أحرج حزب الله بمطالبه الوطنية.. تريث الحريري في الاستقالة يقود قاطرة عروبة لبنان

الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ١١:٢١ مساءً
أحرج حزب الله بمطالبه الوطنية.. تريث الحريري في الاستقالة يقود قاطرة عروبة لبنان

صاعقة حلّت على رأس حزب الإرهاب ومن خلفه نظام الملالي، بعودة الرئيس سعد رفيق الحريري إلى بيروت، واختياره لبنان على كلِّ ما هو سواها، فالرئيس سعد الحريري لم يعدل عن استقالته، كما يتمنى ما يسمى “حزب الله” الإرهابي، لكنه تريث في تقديمها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون.

الحريري يرمي الكرة في ملعب عون:

فرصة جديدة، قدمها الحريري لإعادة الأمور إلى نصابها، راميًا الكرة في ملعب الرئيس عون، مكررًا من قصر بعبدا الرئاسي شرطه الأساسي: “النأي بالنفس”. أما في خطاب “بيت الوسط” فكرر الحريري مصطلح “عروبة” أكثر من مرة، لاسيّما أنَّ الحزب الإرهابي، بسلاحه المنتشر في الشوارع والشرق الأوسط، سعى إلى فرسنة لبنان، عبر اختطاف القرار لصالح طهران، ومعركتها في تصدير ثورة الخميني.

لماذا تريث وليس عدولًا عن الاستقالة؟

القارئ للمشهد السياسي في لبنان، يمكنه أن يرى بتجلٍّ واضح أنَّ تريث سعد الحريري في تقديم استقالته، يأتي للضغط على الأعداء وكسب مواقف واضحة وصريحة لمصلحة لبنان، والقضاء على الميليشيات الإرهابية التي تتحكم بالشعب اللبناني وبمصيره، وليس نتيجة لأي ضغوط سياسية، بل استجابة للوساطات الدولية، بهدف تحييد حزب الله عن السيطرة على مفاصل الدولة بأجندة تخدم إيران على حساب مقدرات الشعب اللبناني.

ويهدف تريث الحريري في استقالته، إلى جمع الصف اللبناني وقطع الطريق على المنظمات الإرهابية لاستغلال الفراغ وإفساد الحياة السياسية في لبنان. كما يعطي هامشًا للتواصل مع كافة الأطراف السياسية وفرصة لتحصين الاستقرار في لبنان، عبر دحر الأجندة الإيرانية المهيمنة على المشهد اللبناني العام، وتحييد حزب الله للانضواء في العمل السياسي.

النأي بالنفس واسترداد بيروت المختطفة من حزب الإرهاب:

ويواصل الحريري، عبر قراره السياسي الحكيم، تكريس المبدأ الذي التزم به، ألا وهو سياسة النأي بالنفس، وتعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على سلامة وأمن لبنان، فضلًا عن أنَّ قراره جاء في إطار حرصه على عمل مؤسسات الدولة، وعدم ترك لبنان وحيدًا مختطفًا من طرف حزب طائفي.

ويمنح تريث الحريري في الاستقالة، الساحة السياسية اللبنانية، الفرصة لمناقشة النقاط الخلافية، التي يقودها حزب الله عبر وضع عراقيل أمام الحكومة، وأخذ التعليمات من النظام الإيراني بهدف تحويل لبنان لبؤرة إرهابية طائفية، إذ جاء قرار الرئيس الحريري حاملًا في طيّاته رسالة لحزب الله بأنَّ الحكومة لن تسمح بالتدخلات وترفض عسكرة لبنان.

إسقاط المغرضين ضد السعودية في فخّهم:

عودة الحريري إلى بيروت، عقب جولة زار خلالها باريس والقاهرة، وبعدها تريثه في الاستقالة، أسقطا الأصوات المغرضة التي زعمت أنَّ الحريري مختطف ورهن الإقامة الجبرية. كما أسقطا الحملة الدعائية المغرضة ضد المملكة، التي ثبت أنها حريصة على لبنان وشعبه.

وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ عودة الحريري إلى لبنان لا تعني عدوله عن الاستقالة بشكل تام، إنما تأجيل الإعلان عنها، والتريث في قراره، إذ إنَّ إصراره عليها، كان سيستدعي إجراء مشاورات جديدة، لاختيار رئيس جديد للحكومة، ومن ثم إعادة تشكيلها، الأمر الذي قد يستغرق شهورًا، بسبب الانقسامات الداخلية، إذ إنَّ القيادات السياسة في لبنان دائمًا مع تبحث عن التوازن بين الطوائف الدينية والسياسية العديدة الموجودة في البلاد، أي أنَّ استقالة الحريري ستربك الوضع السياسي بصورة كبيرة، حيث ينص الدستور على أن يكون رئيس الوزراء مسلم سني، ورئيس الجمهورية مسيحي ماروني، ورئيس البرلمان من الشيعة.

