بعد تعليق الدراسة واستئنافها إلكترونيًّا كإجراء احترازي

“التعليم” وسط الأزمة.. من المواعيد الرسمية إلى الإتاحة 24 ساعة

الأحد ١٩ أبريل ٢٠٢٠ الساعة ١١:٣٦ صباحاً
“التعليم” وسط الأزمة.. من المواعيد الرسمية إلى الإتاحة 24 ساعة
المواطن - فاطمة نبيل اللبابيدي – آراء ماحي - جدة

جاء الأمر الملكي الصادر يوم الأحد الموافق 13/ 7/ 1441هـ، بتعليق الدراسة واستئنافها إلكترونيًّا، كإجراء احترازي ووقائي للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وتفاعلت مع هذا القرار جميع مؤسسات التعليم بصورة سريعة، حيث جُدولت المحاضرات الجامعية في اليوم التالي لقرار التعليق، وبدأت المحاضرات الجامعية تُبث عبر منصة “البلاك بورد”، وجاءت هذه الاستجابة حرصًا من وزارة التعليم والمؤسسات التعليمية على الطالب وتأكيد حصوله على كافة المخرجات العلمية المطلوبة، ومن زاوية أخرى كان لهذا القرار تبعات أثرت على الطالب وأعضاء هيئة التدريس في عدة جوانب.

حالة الطالب النفسية:

فلا شك أن الأزمة التي تسبب فيها فيروس كورونا أثرت على نفسية الطلاب، فالحالة النفسية للطالب تعتبر من أهم جوانب التنمية الاجتماعية والمعرفية التي تؤثر على عملية التعلم والأداء الدراسي، بيد أن العناية بالصحة النفسية من أوجه مجابهة هذه الأزمة.

وأكدت الطالبة (و. ع) أنها عانت من كثرة التفكير والقلق وتقلبات في المزاج؛ نتيجة الخوف من المجهول وخوفها الدائم من مداهمة الوقت في ظل ضغوط الامتحانات والواجبات المطلوب إنجازها في وقت قصير.

كما أشار الطالب (م .ط) إلى وجود أزمة ثقة بين الطالب والمعلم، تمثلت في إجبار الطلاب على أداء أقسام مغلظة تسيء للطالب؛ ليضمن بهذا عدم مقدرة الطالب على الغش.

مشاكل تقنية:

وعلى الرغم من استجابة الجامعات والكليات في أنحاء المملكة لقرار التحول إلى التعلم الإلكتروني إثر جائحة فيروس كورونا المستجد التي اجتاحت العالم، إلا أن العديد من الطلاب والطالبات واجهوا جملة من المشاكل التقنية التي حدّت من استفادة الطالب من المصادر التعليمية، وأبرز خصائص هذه المشكلات أنه ليس للطالب أو المعلم يد فيها، فهي خارجة عن إرادة الطرفين.

فيما أشارت الطالبة (س. ي)- التي تدرس في إحدى الجامعات السعودية- إلى أنها واجهت صعوبة في الدخول إلى المحاضرات والامتحانات بسبب ضعف اتصال شبكة الإنترنت في المنطقة التي تسكن بها، وأضافت: كنت ولا زلت أواجه هذه المشكلة، كما يحصل أحيانًا خلل في منصة البلاك بورد بسبب الضغط الهائل على الموقع، ولكن من المؤسف أن بعض أعضاء هيئة التدريس لا يراعون هذه الأمور التقنية.

ضغوطات دراسية:

وبعد تطبيق قرار التعليم عن بعد في جامعات المملكة، أصبح الطلاب يعانون من الضغوطات الدراسية الهائلة، فمن ناحية واجه بعضهم مشكلة في التأقلم مع هذه الأوضاع والتقنيات الحديثة، ومن ناحية أخرى أصبحت الواجبات والتكاليف والامتحانات التعويضية عبئًا ثقيلًا على نفوس الطلاب.

فقد أعربت الطالبة (أ. ع) عن قلقها: واجهت ضغطًا كبيرًا في هذه الفترة؛ وذلك لحضوري للمحاضرات الدراسية صباحًا وأدائي للامتحانات مساءً، فأصبحت دائمة الانشغال، منغمسة طوال اليوم في أداء واجباتي الجامعية، ومنصرفة عن حياتي الأسرية.

