طقس غير مستقر في تبوك والشمالية غدًا رئيس الشباب عن صفقة الحربي: بحثت عن مصلحة النادي “الفريق خسر فنيًّا”.. المنجم يكشف كواليس انتقال تمبكتي للهلال المجلس العسكري في مالي يقيل رئيس الحكومة بسبب انتقاداته مصادرة أكثر من 20 ألف رتبة وشعارات عسكرية بالرياض وغلق محلين العرب والنجوم علاقة وجود وحياة الجنيه الإسترليني ينخفض مقابل الدولار ويرتفع مقابل اليورو مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق تعاملاتها على استقرار هل إغلاق سخان المياه أثناء الاستحمام ضروري؟ كيف استعدت أمانة الشرقية لموسم الأمطار؟
أطلقت السعودية مسارًا جيوستراتيجيًا جديدًا للتفاعل والتناغم وإعادة التموضع مع دول آسيا الوسطى الغنية بالثروات الطبيعية الهائلة، في مجال الاقتصاد والتجارة والنفط والأمن الغذائي وتعزيز سلاسل الإمدادات، عبر مسار استراتيجي ذي بعد جيواستثماري وطاقوي، في منطقة تبحث عن شركاء اقتصاديين جدد عبر دول تتمتع بتنوع جيوستراتيجي وإمكانيات ضخمة لم تستكشف بعد.
وعززت السعودية مفهوم الشراكة الاستراتيجية التكاملية مع مجلس التعاون الخليجي والتحرك في إطار جماعي وتشكيل تحالفات متعاظمة مع دول آسيا الوسطى خلال القمة الخليجية مع قادة دول آسيا الوسطى والتي عقدت مؤخرًا في جدة وتمخضت عن اعتماد خطة العمل المشتركة بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى بين 2023-2027، بما في ذلك الحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز التواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال.
وهي الخطوة التي باركها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته التي ألقاها في القمة تعظيمًا للحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري مع قادة هذه الدول وهي كازاخستان وقرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان.
وتعمل دول مجلس التعاون في إطار منظومة متكاملة ومتناغمة في علاقاتها الإقليمية وشراكاتها الدولية، تحت مظلة المجلس، بهدف تحقيق المزيد من الإنجازات من خلال العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، فيما نجحت السعودية في تعضيد التقارب مع دول آسيا الوسطى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات.
وتمتد منطقة آسيا الوسطى من بحر قزوين في الغرب إلى الصين ومنغوليا في الشرق، ومن أفغانستان وإيران في الجنوب إلى روسيا في الشمال، وتعرف هذه الدول بـ”الستانات” حيث تنتهي جميعها بلفظة “ستان” وهي كلمة فارسية تعني “أرض”.
وتكمن أهمية انعقاد القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى (C5) في كونها الأولى من نوعها، وأنها تعكس انفتاح دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية على الشراكات مع التكتلات الفاعلة في المجتمع الدولي بهدف تعزيز مكانة مجلس التعاون عالميًا.
ويجمع دول مجلس التعاون ودول الـ(C5) روابط مشتركة كونها دول إسلامية تحظى بعضوية منظمة التعاون الإسلامي وتجمعها قيم مشتركة وروابط تاريخية، كما تمتلك موارد كبيرة من النفط والغاز، تؤهلها للعب دور مؤثر في أمن الطاقة العالمي.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين تقريبًا، كانت معظم آسيا الوسطى جزءًا من الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفياتي فيما بعد، والمنطقة موطنًا لحوالي 7 ملايين من أصل روسي، ونحو نصف مليون أوكراني.
وتتميز المنطقة بأهمية جيوستراتيجية كبيرة وذلك من خلال موقعها الجغرافي ومواردها المهمة، بحر قزوين الغني بالموارد من جهة، وتشكل من جهة أخرى عدة طرق برية وتمديدات أنابيب الغاز والنفط من الشرق الأوسط وقزوين باتجاه الصين أو منها باتجاه البحر الأسود وتركيا والبحر المتوسط، ومن الأخيرة باتجاه الخليج العربي عبر إيران، وأفغانستان وباكستان باتجاه المحيط الهندي، ويضاف إلى ذلك غناها بالنفط والماء والمعادن الثمينة، وهو ما أكده ولي العهد عندما قال “نمتلك إرثًا تاريخيًا مع دول آسيا الوسطى”، داعيًا لتكثيف الجهود المشتركة لمواجهة كل ما يؤثر على أمن الطاقة وسلاسل الإمداد الغذائية العالمية.
وتتمحور خطة العمل المشترك 2023-2027، إقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف وتعزيز التنوع الثقافي والانفتاح والتاريخ الثري وتكريس التسامح والتعايش السلمي.
