أكد الكاتب الدكتور بدر بن سعود أن اليوم الوطني فرصة مثالية لإبراز هوية السعوديين والتأكيد عليها، ومن دون تجاوزات غير مسؤولة، كما يحدث في التخفيضات الوهمية أو التحرش أو التنمر وغيرها.

اليوم الوطني

وقال الكاتب في مقال له في الزميلة الرياض : تحتفل المملكة بوحدتها الوطنية في يومها الثالث والتسعين، والتي تشير إلى توحيدها في كيان واحد عام 1932، وقد كانت في السابق تعرف بالجلوس الوطني، ولم تكن احتفالاتها تقام بصورة منتظمة، إلا أنه وفي 2005 قررت القيادة السعودية إقامتها سنويًا، واعتبار يوم 23 سبتمبر من كل عام إجازة رسمية، يجوز نقلها إلى أول يوم دوام، إذا وافقت عطلة نهاية الأسبوع، وقبل نحو سبعة أعوام، أصبحت الاحتفالات باليوم الوطني السعودي، تنظم بشكل أوسع وأشمل، وتضم فعاليات ضخمة في كامل مناطق المملكة، وهذا التاريخ يحمل دلالات خاصة، لأنه يمثل الجزيرة العربية برمزيتها التاريخية، وبوزنها العربي والإسلامي، والمختلف في الأعوام الأخيرة، أن الدولة كسرت من خلال رؤيتها الاستثنائية وشخصية عرابها، أنماط التفكير والعمل القديمة في العقل العربي، الذي تعود على الكسل والحلول الجاهزة حد الإدمان.

إصلاحات كبيرة

الإصلاحات الكبيرة التي تحدث في المملكة بوتيرة سريعة، تخاطب اهتماماتها المحلية والإقليمية والدولية وتوازن فيما بينها، وتنسجم مع دورها كركن أساسي في المحافظة على الأمن والسلم الدولي، والدليل قيادتها لمعظم الملفات الساخنة على مستوى المنطقة العربية، وريادتها الاقتصادية والبيئية في مشاريع الرياض والسعودية والشرق الأوسط الخضراء، وفي دبلوماسية المناخ والحياد الكربوني، وفي حرصها على تصفير المشاكل، وبالأخص مع خصومها السابقين، أو في التدخل كوسيط محايد بين دول الأزمات، وقدرة الدولة على الإنجاز المبدع استقرت في وجدان السعوديين وغيرهم، والشواهد كثيرة.

اليوم الوطني

 

نضج الخدمات

فقد حققت المملكة المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في مؤشر نضج الخدمات الحكومية الإلكترونية، وشغلت المركز الثاني في تنافسيتها الرقمية بين دول مجموعة العشرين في 2023، بحسب المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، والترتيب الأول بين دول المجموعة في معدل إنتاج العامل لعام 2022، بحسب منظمة العمل الدولية، ومعها نفس المرتبة عالميًا للعام الحالي، في مؤشر المالية العامة، وفي تمويل التطور التقني، وفي دعم شركات القطاعين العام والخاص للتطور التقني، وفي درجة الاستجابة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وفي تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2023، صنف الاقتصاد السعودي باعتباره الأكثر نموًا في مجموعة العشرين، وبنسبة تقترب من 9 %، وفي مؤشر الثقة في الحكومات، حصلت الحكومة السعودية على ثقة بنسبة 83 %، وتعتبر الأعلى على المستوى الدولي، مقارنة بالمتوسط العالمي المتراجع إلى 50 %.

بالإضافة إلى أنها تعتبر ضمن العشر الكبار في 2023، فيما يتعلق بالقوة السياسية والاقتصادية والعسكرية، بعد أن كانت متأخرة قليلًا في العام الماضي، وذلك استنادًا لاستطلاع أجرته مجلة يو إس نيوز في عددها الأخير، على آراء أشخاص من 87 دولة، وقد جاء الدوري السعودي في المرتبة السابعة والعشرين، في قائمة أفضل ثلاثين دوريًا حول العالم، مثلما أوردت إحصاءات شبكة أوبتا، متقدمًا على الدوري الروماني والنرويجي، وهو الدوري العربي الوحيد في القائمة، ويوجد في العاصمة السعودية مهرجان موسم الرياض، الاحتفالية الترفيهية الأضخم، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والسياحة الآثارية في مدينة العلا، التي تشبه غراند كانيون في أميركا، وهناك جزيرتان في البحر الأحمر سيتم بناؤهما بطريقة مماثلة لموناكو وميكونوس، ومعهما وجهة ذا ريج، منصة النفط السعودية في مياه الخليج العربي، التي سيتم تحويلها إلى منتجع سياحي ترفيهي، وكلها تعمل وداخل حدود المقبول في تقاليد وأعراف المجتمع السعودي، وفي بدايات يوم الوطن كان يعامل كمناسبة رسمية جامدة، ولكنه مع الرؤية المباركة، أصبح احتفالًا وطنيًا وشعبيًا، يتوجه المجتمع ويتواصل معه بأسلوب إبداعي.

اليوم الوطني

فرصة مثالية

وتابع أن اليوم الوطني فرصة مثالية لإبراز هوية السعوديين والتأكيد عليها، ومن دون تجاوزات غير مسؤولة، كما يحدث في التخفيضات الوهمية وتربحها المبالغ فيه باسم الوطنية، وهذه تحتاج إلى متابعة جادة من وزارة التجارة وشركائها، لأنها لا تكون مرخصة، أو في التحايل عن طريق الإنترنت ورسائل الجوال، ومعها حالات التحرش بالنساء في الأماكن العامة، أثناء فعاليات أو تجمعات اليوم الوطني، والمتحرشون في العادة يقبض عليهم، إلا أن الأولى هو منع احتمالات وقوع الفعل من الأساس، وما قد يترتب عليه من تشويه لصورة المجتمع السعودي، وبمعرفة من يتصيدون الأخطاء على المملكة، لتأكيد قناعاتهم الشخصية.

الأنسب، في رأيي، استكمالًا لما سبق، مراجعة نظام التحرش والتأكد من فاعليته، أو تعديله بما يحيد هذه السلوكيات المنحرفة والمزعجة، ويساعد في التنبؤ بتصرفات المتحرشين مسبقًا، قياسًا على السوابق وأماكن حدوثها المعتادة، ضمن ما يعرف ب(الأمن الوقائي) السري والرسمي، والظاهرة ليست محصورة في مجتمع دون آخر، والمطلوب ضبطها وتحييد فرص وقوعها، فاليابانيون يسمون المتحرشين باسم (شيكان)، ولديهم معاناة يومية معهم، وقد تم الوصول إلى موقع إلكتروني في يونيو 2023، يتاجر بأكثر من خمسة آلاف مقطع تحرش في النقل العام، ضحاياها من النساء اليابانيات.