الإعلام لا يقل عن الطب في أهميته وتأثيره على الناس

رصد وتوثيق الممارسات غير الأخلاقية أكثر ما يحتاجه الإعلام

الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٠٧ مساءً
رصد وتوثيق الممارسات غير الأخلاقية أكثر ما يحتاجه الإعلام
المواطن - فريق التحرير

تحتلف أخلاقيات الإعلام بمفهومها عن أخلاقيات الإعلاميين، فالأول تم إشباعه بحثاً ويتسم بالمصداقية والموضوعية ودعم حرية التعبير وتجنب التعصب والانحياز، بينما الثاني أشبه بالتابو وعش الدبابير، المتمثل في الشللية وازدواجية القيم، والاغتيال المعنوي للمنتقدين، وشن الحروب الصامتة ضد المختلفين في الرأي والفكر، لذا فإن توثيق الممارسات غير الإخلاقية هي أكثر ما يحتاجه الإعلام.

هذا ما تضمنه مقال الصحفي سعود كاتب بصحيفة “المدينة” تحت عنوان” أخلاقيات الإعلام.. وأخلاقيات الإعلاميين”.

وأشار الكاتب في مقاله: “من المواد التي استمتعت كثيراً بتدريسها في الجامعة قبل سنوات عديدة، مادة “أخلاقيات الأعمال” Business Ethics، والتي تضمنت العديد من التساؤلات الشيقة التي لا تزال عالقة بذهني، ومنها تساؤلٌ يقول: “هل للجنس والجنسية والعمر ودرجة التعليم تأثير في اتخاذ القرارات الأخلاقية؟”، وبمعنى آخر، أيهما أكثر ميلاً لاتخاذ قرار أخلاقي في ظرف محدد: الرجل أم المرأة، الشيخ الكبير في السن أم الشاب، الشخص عالي التعليم أم الأقل تعليماً؟، وماذا عن الجنسية، هل هناك علاقة بين جنسية الشخص وأخلاقه؟”

المهنة وتأثيرها على القرار الأخلافي

وأضاف سعود كاتب في مقاله “المبهج بهذا الخصوص، هو أن هناك دراسات علمية تناولت هذه التساؤلات، وحاولت الإجابة عليها، ووددتُ حينها لو أني أضفتُ إليها تساؤلاً آخر يتعلق بالمهنة يقول: هل هناك علاقة بين مهنة الشخص وأسلوب اتخاذه للقرارات الأخلاقية؟، بمعنى آخر، هل يختلف مثلاً الطبيب، عن المحامي، عن السباك، عن المهندس، عن الصحفي في طريقة تعاطي كلٍ منهم مع موقفٍ ما، يستلزم اتخاذ قرار أخلاقي؟”.

وقد أثار موضوع أخلاقيات الإعلام؛ اهتمامي منذ مدة طويلة، ولي تغريدة قديمة تعبر عن ذلك، قلتُ فيها: (تخصصتُ منذ قرابة ربع قرن في قضايا مستقبل الإعلام، ولو عاد بي الزمن للوراء، لكرستُ جهدي وعمري في موضوع أكثر أهمية وضرورة وتأثير، وهو أخلاقيات الإعلام).

الفريق بين أخلاقيات الإعلام والإعلاميين

ولفت الكاتب في مقاله إلى أنه:”بالرغم من استخدامي وترديدي لمفهوم “أخلاقيات الإعلام”، إلا أن ما أقصده في الواقع هو “أخلاقيات الإعلاميين”، ممارسي المهنة مؤسسياً. وهناك فرق بين المفهومين رغم تشابكهما، فالأول تم إشباعه بحثاً وأُلِفت فيه الكتب والمناهج، ويتضمن أساسيات، مثل المصداقية والموضوعية ودعم حرية التعبير وتعدد الآراء، وتجنب التعصب والانحياز.. بينما الثاني أشبه بالتابو وعش الدبابير، الذي تراه لكنك تتحاشى لمسه، ويتضمن انتشار ممارسات، مثل الشللية ودعم وتلميع أعضائها الممنهج لبعضهم البعض، وازدواجية القيم، والاغتيال المعنوي للمنتقدين، وشن الحروب الصامتة ضد المختلفين في الرأي والفكر، وإقصائهم وممارسة التحريض والاستعداء ضدهم.. وربما تجد بأن من يمتهنوا القيام بتلك الممارسات المشينة، هم عادةً بعض الإعلاميين الأكثر تشدقاً بقيم العدالة والشفافية، والتسامح مع المنتقدين، وتجنب معاداة الآخرين بسبب اختلاف فكرهم وآرائهم.”

وأردف قائلًا :” أنا بالتأكيد اتفق في الرأي مع من سيقول بأن من الخطأ التعميم بهذا الشأن، طالما أنه لا تتوفر لدينا دراسات حول عمق المشكلة وانتشارها، لكن ذلك لا يمنع طرح الملاحظات والانطباعات الموضوعية، باعتبار أن الملاحظة هي أحد أدوات البحث العلمي الهامة، والخطوة الأولى لتسليط الضوء على المشكلة وحلها.

جهود منسقة لتطوير المحتوى

وختم الكاتب مقاله بقوله: “لكون الإعلام لا يقل عن الطب مثلاً في أهميته وتأثيره على الناس، فإن هناك حاجة ماسة لجهود منسقة على غرار تلك التي تقوم بها المراكز والمنظمات الطبية الغربية، التي ترصد وتوثق باستمرار كافة الممارسات غير الأخلاقية لبعض الممارسين الصحيين، بهدف منعها وحماية الناس ومهنة الطب منها.. وهذا في رأيي ما يحتاجه إعلامنا اليوم، أكثر حتى من حاجته لتطوير محتواه ووسائله”.

إقرأ المزيد