ماذا يترتب على بقاء الحريري في منصبه:

بقاء الرئيس سعد الحريري في منصبه، يحمل الكثير من النتائج، لاسيّما عقب استنهاض الشارع اللبناني، ضد معسكر الشيطان، حيث اشترط الحريري انسحاب الحزب الإرهابي، المدعوم من طرف إيران، من الصراعات الإقليمية في المنطقة، لاسيّما سوريا، من أجل العودة لمنصبه مرة أخرى.

وحدث ما لم يكن متوقعًا، في بيروت الأربعاء، 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، مع تريث الرئيس سعد الحريري في استقالته وحكومته. وبذلك تكون المساعي الدبلوماسية التي دخلت أكثر من دولة على خطها، حمت لبنان من أزمة مفتوحة، وجنبت المنطقة خضة جديدة.

وقد تحققت للحريري عودتان في يوم واحد، إذ عاد إلى بيروت، وعاد عن استقالة اعتبرها البعض نهائية ولا عودة عنها، إذ فاجأ الرئيس الحريري الرأي العام المحلي والدولي بإعلانه التريث في الاستقالة، بعد خلوة عقدها مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، في قصر بعبدا، ليخرج الحريري إلى مؤيّديه، ومعه ضمان الولاء للبنان واستقلاله، وحمايته من الحروب والحرائق وتداعياتها على كل الصعد، وعودة بيروت إلى حاضنتها العربية الحقيقية.

بيت الوسط يرفع صوت العروبة اللبنانية عاليًا:

ولا يختلف اثنان، على أنَّ استقالة الحريري وما ورد من تصعيد في نص الاستقالة، استنهض شارعه من جديد، إذ احتشد اللبنانيّون، منذ اللحظة الأولى لوصول الحريري بيروت، وصولًا إلى التهافت على بيت الوسط (منزل الحريري)، حيث أعلنوا وفاءهم له، وتأييدهم قراره في المواقف كافة.

“بيت الوسط”، شهد على خطاب الحريري الذي أعطى فرصة لحزب الله بأن ينأى بنفسه عن تدخلاته في الدول العربية، واضعًا الدستور واتفاق الطائف والقرارات الدولية على رأس الشروط.

تريّث الحريري بغطاء شعبي، ملأ ساحات بيت الوسط من كل المناطق، مؤكدين أنَّ الحريري ليس بحاجة إلى جرعات دعم من الفريق الأخر فجمهوره يكفي ليؤمن له الغطاء الشعبي، فهو ليس تجمعًا للقول إنَّ “الحريري عاد بخير إلينا”، بل نفس أزرق جاهز لخوض المواجهة السياسية السلمية الديمقراطية في صناديق الاقتراع. فالجمهور نفسه طفح كيله أيضًا وليس أمامه سوى الحريري لإنقاذه.

الثورة على حزب الشيطان:

الحريري، في خطاب استقالته الذي أدلى به من العاصمة الرياض، عقب إحباط محاولة اغتياله في بيروت، شن هجومًا على إيران وميليشيات حزب الله؛ بسبب تدخلهم في الشؤون الداخلية لبلاده، وتسلّطهما على الشعب بغية زرع الفتن والتطاول على سلطة الدولة، حتى أنشأت دولة داخل الدولة، وانتهى بها الأمر أن سيطرت على مفاصلها، وأصبح لها الكلمة العليا والقول الفصل في شؤون لبنان واللبنانيين.

وأشار الرئيس الحريري بكل صراحة ودون مواربة، إلى إيران، التي ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب. يشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن. يدفعها إلى ذلك حقد دفين على الأمة العربية ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها، مبرزًا أنَّ “إيران وجدت من أبناء لبنان من يضع يده في يدها بل ويعلن صراحة ولاؤه لها، والسعي لخطف لبنان من محيطه العربي والدولي، بما يمثله من قيم ومثل، وأقصد في ذلك حزب الله الذراع الإيراني ليس في لبنان فحسب بل في البلدان العربية”.

بتر أذرع طهران في لبنان:

وفي رسالة وجهها الحريري إلى إيران وأتباعها، أكّد أنهم خاسرون وستقطع الأيادي التي امتدت إلى الدول العربية. كما ردت عليكم في البحرين واليمن فسترد عليكم في كل أجزاء أمتنا الغالية وسيرتد الشر إلى أهله، معاهدًا اللبنانيين بالاستمرار في السعي لوحدة اللبنانيين وإنهاء الانقسام السياسي وترسيخ مبدأ النأي بالنفس.