إغلاق جزئي لطريق الكورنيش الفرعي في جدة حتى 4 ديسمبر ضبط 6695 دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع سيناريوهات قتالية في ختام مشاركة القوات المسلحة بـ السهم الثاقب خطة استباقية لسلامة قاصدي بيت الله الحرام تزامنًا مع موسم الأمطار خبراء يبحثون تطورات الطب المخبري بالرياض 22 ديسمبر حريق طائرة روسية يعلق عمليات الهبوط بمطار أنطاليا التركي تعليق الدراسة الحضورية في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام الدراسة عن بعد غدًا في مدارس الليث المدني يحذر: لا تقتربوا من تجمعات السيول لوران بلان: أهنئ اللاعبين على الفوز وبنزيما جاهز للاتفاق
رأى الكاتب د. سعود كاتب، أن الصحافة الرزينة هي تلك التي تسعى دومًا وراء الحقيقة، أما المبالغة في المدح أو الذم فهي علامة واضحة وصريحة على تقديم الصحفي لميوله وعاطفته ومصلحته على الحقيقة وعلى سمعة واحترام الوسيلة التي يعمل بها.
وجاء نص مقاله في صحيفة “المدينة” على النحو التالي:
خلال مشاهدتي لأحد البرامج التلفزيونية الأمريكية، استوقفتني كلمة ضمن عبارة قالها المخرج بغضب للممثل وهي: “overacting”، وترجمتها التي تحضرني هنا باللغة العربية هي “المبالغة في الأداء”. والكلمة هي في الواقع مصطلح شائع ومعروف في مجال التمثيل، ويعتبر من العيوب التي يقع فيها غالبًا الممثل السيئ أو غير المحترف، وينتج عنه التأثير سلبًا على المشهد، وعدم اقتناع وقبول المشاهد له.
ورغم أن هناك الكثير جدًا مما يمكن قوله حول “المبالغة الممجوجة” في الدراما الخليجية، إلا أني في مقالي سأتناول تأثير تلك المبالغة على مجال آخر هام هو الصحافة، والتي أرى أن معاناتها بهذا الخصوص لا تقل عن معاناة “الدراما الخليجية”، وهي معاناة يمكن أن تُفقِد العمل الصحفي مصداقيته ومهنيته وقدرته على التأثير والإقناع.
ويمكن ملاحظة التأثير السلبي للمبالغة المفرطة على الصحافة، وذلك بالنظر إلى الجوانب التالية:
لا خلاف على كون الإثارة في العمل الصحفي أمر مطلوب لكونها تخدم الخبر وتساهم في رواجه وانتشاره، وهي بذلك أشبه ما تكون بالوجبات السريعة junk food مثل الهامبرغر والآيسكريم، التي نعرف جميعاً أنها ضارة للصحة، ولكننا مع ذلك نُقبل أحياناً عليها ونستمتع بها. فالإثارة إذا هي «جنك فود» الصحافة، ووجودها بقدر مناسب ومعقول في الخبر هو أمر مقبول بحدود، في حين أن زيادتها عن الحد المطلوب ينتج عنه تغيير المعنى وفقدان المتلقي لثقته بالوسيلة واحترامه لها. والوسيلة الرزينة المحترفة هي التي تمتلك المهارة لصناعة محتوى يجمع بين الجاذبية والحقيقة، وهي مهارة لا توجد اليوم في زمن هوس المشاهدات والمتابعات، سوى لدى قلة من الصحفيين الحقيقيين المحترمين.
المبالغة في المدح أو الذم هو علامة واضحة وصريحة على تقديم الصحفي لميوله وعاطفته ومصلحته على الحقيقة؛ وعلى سمعة واحترام الوسيلة التي يعمل بها. ولمن يرغب في رؤية أمثلة واضحة على ذلك، فعليه بكل بساطة الولوج إلى عالم صحافتنا الرياضية والتي تجردت (إلا من رحم ربي) من أبسط درجات الحشمة والمهنية واحترام المتلقي.
الصحافة الرزينة هي تلك التي تسعى دومًا وراء الحقيقة، وتتجنب الانحياز والكذب ولي عنق الحقائق. وهنا سيقول البعض بأن «الموضوعية» وهم لا وجود له في الإعلام، وهي كلمة حق يراد بها باطل. صحيح أن الصحفي إنسان لديه ميول، ولكن هذا ليس بأي حال مبرراً لعدم اجتهاده وتحريه بأمانة للحقيقة ونشرها بإنصاف ودون تحيز.
التأطير في الإعلام هو أسلوب يتم من خلاله تقديم موضوع أو قضية بطريقة منحازة، بحيث يتم التركيز على جوانب محددة من القصة مع إهمال جوانب أخرى، وذلك بهدف تشكيل الطريقة التي ينظر بها الجمهور لتلك القضية، والتأثير في آرائهم وتصوراتهم حولها. ووسائل الإعلام التي تعتاد التأطير وتبالغ فيه، تغامر بسمعتها عاجلاً أو آجلاً.
أحد أسوأ الأمور قيام الوسيلة باجتزاء كلام المصدر وإخراجه من سياقه، أو إبراز جزء منه والتعتيم أو حذف جزء آخر. وهذا الأسلوب شائع للأسف، وهو يجعل الوسيلة تفقد مصداقيتها واحترامها لدى مصادرها، وربما رفضهم الظهور معها لاحقاً.
وهو أسلوب مزعج منتشر على الإنترنت، ويتم فيه وضع عناوين جاذبة لا تمثل المحتوى، أو تهوله بهدف زيادة المشاهدات والزيارات. والمحزن هو لجوء وسائل رزينة لهذا الأسلوب كنتيجة للمنافسة الشديدة من شبكات التواصل الاجتماعي. وتكرار ذلك يؤدي حتماً إلى نفور المتلقي من الوسيلة وفقدان ثقته بها.
خلاصة القول هو: إن الرزانة والمصداقية والموضوعية تظل دومًا هي جواهر تاج الإعلام الثمينة، وهي إكسير القوة والحياة الحقيقي له، وذلك بالرغم من محاولات التقليل من أهميتها ومن قدرتها على الصمود في وجه التحولات السلبية السائدة إعلاميًا اليوم.