هيكليًا وتنظيميًا وإداريًا.. الحرمان الشريفان على موعد مع التطوير المؤسسي

لطالما حظي الحرمان الشريفان بعناية واهتمام كبيرين من قادة السعودية عهدًا بعد آخر، بدءًا من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وحتى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ويشهد على ذلك التوسعات المكانية في الحرمين الشريفين، بغية استيعاب الأعداد المتزايدة والكبيرة من ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى السعودية من مختلف الأقطار خلال موسم الحج، وطوال العام لأداء العمرة.

ولأن الاهتمام بالحرمين الشريفين لا يتوقف، توالت القرارات والتوجيهات التي تعزز من تطويرهما، والنهوض بهما بشكل كامل. ولعل آخر تلك القرارات والتوجيهات، ما جاء به مجلس الوزراء اليوم، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حيث استعرض المجلس التوجيه الملكي الكريم القاضي بقيام مجلس الوزراء بدراسة إنشاء جهاز مستقل باسم “رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي”، وتحويل “الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي” إلى هيئة عامة باسم “الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي”، ترتبطان بالملك تنظيميًّا؛ استنادًا إلى اختصاص المجلس ـ بموجب نظامه – بإحداث وترتيب المصالح العامة.

قد يهمّك أيضاً

مجلس الوزراء: إنشاء المركز الوطني للتفتيش والرقابة وتنظيم هيئة التطوير الدفاعي

الملك سلمان وولي العهد يهنئان رئيس الفلبين بذكرى الاستقلال

مواصلة مسيرة التطوير المؤسسي

القرارات تأتي استمرارًا لمسيرة العناية البالغة، التي توليها الدولة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، ولأهمية مواصلة مسيرة التطوير المؤسسي للأجهزة ذات الصلة بهما هيكليًّا وتنظيميًّا وإداريًّا، وإكسابها مزيدًا من التخصص واتخاذها أنماطًا إدارية تواكب الخطط التطويرية الجاري العمل عليه في هذا الشأن.

كما تأتي القرارات في إطار عملية تنظيمية، تستهدف رفع كفاءة العمليات التشغيلية لمرافق الحرمين الشريفين في إطار زيادة طاقتهما الاستيعابية، وما سيُسهم به ذلك من تحسين تجربة الحجاج والمُعتمرين والزوار.

وتهدف القرارات إلى إيلاء أقصى درجات العناية والرعاية بالشؤون الدينية وكل ما يتصل بها من خطب ودروس ومحاضرات بما سينعكس إيجابًا على الرحلة الإيمانية لقاصدي الحرمين الشريفين، وذلك من صميم مهام رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.

اهتمام الرؤية بالحرمين الشريفين

واهتمت رؤية السعودية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برفع جودة الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين ورفع الطاقة الاستيعابية لاستقبال المعتمرين والزوار إلى 30 مليون زائر خلال العام 2030 كأحد أهم مستهدفات رؤية السعودية 2030، حيث ستعمل الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة في سبيل تسريع الوصول لهذا الهدف.

وخلال السنوات الماضية، شهدت الرئاسة تطورًا كبيرًا في ظل تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. وأفضت النقلة النوعية والهيكلة الإدارية إلى رفع مستوى التنظيم المؤسسي والإداري، وتسخير التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي وأتمتة الأعمال والحوكمة وفق أعلى معايير الجودة العالمية، ما انعكس على تقديم الخدمة لضيوف الرحمن والمعتمرين والزوار للحرمين الشريفين.

دور ملموس للروبوتات الذكية

ويضاف إلى ما سبق، أن الحرمين الشريفين شهدا إطلاق عدد من المنصات الرقمية التي تُجْمل رسالة الحرمين الشريفين، التي تتسم بالوسطية والاعتدال لجميع أنحاء العالم، كما كان للروبوتات الذكية دور ملموس في تحقيق أعلى معايير الجودة للخدمات المقدمة لقاصدي الحرمين الشريفين، والتي عملت على التعقيم والتطهير، وتوزيع زمزم والمصاحف، وروبوتات الإفتاء والتوجيه الإرشادي لضيوف الرحمن، علاوة على ترجمة خطب الجمعة، وخطبة يوم عرفة، والدروس العلمية في رحاب الحرمين الشريفين لأكثر من (13) لغة عالمية، إضافة إلى لغة الإشارة، حتى يصل صوت الدين الإسلامي الوسطي المعتدل إلى كافة أقطار العالم.

شؤون المسجد الحرام

وكان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أنشأ إدارة مستقلة تعنى بشؤون المسجد الحرام باسم (مجلس إدارة الحرم)، ووظيفتها القيام بإدارة شؤون المسجد الحرام مع مراقبة عموم الخدمة به. وفي 18/‏2/‏1346هـ أصدر أمره بتعيين مجلس إدارة جديد، وفي ربيع الأول من عام 1346هـ، صدر أمر بالموافقة على التقرير الصادر من مجلس إدارة الحرم حول حالة الحرم المكي الشريف، وتعدّ هذه أول عملية إصلاح لشؤون الحرم المكي الشريف.

وفي أواخر 1345هـ، تولت وزارة الحج والأوقاف الإشراف على خدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي، وخصصت مديرًا لكل واحد منهما يتولى إدارة شؤونه، واستمرت إدارة الحرمين الشريفين تابعة لإدارة الأوقاف التي أصبحت وزارة مستقلة تسمى (وزارة الحج والأوقاف) ابتداء من سنة 1381هـ، وفي 18/‏11/‏1384هـ، صدر أمر بإنشاء الرئاسة العامة للإشراف الديني بالمسجد الحرام واستقلت بإدارة شؤون التوعية والعاملين في مجالها في الحرم المكي الشريف، أما إدارة خدمات الحرم، فبقيت تحت إشراف وزارة الحج والأوقاف وصدر الأمر الملكي رقم 265/‏أ وتاريخ 6/‏11/‏1397هـ، بإحداث (الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين)، وفي 1407هـ صدر الأمر السامي بتغيير المسمى إلى (الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي)، وفي 15/‏7/‏1414هـ، صدر الأمر السامي بضم مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى الرئاسة.