لدوره الهام في الخدمات الصحية بالمنطقة، وأكد أن من الضروري أيضاً توفير الطاقة السريرية اللازمة في هذه المنطقة الغالية من بلادنا، ورفع مستوى الخدمات الصحية فيها.
وشدد سمو أمير جازان على ضرورة تعزيز خطط الاستجابة للطوارئ والكوارث في المنطقة، وتوفير كل متطلباتها؛ من المعدات والتدريب، وإجراء التجارب الافتراضية وغيرها.
وأكد سموه أن إمارة جازان ستزيد من تفعيل مركز الطوارئ الموجود فيها، وطالَبَ جميع الجهات الحكومية المعنية في المنطقة بتوفير أعلى مستويات التنسيق مع المركز. وأكد ضرورة قيام جميع الجهات الحكومية في المنطقة -وفي مقدمتها وزارة الصحة- بتقويم مستوى السلامة في مرافقها، ووضع الخطط لتدارك أي نقص أو خلل قد يكون فيها.
بدوره، أشار معالي وزير الصحة إلى أن الوزارة ستبذل أقصى ما تستطيعه لضمان توفير الخدمات الصحية المناسبة لمنطقة جازان، وأنها عمدت احد المكاتب الاستشارية بإجراء الاختبارات للتأكد من سلامة المنشأة وإعداد المواصفات الفنية المطلوبة خلال 8 أسابيع؛ وذلك لترميم وتأهيل المستشفى بما في ذلك شبكة إنذار الحريق وإطفاء الحريق، وجميع متطلبات السلامة الأخرى؛ للبدء في هذه الأعمال بأسرع ما يمكن. كما سيتم تعيين مدير لإدارة الأمن والسلامة بالمنطقة.
كما أكد الوزير أنه قد قام بزيارة ميدانية مع قيادات المشاريع في الوزارة لتفقد مشاريع المستشفيات في جازان، التي تبلغ سعتها 1050 سريراً، وتشمل: (المستشفى التخصصي، ومستشفى النساء والولادة، ومستشفى الدرب، ومستشفى العارضة)، وقد تم وضع خطة لتسريع إنجاز هذه المشاريع، وتذليل كل الصعوبات ليتم الانتهاء منها في أسرع وقت وعلى أعلى مواصفات السلامة والجودة.
وقد أكد معالي وزير الصحة أن السلامة في المرافق الصحية تأتي في مقدمة أولويات الوزارة، وأنه قد تم تحديد ثلاث بيوت خبرة عالمية معروفة ستقوم بالمراجعة الدقيقة والكاملة لجميع المنشآت الصحية الحكومية بالمملكة؛ للتأكد من سلامتها هندسياً وسلامة نُظُمها، وستكون الأولوية لمنطقة جازان، وسيكتمل المسح خلال 6 أشهر، ويتم بناء عليه تنفذ الخطة التصحيحية. كما سيتم فصل عقود الأمن والسلامة عن عقود الصيانة لكل المنشآت؛ مما سيساعد في النهوض في هذا الجانب.
وبيّن معالي وزير الصحة أن الوزارة مصممة على المضيّ قدماً في برنامجها التدريبي الذي بدأ قبل عدة شهور؛ لتدريب كل العاملين بمرافق الوزارة في خطط الإخلاء والتعامل مع الكوارث الداخلية. وحرصاً من الوزارة على تقديم أفضل الخدمات والتجارب العالمية فيما يخص الاستجابة للطوارئ والكوارث؛ فقد قامت باستقطاب كوادر وطنية ذات تأهيل عالٍ ومتخصصة في مواجهة الطوارئ والكوارث، وستتم -بناء عليه- مراجعة خطط الكوارث، وآلية الاستجابة والإنقاذ والتدريب على ذلك. وسيكون التركيز بشكل خاص على منطقة جازان والمناطق الحدودية. وسيباشر فريق متخصص، تدريبَ الطواقم الطبية والطواقم المساندة التدريب على أعمال الإطفاء والإخلاء والمواد الخطرة والأمن والسلامة الكهربائية في جازان في الأسبوع القادم، بإذن الله.
هذا ويقوم سمو أمير منطقة جازان بتكريم أهل المرحوم إبراهيم القللي الذي ضحى بحياته في سبيل إنقاذ المرضى في المستشفى خلال الحريق، وكان سبباً لنجاة عشرة منهم. ويقوم معالي وزير الصحة كذلك بتكريم ستة من العاملين في وزارة الصحة؛ لما أبدوه من روح الفداء خلال الحادث؛ حيث لعبوا كذلك دوراً أساسياً في إخلاء المرضى؛ بما فيهم أولئك الذين كانوا في أقسام الحاضنات والولادة والعناية المركزة بكل تفانٍ وتضحية، وهم: (أميرة إسماعيل إسماعيل، وأبو القاسم محمد نوحي، وحسن علي الأمير، ونوال علي هاشم، ومها حسين حكمي، ونجود إبراهيم حمود).