دراسة علمية تحث النخب الدينية والقوى الفكرية الأخرى في المجتمع إلى لقاء فكري وطني للتحاور

السبت ١٠ مارس ٢٠١٨ الساعة ٤:٢٢ مساءً
دراسة علمية تحث النخب الدينية والقوى الفكرية الأخرى في المجتمع إلى لقاء فكري وطني للتحاور

أوصى الإعلامي والباحث نايف بن علي آل زاحم بأهمية تفعيل النخب الدينية لدورهم في القضايا الاجتماعية؛ لتعزيز ترابط ووحدة وتماسك المجتمع في مواجهة التحديات المجتمعية في ظل التطور التكنولوجي الهائل، وأن تعمل هذه النخب الدينية على مخاطبة فئات المجتمع بلغة بسيطة ومتداولة، في طرح الأفكار والقيم التي تسعى النخب لبثها وترسيخها بعيداً عن المغالاة في استخدام المفردات اللغوية عند طرح هذه الأفكار جاء ذلك في دراسة علمية تحت عنوان (دور النخب الدينية في توجيه الرأي العام عبر شبكة تويتر) “دراسة تحليل مضمون” قامت على دراسة 7150 تغريدة لعينة الدارسة حصل فيها الباحث على درجة الماجستير في الإعلام بتقدير ممتاز من قسم الإعلام بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وأشادت اللجنة المشكلة من الدكتور بركة الحوشان وكيل كلية العلوم الاجتماعية بجامعة نايف مشرفاً والدكتور عبدالله الحمود أستاذ كرسي اليونسكو للإعلام المجتمعي عضواً، والدكتور مجدي الداغر أستاذ الإعلام عضواَ بالرسالة من حيث مادتها العلمية والتي تعد من الرسائل المتخصصة وذات أهمية في ظل المتغيرات الجديدة.

وأوصت الدراسة بدعوة النخب الدينية والقوى الفكرية الأخرى في المجتمع إلى لقاء فكري وطني للتحاور بشأن القواسم الوطنية المشتركة فيما بينهم، ولتهيئة المناخ لحالة من التجاور والتعايش والسلام الاجتماعي، لوقف الخطاب العدائي التحريضي لدى النخب في مواجهة التيارات الفكرية المضادة لها؛، وأوصت الدراسة على سن قوانين جديدة تجرم خطابات التخوين، وترشُد الخطاب بين النخب الدينية وأطياف المجتمع الأخرى، لتحترم في ظلها قيم التجاور والتعايش السلمي واحترام حق الاختلاف من قِبَل الطرفين، كما أوصت الدراسة النخب الدينية بمضاعفة الاهتمام بقضايا المرأة، وتطوير القيم المجتمعية التي تحفز وتعزز دورها في تنمية وتطوير والنهوض بالمجتمعات، وأن تكون النخب الدينية أكثر اعتدالاً فيما يخص قضايا المرأة، وأن تلتفت إلى احتياجاتها الإنسانية، واقترح الباحث إجراء المزيد من الدراسات المسحية التي تتبع مدى اتساع رقعة تأثير تغريدات النخب الدينية بعد تناقلها، ولاسيما خارج المملكة، وإجراء المزيد من استطلاعات الرأي، لمتابعة ما يطرأ على توجهات المجتمع ورأيه العام من تطورات قد تضر بالصالح العام، وكما أوصت الدراسة أن على النخب الدينية توسيع معارفها لاستيعاب القضايا الاقتصادية والسياسية وغيرها من الشؤون التي كشفت بعض التغريدات عزلتهم عنها وخلطهم كثيراً من الأوراق والمسؤوليات فيها.

وأشار الباحث إلى أن ما تناولته النخب الدينية وما طرحته من قضايا لتوجيه الرأي العام في المملكة عبر تويتر، جاءت وفق نسب متفاوتة حيث شكلت “القضايا الدينية” الغالبية العظمى لطرحهم وذلك بنسبة (67,87%)، ثم جاءت “القضايا الأمنية والعسكرية” بنسبة (13,56%)، وجاءت “القضايا السياسية”، بنسبة (10,78%) ثم “القضايا الاجتماعية”، بنسبة (5,56%) وجاءت “القضايا الثقافية” بنسبة (1,60%). وحظيت “القضايا الاقتصادية” بالنسبة الأقل لما طرحته النخب الدينية وذلك بنسبة (0,60%)، ويتضح أن القضايا الاقتصادية للمملكة حظيت بنسبة قليلة جداً مقارنة بباقي القضايا التي اهتمت بها النخب الدينية.

