تسعى لتوطيد العلاقات مع الشرق الأوسط عبر شراكتها مع الرياض

الصين تنظر للسعودية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط وكقوة صاعدة

الإثنين ٢ سبتمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٤ مساءً
الصين تنظر للسعودية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط وكقوة صاعدة
المواطن - ترجمة: هالة عبدالرحمن

تنظر الصين إلى المملكة العربية السعودية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط وكقوة صاعدة، ذات أهمية استراتيجية في العالم المتعدد الأقطاب الناشئ، لذلك تسعى إلى توسيع علاقتها بالشرق الأوسط عبر بوابة الرياض.

أهمية السعودية لبكين

وبالنسبة للصين، تُعَد المملكة العربية السعودية دولة إسلامية مؤثرة، ويشكل تأييد المملكة أهمية بالغة بالنسبة لبكين للحصول على الدعم الدولي من الدول الإسلامية الأخرى، بحسب تقرير موقع link.springer.

وقال التقرير تحت عنوان “جهود الصين لتعميق علاقاتها مع دول الشرق الأوسط”، جاءت الرحلة التي قام بها الرئيس شي جين بينج إلى المملكة العربية السعودية في ديسمبر 2022 بعد وقت قصير من فوزه بولاية ثالثة كزعيم أعلى للصين في المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أواخر أكتوبر 2022. كما تمثل واحدة من أولى رحلات الزعيم الصيني الخارجية للدبلوماسية رفيعة المستوى بعد انقطاع دام ما يقرب من ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد-19 العالمية.

استراتيجية الصين لتعميق علاقاتها مع العالم النامي

وكانت هذه الزيارة الثانية للرئيس شي إلى المملكة العربية السعودية منذ عام 2016. وتشكل زيارة الرئيس شي إلى الرياض جزءًا من استراتيجية الصين لتعميق علاقاتها مع العالم النامي، وسط إعادة تنظيم الولايات المتحدة مع حلفائها وغيرهم من الشركاء ذوي التفكير المماثل في ظل إدارة بايدن.

وكجزء من استراتيجية المملكة العربية السعودية العالمية، وتوسيع علاقاتها مع دول أخرى بالإضافة إلى الولايات المتحدة، يسعى القادة السعوديون إلى إقامة علاقة استراتيجية واضحة مع الصين، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

حجم التجارة الثنائية بين البلدين

وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة العربية السعودية 87.31 مليار دولار أمريكي في عام 2021. وأصبحت الصين بالفعل أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، وأكبر مستهلك للنفط والمنتجات البتروكيماوية السعودية.

وتتوقع كل من بكين والرياض مواصلة التنمية الاقتصادية المحلية المستمرة من خلال تنويع اقتصاداتهما وعولمتها. وخلال زيارة الرئيس شي التي استمرت ثلاثة أيام إلى الرياض، وقعت الدولتان “اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية”، و”البيان المشترك بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية”. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع سلسلة من الاتفاقيات التجارية الثنائية بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار أمريكي، على الرغم من أن هذه الاتفاقيات غير ملزمة.

تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بكين والرياض

ولا شك أن هذه الاتفاقيات ستعزز العلاقات الاقتصادية بين بكين والرياض وتقرب المملكة من دائرة مبادرة الحزام والطريق الصينية. ومن بين هذه الاتفاقيات، اتفاقية بين شركة سومو السعودية وشركة إينوفيت موتورز الصينية لبناء مصنع للسيارات الكهربائية في المملكة بسعة تصل إلى 100 ألف سيارة سنويًا. وفي البيان المشترك بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية، الذي وقعه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والرئيس شي في ديسمبر 2022، أكدت الدولتان أنهما ستواصلان دعم المصالح الوطنية الأساسية لبعضهما البعض بقوة، ودعم بعضهما البعض في حماية السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية، بما في ذلك تايوان. ومن أجل تنسيق تنميتهما، اتفقت الصين والمملكة العربية السعودية على أن يعقد زعيماهما اجتماعات نصف سنوية.

