تجد هذا المشهد يتكرر عندما يحقن التاجر الخضراوات والفواكه والدجاج بالسموم والهرمونات لتنمو أسرع وتبدو أروع؛ ليتم بيعها بشكل سريع، فعامل الزمن أصبح مزعجاً ويسبب خسارةً ماليةً، فيجب تسريع هذه العملية حتى يتحقق ربحٌ أعلى في مدة زمنية أقل، في مقابل التكاليف الباهظة التي تُصرف في علاج أمراض مزمنة كالسرطان وغيره بسبب هذه الممارسات.
وعلى صعيد أثر المال على المفهوم القيمي للعلاقات الاجتماعية، في بعض المجتمعات لم تعد القيم الأساسية كالوفاء والصدق والرعاية هي محرك العلاقات وأساس ترابطها، طغى سلوك الفردية والأنانية والطمع على الكثير من البشر في تعاملاتهم، والتفكك الأُسري كان أحد ضحاياها. وهناك حراك ثقافي اجتماعي في أغلب المجتمعات حول غرس مفهوم العمل التطوعي وما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية لتخفيف آثار التشوّه القيمي الذي طغى على المجتمعات.
المال هو وسيلة لتوفير الاحتياجات الإنسانية لممارسة الحياة بشكل طبيعي، ولكن إذا تحول إلى غاية بحد ذاتها فإن المنظومة القيمية للمجتمع ستتجه باتجاه تحقيق هذه الغاية، سواء كان ذلك بطريقة أخلاقية أو غير أخلاقية.
وقد نجح الكثير مِمَن استغل العلوم والمعرفة في سلوك الإنسان والاحتياجات الإنسانية كبعض المتخصصين في علم النفس وعلم التسويق وعلم الاجتماع وأبدعوا في تحويل الفرد إلى مستهلك متلقٍّ يومياً لرسائل تسويقية مضلّلة. خَلقوا احتياجات إنسانية إضافية تجعله في حالةً مستمرةً من عدم الرضى والرفض لوضعه الحالي، حتى يحصل على المال ويشتري بضاعتهم، وبالتعاون مع الذراع التكنولوجي وساحات التواصل الاجتماعي ومشاهير الغفلة والمهرّجين، جعلوا الفرد في حالة ذهنية عجيبة من أهمية إشباع رغبات زائفة وهذا بدافع الجشع لجمع المال سواء بطرق شرعية أو غير شرعية.
القيم هي المحرّك الأساسي لسلوك الإنسان وبناءً على ذلك يتخذ قراراته، وفي العادة تكون مُكتسبه من المجتمع والبيئة التي يعيش فيها الفرد، لذلك هناك دور شبه غائب من قبل الكثير من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين والمشاهير لمعالجة التشوّه القيمي وإحياء روح المشاركة والمبادرة وبناء صورة ذهنية للفرد يكون معيار الرضى بالنسبة له هو الإنجاز والبناء وكيف يترك أثراً جميلاً في من حوله وليس التنافس في جمع المال والسلع.
عبدالله بن باقي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من غشنا فليس منا