وعلق الباحث على نتائج اتجاهات النخب الدينية في عرضها للقضايا السعودية المثارة خلال الفترة الزمنية للدراسة حيث شهد طرح النخب الدينية ارتفاعاً في نسبة التأييد بالتوجه الإيجابي في القضايا الهامة والتي تمس الأمن الوطني للمملكة، ويظهر بالتحليل دعم النخب الدينية للمملكة في القضايا التي تهم الرأي العام.

واحتلت فئة “الاعتزاز بالثقافة العربية الإسلامية” المرتبة الأولى بتحليل التوجه الإيجابي للنخب الدينية لتوجيه الرأي العام السعودي عبر تويتر، ثم أتت في المرتبة الثانية فئة “تعزيز الانتماء الوطني”.

أما التوجه السلبي، فقد رصد الباحث عدد من التغريدات توضح حالة الصمت في بعض القرارات من قبل بعض النخب الدينية، ولكن دون الإفصاح عن ذلك صراحة، مثل قيادة المرأة للسيارة، وأيضاً الأزمة القطرية، واتضح موقفهم الصامت من الأزمة رغم التأييد الشعبي لما اتخذته الدولة من قرارات حيال تلك الأزمة.

وتطرق الباحث إلى الاستمالات الإقناعية التي اعتمدتها النخب الدينية لتوجيه الرأي العام عبر تويتر مشيراً إلى أن النخب الدينية قد اعتمدت على الاستمالات العقلية بنسبة أكبر من الاستمالات العاطفية، ويمكن تفسير ذلك بأن التغريدة الواحدة تعتمد في الأدلة المنطقية على أكثر من استمالة عقلية، فقد تشمل الاستدلال بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية معاً. وجاء الاعتماد على “الأدلة الدينية” بنسبة (52,82%) من إجمالي نتائج الاستمالات العقلية، وهي نتيجة منطقية لأن النخب الدينية تعتمد في الرسائل عبر تويتر على آيات القرآن الكريم والسنة النبوية للتدليل على رسائلهم التي تبث للرأي العام، ثم تأتي فئة “رأي المتخصصين” بنسبة (36,77%)، ثم فئة “البرهان المنطقي” بنسبة (10,40%). وجاءت الاستمالات العاطفية في الترتيب الأخير من إجمالي الاستمالات الإقناعية التي استخدمتها النخب الدينية في توجيه الرأي العام عبر تويتر.

ومن خلال التحليل لاحظ الباحث أن أغلب النخب الدينية تستخدم معاني وجمل غير مباشرة في تغريداتها، حيث يصعب فهمها على عامة الجمهور حيث تحمل تأويلات ومعاني قد تكون سلبية أو إيجابية، وقد يكونون حريصين عند طرح آرائهم أن لا تكون بصياغة مباشرة تفهم لدى العامة، بل يستخدم فيها معاني غير واضحة المقصد.

أما فيما يخص أنواع الوسائط التقنية والتفاعلية التي اعتمدت عليها النخب الدينية لتوجيه الرأي العام فقد أكد الباحث أن النخب الدينية استفادت من الوسائط التقنية والتفاعلية واعتمدت عليها لتوجيه الرأي العام عبر تويتر، إلا أنها تفاوتت من شخص لآخر، حيث يلاحظ أن أحد النخب الدينية لم يستفد من أي من التقنيات والوسائط المتعددة التي يتيحها تويتر وكانت التغريدات النصية هي التي أخذت الاهتمام الأكبر من قبله دون الباقين، كونها تنقل الرسائل التي تريد النخب إيصالها للمتابعين.