وعلى خلفية النمو الاقتصادي الصيني والطفرة في صناعاتها التحويلية الموجهة للتصدير على مدى العقدين الماضيين، زادت مطالب الصين على النفط والغاز والسلع الأخرى بسرعة، ووفقًا لبيانات الجمارك الصينية، ارتفعت واردات الصين الإجمالية من النفط الخام إلى 542.39 مليون طن في عام 2020 من 335.5 مليون طن في عام 2015، على الرغم من انخفاضها قليلاً في عام 2021 بسبب جائحة كوفيد-19 والإغلاقات المحلية وإغلاق المصانع في مناطق معينة في الصين.

أكبر مصادر النفط للصين

وتستورد الصين سنويًا كمية كبيرة جدًا من النفط لتلبية الطلب الاقتصادي المحلي، من مجموعة متنوعة من البلدان. وفي عام 2021، بلغ إجمالي إنفاق الصين على واردات النفط الخام 257.3 مليار دولار أمريكي، مقارنة بالرقم المقابل البالغ 134.5 مليار دولار أمريكي في عام 2015. ولدعم التصنيع المحلي والنمو الاقتصادي، يتعين على الصين أن تنفق بكثافة على واردات الطاقة بسبب عدم كفاية إمداداتها المحلية. في الواقع، كانت الطاقة ثاني أكبر وارداتها من حيث القيمة بعد أشباه الموصلات (الرقائق).

وفي عام 2021، كانت خمس دول عربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والعراق وعمان والإمارات العربية المتحدة والكويت، من بين أكبر 10 مصادر للنفط الذي يتم تصديره للصين. وزودت الدول العربية مجتمعة الصين بـ 212.57 مليون طن من النفط في عام 2021، وهو ما يمثل نصف إجمالي واردات الصين من النفط الخام (المقدر بنحو 512.98 مليون طن). تلعب الدول العربية دورًا محوريًا في توفير الطاقة لتشغيل التنمية الصناعية والاقتصادية المحلية في الصين. تعتمد الصين على الدول العربية الغنية بالطاقة في أمنها الطاقي.

واردات النفط السعودي للصين

وفي عام 2021، وفقًا للإحصاءات الرسمية الصينية (وزارة التجارة في جمهورية الصين الشعبية يناير 2022)، أنفقت الصين 39.73 مليار دولار أمريكي على شراء النفط السعودي، بينما شكل النفط الخام حوالي 70٪ من قيمة واردات الصين من المملكة العربية السعودية (56.99 مليار دولار أمريكي). وبلغ إجمالي قيمة صادرات السعودية من الوقود المعدني والزيوت ومنتجاتها إلى الصين 44.87 مليار دولار أمريكي في عام 2021.
وفي الوقت نفسه، تصدر الصين بشكل رئيسي الآلات والمعدات الكهربائية والمركبات وقطع غيار السيارات والأثاث والأجهزة المنزلية إلى المملكة العربية السعودية. وفقًا لخريطة التجارة التابعة لمركز التجارة الدولية (الجدول 7.2)، في عام 2021، صدّرت الصين آلات ومعدات كهربائية بقيمة إجمالية بلغت 12.58 مليار دولار أمريكي إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما يمثل 41٪ من إجمالي قيمة صادرات الصين إلى المملكة (المقدرة بنحو 30.32 مليار دولار أمريكي).

تطوير الشراكة بين بكين والرياض

تسعى بكين والرياض إلى تطوير شراكة تتجاوز علاقة المورد والمشتري التقليدية فيما يتعلق بالنفط السعودي. ويسعى كلا البلدين إلى توسيع هذا التعاون إلى مجالات أخرى، مثل الاتصالات، والحوسبة السحابية، والتكنولوجيا النووية، والفضاء الجوي، والتمويل، والخدمات اللوجستية، والصناعات الطبية.
تشترك كل من المملكة العربية السعودية والصين في تقارب المصالح في السعي إلى اقتصاد مستدام، والمزيد من الاستقلال والحيز الدبلوماسي في النظام الدولي. ولقد شكلت المنتجات النفطية والبتروكيماوية أكثر من 90% من قيمة الصادرات السعودية و87% من إجمالي الإيرادات التي تلقتها المملكة.
كما شكلت الصناعات النفطية وغيرها من الصناعات ذات الصلة أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي. ولتنويع التنمية الصناعية وتقليل الاعتماد على قطاع النفط، تحتاج المملكة إلى الصين. ونظراً لأن الصين هي أكبر دولة تصنيع في العالم، وأكبر منتج لمعدات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإنها تتمتع بقدرة إنتاجية قوية في مجموعة متنوعة من الصناعات.