في ندوةٍ ثقافية

مهرجان “قمم الدولي” يستعرض تاريخ الفنون الأدائية التقليدية

الإثنين ٢٢ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٩:٠٤ صباحاً
مهرجان “قمم الدولي” يستعرض تاريخ الفنون الأدائية التقليدية
المواطن - فريق التحرير

استهلَّ مهرجان قمم الدولي للفنون الأدائية الجبلية في نسخته الثالثة، أولى ندواته بندوةٍ ثقافية حول الفنون الأدائية التقليدية وسط حضور نخبةٍ من المتخصصين والممارسين وأصحاب الرأي، وأدارها رائد العيد، وشارك فيها عضو فرقة رجال الحجر ورئيس فرقة السروات المهتم بالموروث بمنطقة عسير صالح بن خلوفة الشهري، والشاعر المهتم بالتراث التقليدي بمنطقة جازان عبد الرحمن موكلي، والشاعر والكاتب المسرحي الأستاذ سعد الثنيان.

الفنون الأدائية التقليدية

وسلّطت الندوة الضوء على الفنون الأدائية التقليدية، وأهميتها، وبعضٍ من تاريخها وتنوعها في المملكة، وارتباطها بالفنون الأدائية الأخرى المحلية والعالمية، حيث استعرض “الشهري” بدايات تشكّل الفنون الأدائية التقليدية، والمراحل الزمنية التي مرَّت بها، والأحداث التي أدت إلى نشوئها؛ مبينًا أن الموروث ضارب في التاريخ؛ حيث كان للنزاعات القبلية والعنصرية قبل مئات السنين، وقبل وجود دولة تضبط هذا النظام، دورٌ في نشأة تلك الموروثات، باعتبارها ممارسات أو طقوس قبيلة تمارس على مستوى ضيق، والقبائل على مستوى أوسع، وتمثِّل حضاراتهم ورجالاتهم والفكر الثقافي الذي كانوا يتمتعون به.

وأضاف: “على سبيل المثال؛ العرضة فن منتشر على مستوى المملكة، لكن بطرق مختلفة، وفي جهات متنوعة، فنجد عرضة عسير ورجال الحجر، وكذلك عرضة قحطان وشهران، متقاربة إلى حدٍّ بعيد في الخطوط العريضة، وتختلف في الأشياء الجزئية كالحركات والإيقاعات”. مشيراً إلى أن تلك الأداءات تبدو أنها كانت فنونًا أدائيةً حربيةً تمارس بعد الانتصارات، كما كانت تؤدَّى في الاحتفالات التقليدية بالرصاص الحي، ثم عادوا بعد ذلك إلى أدائها كنوعٍ من استرجاع الماضي في ظل الأمن الذي ننعم به.

وبيَّن الشهري، أن اللبس والسلاح لهما رمزيتهما في تلك الفنون، حيث كان كل إنسان يحتاج إلى لبس السلاح لحماية نفسه، إمَّا من النهب أو السلب أو حتى من الحيوانات المفترسة، أما الآن فأصبحت جزءًا من التاريخ، وبقي الرجال يحافظون عليها، وأورثوها لأجيالهم كنوعٍ من الافتخار بتاريخهم وأمجادهم وحاضرتهم.

ومن جانبه تناول “موكلي” أهمية التراث والفنون التقليدية عامة، والممتدّ تاريخها في المملكة، مؤكدًا على أن الفنون تبقى متداخلة، وأن الفنون في منطقة جازان تنقسم إلى قسمين: صوتي وأدائي، ونهاري وليلي؛ فالنهاري ينتمي إلى فنون الأداء الحربية، والليلي ينتمي إلى فنون السمر، وكذلك الصوتي منه ما ينتمي إلى العمل، ومنه ما ينتمي إلى السمر كالليلي، مبينًا أن الفنون النهارية كالسيف، والعزاوي، والعرضة، والدمة، والرمش، تحولت من فنون حربية، إلى فنون احتفالية، وأن هناك تقاربًا إنسانيًا ما بين الفنون كالدبكة اللبنانية.

وأفاد أن الموروث هو جزءٌ من ثقافة الإنسان ومن وجوده وكيانه، وأن الفنون تمتد لأكثر من أربعة آلاف سنة في الجزيرة العربية؛ حيث وجدوا في محافظة (تيماء) نقوشاً لها ثمانية آلاف سنة، كما وجدوا في جبال بعض المناطق في جازان نقوشًا تمتد لـ 10 آلاف سنة؛ ما يعنى أن هذه الخلفيات الثقافية لها خلفيات فنون على مستويات متعددة ومتداخلة في جميع أنحاء الجزيرة العربية، مضيفًا أن إلغاء الموروث هو نوع من إلغاء ذات الإنسانية، وإلغاء الوجود الإنساني، وأنَّ أيَّ فنٍ هو منتج ثقافي، وهو أعلى قيمة رمزية يمكن تصديرها للخارج.

الفروق بين الفنون الأدائية

وبدوره، بيَّن الشاعر والكاتب المسرحي سعد الثنيان، الفروق بين الفنون الأدائية، وكذلك التقارب الذي يجمعها، موضحًا أن “الفنون التقليدية تُعدُّ من أهم الفنون لتقارب الأمم”، مستشهداً بالموشح الذي انطلق من الأندلس، من أفكار متعددة وثقافات متعددة، فخرج هذا الفن، ومن إحدى هذه الخرجات قول «مرت عينيك الملاحة، سحر وما ودعوني»، مبينًا أنه موجود في الوطن العربي، كدمشق، وكذلك في المملكة بفنٍ يسمى الصحبة في المنطقة الغربية، وقال: “كذلك من أوجه الشبه في المغرب أن لديهم العائطة، والعرضة، وهما فنان صوتيان يتشابهان مع بعضهما إلى حدٍّ ما، وهما قريبان من نفس البحر”، مشيرًا إلى أن الفنون عطاء إنساني، تسمو عن أيِّ حدود. وفي ختام الندوة، وبعد الحديث النظري، شاهد الحضور نماذجَ من الفنون الأدائية، وبعض الممارسات التطبيقية لها.

وتأتي هذه الندوة ضمن البرنامج الثقافي لـ “مهرجان قمم الدولي الثالث”؛ الذي يتضمَّن ندوات تفاعلية وثقافية، وورش عمل يُقدمها خبراء محليون وعالميون؛ لتعريف الزوار بتاريخ الفنون الجبلية وأزيائها، خلال الفترة من 20 إلى 27 يناير الجاري، وذلك امتدادًا لجهود هيئة المسرح والفنون الأدائية الساعية إلى إبراز الفنون الأدائية السعودية وتسليط الضوء عليها، ونشرها بوصفها مكونًا أساسيًا للثقافة الوطنية.

إقرأ المزيد