المحافظون يقفون أمام الرئيس الإيراني ويريدون تهميشه

معركة تكسير عظام داخل النظام الإيراني بين روحاني والبرلمان

الأحد ٦ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ١١:٤٨ مساءً
معركة تكسير عظام داخل النظام الإيراني بين روحاني والبرلمان
المواطن - ترجمة : عمر رأفت

يُنظر إلى التشريع الإيراني الجديد الذي يطالب المسؤولين بتعزيز تخصيب اليورانيوم في إطار البرنامج النووي المثير للجدل في البلاد، على أنه محاولة لإيذاء المعتدلين وتخريب جهود الرئيس حسن روحاني للتعامل مع الإدارة الأمريكية القادمة.

وحسبما ذكر موقع راديو فردا الإيراني، يأتي القانون- الذي أقره البرلمان في الأول من ديسمبر وصادق عليه مجلس صيانة الدستور بسرعة- وسط صراع حاد على السلطة بعد اغتيال محسن فخري زاده، كبير علماء الطاقة النووية في إيران، في 27 نوفمبر، والذي ألقت طهران باللوم فيه على إسرائيل.

صراع في الداخل الإيراني:

وعارض روحاني مشروع القانون، قائلًا: إنه يضر بالجهود الدبلوماسية، فيما قال مساعدوه: إن المجلس الأعلى للأمن القومي في البلاد هو المسؤول عن الملف النووي وليس البرلمان.

وقال روحاني في اجتماع لمجلس الوزراء في 3 ديسمبر الماضي: “فليتعامل أولئك الذين لديهم خبرة، والذين نجحوا في الدبلوماسية، مع هذه القضايا”.

وقال رئيس الأركان الإيراني محمود واعزي: إن التشريع يهدف إلى منع الحكومة من تحقيق انفراجة بشأن المشاكل التي تعصف بالاتفاق النووي التاريخي الذي وقعته إيران مع القوى العالمية في عام 2015، والذي أضعف بشدة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق في 2018.

وأضاف: “إنهم يهاجموننا باستمرار حتى يتمكنوا من الفوز في انتخابات يونيو الرئاسية لعام 2021”.

بعد ساعات فقط من اغتيال فخري زاده بالقرب من العاصمة طهران، نظم المتشددون احتجاجات انتقدوا فيها التواصل الدبلوماسي للحكومة ودعوا إيران إلى الانسحاب من اتفاق 2015، الذي تفاوض عليه فريق روحاني مع إدارة باراك أوباما.

حتى إن البعض ألقى باللوم على روحاني في مقتل فخري زاده ، قائلين: إنه سمح للوكالة النووية التابعة للأمم المتحدة بمقابلة العالم، وهو ادعاء نفته الحكومة.

بعد أيام قليلة من مقتله، وافق البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون على مشروع القانون المثير للجدل الذي يطالب الحكومة أيضًا بوقف عمليات التفتيش التي تقوم بها الأمم المتحدة للمواقع النووية الإيرانية بحلول أوائل فبراير 2021 إذا لم يتم رفع العقوبات الأمريكية القاسية، مما يمنح روحاني أيامًا فقط للتوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأمريكية الجديدة لبايدن، والتي ستتولى مهامها في 20 يناير 2021.

ويوجه التشريع الحكومة لتخصيب اليورانيوم بنسبة 20% على الفور ويقول: إن المسؤولين الحكوميين الذين يرفضون تنفيذ الخطوات المطلوبة في القانون قد يواجهون العقوبة.

فرصة ذهبية:

ويقول المحلل الإيراني رضا عليجاني: إن مقتل فخري زاده أتاح لخصوم روحاني فرصة ذهبية لتهميش الرئيس الإيراني، الذي يُعتقد أن لديه طموحات في أن يصبح خليفة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، البالغ من العمر 81 عامًا.

روحاني

المتشددون الذين سيطروا على البرلمان في فبراير وسط إقصاء جماعي للمرشحين وأقل نسبة مشاركة في البلاد على الإطلاق، باتوا الآن يضعون أعينهم على الرئاسة.

وقال عليجاني لراديو فردا في مقابلة من باريس: “إنها جزء من محاولة المتشددين للفوز بالرئاسة في إيران والأهم من ذلك تمهيد الطريق للمرشد الأعلى التالي”.

في طهران، قال المحلل السياسي صاحب صادقي: إن تحرك البرلمان له ثلاثة أهداف: وهي إعطاء البرلمان رأي في السياسة النووية للبلاد، ومنع الدبلوماسية بين روحاني وبايدن- الذي تعهد بالانضمام إلى الاتفاق النووي إذا عادت طهران إلى الامتثال الصارم، والهدف الأخير هو السماح للمتشددين بأن يكون لهم الفضل في اتفاق محتمل مع بايدن.

وقال صادقي على تويتر: “الهدف بعيد المدى هو العودة إلى الاتفاق النووي دون أي عقوبات من الولايات المتحدة أثناء رئاسة المحافظين”.

وقال رئيس مجلس النواب محمد باقر قاليباف، القائد السابق في الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) الذي وقف ضد روحاني لمنصب الرئاسة في عامي 2012 و2016 والذي من المتوقع أن يترشح مرة أخرى في يونيو: إن القانون الصارم الجديد يبعث برسالة إلى أعداء إيران مفادها أن اللعبة ذات الاتجاه الواحد انتهت، وأضاف أن ذلك سيؤدي إلى رفع العقوبات الأمريكية التي شلت الاقتصاد.

يحذر الخبراء من أن التشريع، الذي قد يقلل من الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج سلاح نووي، يعقد الدبلوماسية للبيت الأبيض القادم، مضيفين أن التخصيب إلى ما يقرب من 20 في المائة من شأنه أن يؤدي إلى تسريع الأزمة لأنه بحلول تلك المرحلة، فإن تسعة أعشار عمل التخصيب المطلوب للوصول إلى درجة الأسلحة النووية قد تم إنجازه.

بايدن يتعرض لضغوطات:

وقال فيتزباتريك، زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية: إن بايدن يتعرض بالفعل لضغوط لانتزاع امتيازات إضافية من طهران قبل العودة إلى الاتفاق النووي المعروف رسميًّا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

وأضاف فيتزباتريك أنه “إذا اتخذت إيران خطوات استفزازية، فإن الإرادة السياسية في واشنطن لتقديم تنازلات سوف تتبخر، ولكن إذا تحلت إيران بالصبر، فهناك احتمال جيد لكلا الجانبين للعودة إلى الاتفاق النووي في وقت واحد، ثم العمل على أمور أخرى مثيرة للقلق”.

في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز نُشرت هذا الأسبوع، أكد بايدن أنه ينوي العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 قبل معالجة المجالات الأخرى التي تثير قلق واشنطن مع طهران.

فيما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: إنه على الرغم من أن التشريع الجديد سيتم تنفيذه قريبًا، فإنه يمكن التراجع عنه.