وأضافت (ف. ع): أداء الاختبارات عن بعد كان كارثيًّا بالنسبة لي، ففجأة أصبحت أسئلة الامتحانات أصعب من السابق، إضافةً إلى تقليص الوقت المحدد لأداء الاختبار وعدم إمكانية الرجوع لمراجعة السؤال السابق بحجة تقليل فرص الغش في الاختبار، وهذا لا يراعي اختلاف القدرات الفردية بين الطلاب.

مشاكل صحية:

تمكن الطلاب من الاستفادة من أدوات التعليم عن بعد خصوصًا في ظل تداعيات الأزمة الحالية، ولكن بطبيعة الحال توجد سلبيات واجهها الطلاب والطالبات إثر استخدام التقنية وشاشات الكمبيوتر لمدة تزيد عن 8 ساعات، يحضر فيها الطالب دروسه ويؤدي واجباته.

فيما أوضحت الطالبة (م. أ) أنها أصبحت تجلس فترات طويلة أمام شاشات الأجهزة سواءً لحضور المحاضرات الدراسية أو أداء الواجبات أو متابعة مستجدات أخبار التعليم في ظل الأزمة الحالية؛ مما سبب لها جفافًا في العين وإرهاق للنظر.

الأستاذ الخارق:

أصبحت المشاكل الصحية والنفسية والتقنية معضلةً يعاني منها الجميع، فهي لم تنحصر على الطلاب فقط، حيث نال أعضاء هيئة التدريس نصيبًا كبيرًا منها، بالإضافة إلى الضغوطات الأخرى والمهام المتعددة التي يتطلب منهم أداءها على مدار اليوم.

كما تسلط الضوء أستاذة في إحدى الجامعات السعودية على أبرز المشكلات والضغوطات التي تمر بها عضوات هيئة التدريس، مشيرة إلى أنها تعلم كم الضغوطات التي تعاني منها الطالبات لكثرة التكاليف والواجبات المطلوبة منهن، ولكن الأمر الذي قد لا يبدو واضحًا لهن هو حجم تلك الضغوطات والأعباء التي تتكبدها عضوات هيئة التدريس، والجهود التي تبذلها الأستاذة لضمان وصول المعلومات المطلوبة للطالبات بشتى الطرق والوسائل الممكنة، والتأكد من تذليل أي صعوبة تؤثر على فهم الطالبة للمادة العلمية، بالإضافة إلى التقارير والمهام الموكلة إليها من قبل إدارة الكلية والتي يجب عليها تسليمها يوميًّا، وبجانب هذه الأمور تعيش الأستاذة حياتها الأسرية التي تحتم عليها القيام بواجباتها كأم وزوجة والاهتمام بشؤونها المنزلية.

كما أشارت مُحاضِرة في إحدى الجامعات إلى أن الضغوط النفسية التي تشعر بها الأستاذات إثر ما تمر به من أعمال متعددة تجعلها في حالة من التوتر والقلق المستمر، والذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى ضعف وتقصير في أدائها، وهذا يجعلها تشعر وكأنها البطل الخارق الذي يتوجب عليه فعل كل شيء في سبيل تحقيق مصلحة ورضا الجميع.

فيما أوضحت أستاذة تعمل في إحدى الجامعات: على الرغم من كافة المحاولات التي تقدمها وزارة التعليم وإدارة الجامعة التي من شأنها تصب في مصلحة الطالب، إلا أننا وللأسف نواجه الكثير من مشاكل الإهمال من قبل بعض الطالبات اللاتي يتخلفن عن دخول المحاضرات والاختبارات، كما يصعب الوصول إليهم والتواصل معهم لمحاولة تعويض نتائج هذا الإهمال الذي يجعل عملية التقييم صعبة.

الجانب المشرق من الأزمة:

حظي التعليم الإلكتروني بعدد من الإيجابيات التي كفلت للطالب استمرار العملية التعليمية في ظل الأزمات، فبالرغم من كل العيوب التي اتصف بها التعليم الإلكتروني إلا أنه تحمل على عاتقه مهمة إيصال المعلومة للطلاب في أسرع وقت ممكن، فلم يتم تجربته من قبل ليتعامل مع أعداد الطلاب الغفيرة في أنحاء العالم الذين تحولوا إلى التعليم الإلكتروني في ليلة وضحاها؛ إذ تفاعل العديد من الطلاب في حديثهم عن إيجابيات التعلم الإلكتروني.

