المصاب الجلل

السبت ١١ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٥:٤٥ مساءً
المصاب الجلل

قبل ثمانية أشهر وربما تزيد..

استقبلت منطقة عسير – الجبل والوادي – وصولَ الأمير الشاب منصور بن مقرن بن عبدالعزيز نائباً لأميرها فيصل بن خالد بن عبدالعزيز.. ومع هذا النبأ السعيد بوصول النائب الجديد.. حضرت أولى تفاصيل البدايات الجميلة لمشوار الأمير منصور بن مقرن وهي مثقلة بالطموح والركض والعمل المخلص والجاد..

وانطلقت معه تحريك الراكد من التطلعات والاستحقاقات التي كانت تسكن أنفاس المواطن العسيري منذ سنوات.. !

واستطاع هذا الأمير الشاب أن يقف على أدق تفاصيل الخطط والدراسات والاحتياجات التي ينتظرها إنسان المنطقة وسكانها وزوارها والارتباط مباشرة مع الأجهزة الخدمية الرسمية والمعنية بمشاريع التنمية السياحية والتطويرية وخصوصاً ما يتعلق بالبلديات والطرق والزراعة وهيئة السياحة والتي تعد من أهم روافد منطقة عسير على الصعيدين الاقتصادي والحضاري والذي تشكله وتدعمه جغرافية المنطقة من جمال في المناخ والطبيعة وحافلة ببُعد سياحي لافت وأخَّاذ تجاوزت حدود الوطن صوتاً وقيمة..

وبهذا الاستحضار المهم للأمير – الراحل – لأهمية منطقة عسير كقبلة سياحية واقتصادية كبرى تحتاج إلى المزيد من العمل والتخطيط والنتاج.. فكانت تحركاته الدؤوبة والمتسارعة وكانت زياراته الموصولة تسابق الزمن من أجل استعادة الوهج لمتنزهات عاصمتها – أبها – وغاباتها وطرقاتها وتنمية أريافها ومحافظاتها والتحضير لاستثمار يليق بساحلها البحري والممتد على ضفاف البحر الأحمر من الحريضة وحتى البرك وسعيدة الصوالحة..

ومع هذا الهاجس الذي يتطلع نحوه الأمير الشاب منصور بن مقرن متابعة وإنجازاً.. لم ينس هموم المواطن اليومية بالوقوف على أدق تفاصيلها والمساهمة في حلولها والقضاء على تداعياتها في وقتها.. !

هذا الأمير الطموح – رحمة الله عليه – استطاع وخلال شهور من تحويل الراكد والمستحيل إلى واقع مدهش ومشهود.. ظل ولم يزل حديث المراقبين لأحوال وآمال التنمية في منطقة عسير..

ولعل رحلته الأخيرة في معية وكيل الإمارة سليمان الجريش ومحافظ محايل عسير محمد بن سعود أبو نقطة المتحمي وأمين المنطقة صالح القاضي ومدير الزراعة فهد الفرطيش ورئيس المراسم خالد بن محمد الحميد ومرافق الأمير سعود السهلي وقائد الطائرة النقيب عبدالله الشهري..

في نهار الاثنين الماضي إلى سواحل – القحمة وعمق والبرك وسعيدة الصوالحة – كانت شاهدة على حرصه وحرص المسؤولين من المرافقين والمعنيين بالتطوير للمنطقة كاملة ولهذا الاتجاه البحري على وجه التحديد.. وبتوجيه ومتابعات من لدن أمير منطقة عسير فيصل بن خالد..

كانت واحدة من الشواهد المخلصة بالوقوف على تحويل هذا الساحل البكر إلى منارة حضارية تكتظ بالمشاريع والتنمية والاستثمار التي يحلم بإشراقتها عشاق السياحة في بلدي..

ومع هذا الحلم الكبير لسمو الأمير وبقية معاونيه.. عادوا من الساحل البحري وهم يحملون على أكتافهم طموحاً تنموياً مضيئاً بنقل ساحل عسير البحري نحو آفاق المستقبل الواعد..

وأقلعوا جواً من – هناك – واستداروا شرقاً باتجاه الجبل والعودة لمدينة أبها.. وفي رحلة الصعود وقبيل المغيب كانت الفاجعة الكبرى.. بتوقف الاتصال والتواصل مع قائد الرحلة والتسليم بسقوط الطائرة العمودية والمقلة بسمو الأمير والمرافقين معه في هوة سحيقة بين الغابات والأحراش بجبل ريدة..

حينها تداعت المشاعر الحزينة في فضاءات أبها البهية.. وخيم الصمت المرير طويلاً ينتظر تفاصيل الحكاية الموجعة لعله خبر عابر وغير صادم.. والجميع يدعو الله ويرجوه بأن تكون كل التوقعات سارةً ومطمئنة..

ولكن الخبر اليقين كان صادماً وموجعاً ونازفاً بإعلان وفاة الأمير والمرافقين معه جميعاً، اهتزت معه مشاعر الوطن من الوريد إلى الوريد حزناً وألماً ودهشة..

واستنفرت القلوب والأقدام نحو موقع الحدث الفاجع.. وخيم الحزن والصمت على المدينة والتي ولم تزل حتى اللحظة متثاقلة تعيش هول الصدمة وتداعياتها.. !

رحمة الله على سمو الأمير منصور وكل الذين كانوا في معيته من الرجالات المخلصين والذين تركوا في المحاجز والصدور جرحاً غائراً أبداً لن تمحوه ذاكرة الأيام بسهولة..

ويبقى الأمل مزدهياً يكبر وينمو بتعويض أمكنة الراحلين برجال مخلصين وجادين يستكملون ما كان يحلم به نائب أمير منطقة عسير منصور بن مقرن وما خلفه الراحل محمد بن سعود أبو نقطة المتحمي من أثر ومآثر وعمل مخلص ومشهود في مراكز السودة وطبب ومحافظات رجال ألمع وبيشة ومحايل عسير.. وكذلك ما قدمه الراحلون وبقية المرافقين من عمل وطني صادق وأمين ستخلده ذاكرة المنصفين والمحبين مدى الحياة..

وندعوه في علاه بأن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يجبر مصاب أهلهم ومحبيهم ومصاب الوطن والمواطنين في فقدهم.. وأن يعوضهم في حياتهم الجنة.. إنه سميع مجيب.

شاردة..

يقول الشاعر:

يا كوكبا ما كان أقصر عمره

وكذاك كل كواكب الأسحار.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

إقرأ المزيد