وحول نسبة المتابعة والتفاعل مع تغريدات النخب وفقاً للجنس جاءت النتائج بتفوق الذكور بنسبة 75% على الإناث التي بلغت نسبتهن 25% في التفاعل مع تغريدات النخب الدينية، حيث لفت الباحث أن تراجع متابعة الإناث أثارت لديه تساؤلات عديدة منها:

ما مدى اهتمام المرأة في السعودية بالشؤون والقضايا الدينية؟ وما موقف المرأة السعودية من النخب الدينية؟ وما موقف المرأة السعودية من القضايا الدينية وما مدى اهتمامها بها؟ وما مدى إقبال المرأة السعودية على المشاركة في قضايا الرأي العام والشؤون العامة وكثير منها يتمحور حول القضايا الدينية لارتباطها بكثير من مشاهد الحياة بل وما تأثيرها المباشر عليها في بلد يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية؟ وبالتالي هل دور المرأة المشاركة في القضايا ذات الصلة بتمكينها ومنحها حرياتها الأساسية كونها طرفاً فاعلاً في ذلك؟ ويتصور الباحث أن هذه التساؤلات تفتح الطريق أمام الباحثين للإجابة عنها في دراسة تركز على هذه المشكلة.

وعلق الباحث على هذه النتائج مؤكداً أن حسابات النخب الدينية الذين شملتهم الدراسة أصبحت بمثابة منصات دعوية حديثة، حيث يستعمل هؤلاء النخب شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة لنشر الدعوة على نحو نشط، ويقومون من خلالها ببث خطاب ديني أيديولوجي.

ولفت إلى أن تغريدات لأحد النخب الدينية جاءت بالمرتبة الأولى بين باقي تغريدات النخب الدينية التي تمثل عينة الدراسة في زمن الدراسة حصلت على أعلى معدل تفاعل من قبل المتابعين لتحقق 8300 إعجاب و17 ألف إعادة تغريد، وبالرغم من هذا التفاعل لم يتم رصد أي رد لهم على المتابعين، مما يوضح عدم قدرة النخب الدينية على التفاعل المباشر مع الأعداد الكبيرة من الرسائل، وخاصة أن كثيراً ما يتشعب النقاش بين المشاركين، ويخرج اختلافاً عن الموضوع الأساسي للتغريدة أو المنشور، وقد يتحول النقاش إلى مهاترات، أو تبادل للاتهامات، والألفاظ الجارحة، كون بعضهم يستخدم عدد من الأعضاء الأسماء والصفات المستعارة.

وبين الباحث أنه ومن خلال رصد حسابات النخب الدينية تبيّن ضعف التفاعل والتواصل بين طرفي العملية التواصلية التي تتم عبر شبكة تويتر، مثل الرد على استفسارات المتابعين أو طلباتهم، ويعزو ذلك إلى أن النخب الدينية في أغلبهم ليسوا هم من يدير الحسابات، حيث يعين البعض موظفين ومكتب خاص للحساب ليكون أكثر احترافية في كتابة التغريدة النصية، واستخدام الوسائط الجاذبة، وضمان التواجد أغلب ساعات اليوم وتسويق للحساب.

وأبان الباحث أن النخب الدينية اتفقوا على استخدام شبكة توتر لترويج مشاريعهم وبرامجهم بالإضافة إلى دعم بعض الجمعيات الخيرية، والبعض منهم استخدمها للترويج التجاري والإعلانات المدفوعة، حيث رصدت الدراسة أحد حسابات النخب الدينية الذين شملتهم الدراسة، إعلان عن مواد استهلاكية وكمالية، واستثمارات عقارية في دول إسلامية، وشهد هذا الإعلان الأخير ردود أفعال غاضبة، وجدال ما بين مؤيد ومعارض، إلى درجة الإساءة في بعض الردود لصاحب الحساب ولم تحظى تغريدته تلك على أكثر من 250 إعادة تغريد، وهذا دليل على عدم رضى المتابعين باستغلال الحساب لترويج إعلانات تجارية، حيث أن المتابعين يهدفون من متابعة شخصية دينية إلى الاستفادة من علمه في مجال الدين مؤكداً أن ذلك أحد أخطر المنعطفات في أداء بعض النخب الدينية على مواقع التواصل الاجتماعي.

إقرأ المزيد