حيث أشارت الطالبة (أ. ع) إلى أن التعليم الإلكتروني تمكن من شغل أوقات فراغها خصوصًا في فترة العزل المنزلي، وأضافت: الذي أعجبني أيضًا في التعليم الإلكتروني هو استمرار التعليم، ففي بعض الدول توقفت الدراسة بسبب الوباء، وأصبح مصير دراستهم مجهولًا.

فيما أعربت الطالبة (ف. ع) عن أبرز المميزات التي عاصرتها في قلب الأزمة قائلة: المواصلات كانت تشكل عائقًا كبيرًا بالنسبة لي؛ وذلك لبعد منزلي من الجامعة، فكان الطريق إلى الجامعة بمثابة سفر طويل، فأعتبر هذه الميزة في صالحي؛ لأنها وفرت عليّ الكثير من الوقت والجهد.

وأضافت: ومن النقاط التي استفدت منها جدًّا هي إمكانية حضور المحاضرات المسجلة، فيمكنني الرجوع إليها عند الحاجة بكل يسر وسهولة.

فيما انعكست هذه الإيجابيات على أعضاء هيئة التدريس أيضًا، حيث أتاح لهم النظام فرصة استخدام تقنيات تحقق للمعلم والطالب أقصى درجات الاستفادة.

ومن جهتها أعربت دكتورة في إحدى الجامعات قائلة: تجربة التعليم الإلكتروني كانت مثمرة وشيقة جدًّا، حيث مكنتني من استخدام الكثير من الأدوات والتقنيات التكنولوجية الحديثة التي ربما أواجه صعوبة في استخدامها أثناء المحاضرات المباشرة، وأضافت: كل ما أفتقده هو التواصل والتفاعل المباشر مع طالباتي.

وبناء على ما سبق فيمكن القول: إنه بالرغم من الصعوبات والمعوقات التي واجهت الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في قرار التحول إلى الدراسة عن بعد، إلا أنه كان القرار الأمثل الذي يضمن استمرارية العملية التعليمية في مثل هذه الأزمة، وأن حكومة المملكة العربية السعودية استطاعت أن تدير الأزمة بصورة فاعلة، وأن تواجهها بصورة إيجابية ومثمرة تضمن فيها مستقبل أبنائها الطلاب وتحقيق مصالحهم.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • اسماء

    تقرير مميز ..

  • عهد الحربي

    سرد صريح متقن سلمت يد من كتب 😻❤️❤️

  • تغريد العمري

    تقرير مفصل وصف جوانب عديده وصعوبات تواجه الطالب من حيث الضغط وعدم مراعاة بعض الاساتذة الكرام.. شكراً لك على السرد المتكامل 👍🏽

  • وجدان الشريف

    سلمتُ يدك على هذا التقرير المجمل والرائع♥️

  • د. علي دقّاق

    شكرًا للأستاذة فاطمة اللبابيدي ، شكرًا للأستاذة أراء ماحي.
    حفظكما الله على هذا التقرير المتوازن و المنضبط.
    أحسنتما بالإشارة إلى السلبيات و الإيجابيات حول التحول للدراسة عن بُعد . و ما يثلج الصدر أن التحول للتعليم الرقمي جاء و تم استيعابه قبل موعده المخطط في رؤية ٢٠٣٠ و هذا بحد ذاته إنجاز كبير تشكر عليه جميع الأطراف بدءًا بوزارة التعليم مرورا بالمعلمين و المعلمات و الدارسين من الجنسين. وهذا يغلب الإيجابيات على السلبيات. و كما يقال:
    رُبّ ضارة نافعة.
    دمتم بود
    د. علي دقّاق

  • محمد العمر

    تقرير جميل

  • غدي

    أحسنتِ 👏🏻👏🏻👏🏻💛💛

  • مها الجيزاني

    جميل التقرير ❤️ من جميع الجوانب

  • شوق الزهراني

    فخوره فيك ، تقرير اكثر من رائع بداية خطوه جميلة وللأجمل يارب سُلمت يداك😍

  • AljaserD

    ماشاء الله تبارك الله 😍
    أبدعتي بالفكرة والكتابة والصياغة، سلمت أناملك

  • رناد باعثمان

    قلب صحبتك ابدعتي ياصحبتي الجميله استمري ربي يوفقك ومنها للاعلى ياعمري

  • الشيماء اللبابيدي

    رااائع واو