وبدأت العلاقات السعودية مع دول آسيا الوسطى تكتسب وجوهًا متعددة الأشكال وتعمقت العلاقات ذات الأبعاد الاقتصادية بين السعودية ودول آسيا الوسطى في السنوات الأخيرة، خاصة منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017، إذ كثف الأمير محمد بن سلمان جهوده لتعميق العلاقة مع هذه الدول والتموضع في قلب المنطقة التي باتت تجذب رأس المال العالمي أكثر من ذي قبل.
وطوّرت السعودية علاقاتها مع كازاخستان حيث تمثل السعودية مصدرًا مهمًا للاستثمار والتنمية، كما تهتم الرياض بالموارد الطبيعية المهمة فيها، إذ تحتل كازاخستان المرتبة الأولى عالميًا في احتياطيات معدن التنجستن، والثانية في احتياطات خامَيْ اليورانيوم والكروم، فضلًا عن وجود احتياطات من المنغنيز والفضة والزنك والرصاص تنتظر استكشافها وتطويرها.
وفي الوقت نفسه توجهت الرياض نحو تركمانستان، فأقرضتها أموالًا لبناء قسمها من خط أنابيب تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند “TAPI”، الذي من شأنه أن يرسل الغاز التركماني إلى الهند.
وترتبط السعودية مع تركمانستان باتفاقيات تعاون عدة، وفي ذات الوقت عمقت السعودية شراكاتها مع بقية دول آسيا الوسطى لأهميتها الاستراتيجية.
وأكد المراقبون أن النشاط الدبلوماسي المكثف للسعودية مع دول آسيا دليلًا على موقع السعودية المحوري والإقليمي ومكانتها في العالمين والعربي والإسلامي ودورها في الاقتصاد العالمي وانعكس ذلك في سرعة استجابة الزعماء الخليجيين وقادة دول آسيا الوسطى للمشاركة في القمة تعبيرًا عن الثقة الكبيرة في القيادة السعودية ورؤيتها للعالم.
ولدى دول آسيا الوسطى مخاوف بشأن صعود التيار المتطرف في بلدانهم، لاسيما مع انسحاب القوات الغربية من أفغانستان، وإقامة علاقات هي الأقوى من نوعها بين تنظيم “داعش” وحركة طالبان، وهو ما قد يقود إلى تنفيذ هجمات في الدول المجاورة مثل طاجكستان وأوزبكستان، أو تركمانستان التي دفعتها مخاوفها في هذا السياق إلى محاولة إقامة نظام تحكم وضبط فعال على الحدود، في وقت يراقب فيه جهاز الأمن الداخلي بكازاخستان تنامي التيارات المتطرفة.
وحرصت دول آسيا الوسطى في تعزيز علاقاتها الأمنية مع السعودية ودول الخليج لتعضيد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره وتكريس قيم التسامح والوسطية.
ويربط المراقبون ذلك بحاجة دول آسيا الوسطى ودول الخليج إلى التعاون والتبادل الثقافي لإزالة الصورة النمطية عن المسلمين ومواجهة الإسلاموفيا التي يعاني منها المسلمون على مستوى العالم.
ولعل هذا التوافق هو ما يدفع إلى القول بأن إدراج المنظمات الإرهابية الشهيرة في جنوب ووسط آسيا على قائمة التنظيمات الإرهابية خصوصًا “حركة تركستان الشرقية الإسلامية، والحركة الإسلامية الأوزبكية”.
وتشير معادلات القوى السياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط إلى أن التقارب بين دول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى، يخلق واقعًا أكثر توازنًا، لاسيما أنه سيدعم فرص موازنة قوة اللاعبين الإقليميين الصاعدين في المنطقة، كما أن مثل هذا التعاون سيدعم من جهود دول المنطقة والمجتمع الدولي بصفة عامة للحد من ومكافحة الإرهاب، في ضوء تشابك العلاقات بين التنظيمات المتطرفة العابرة للحدود في تلك المنطقة.
لقد أكدت القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى من جديد تفرد الدبلوماسية السعودية في عقد هذا النوع من القمم الدبلوماسية الجماعية، والتقدير الواسع الذي تحظى به السعودية بعد نجاحها في تنظيم عدة قمم جماعية في المملكة مع قادة العالم المؤثرين.
والقمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى كانت ذات منحى اقتصادي طاقوي جيو- استثماري تجاري لأهمية تلك الدول الجيوإستراتيجية، خاصة في ظل تشابه تلك الدول مع دول الخليج في مصادر الطاقة، إذ يمكن تبادل الخبرات والاستثمارات في هذا المجال والتزامهم بتأسيس شراكة مستقبلية قوية وطموحة بين دولهم، بناءً على القيم والمصالح المشتركة والروابط التاريخية العميقة بين شعوبهم والتعاون القائم بينهم على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، وفي شتى المجالات”.
وجاء انعقاد القمة وسط ما تشهده السعودية من حراك سياسي ودولي كثيف على وقع التحولات الإقليمية والدولية، بعدما عقدت قمم إثر أخرى في أقل من أسبوع، بدأت بالقمة السعودية-اليابانية ثم السعودية-التركية.
في ظل التنافس الدولي الواضح على هذه المنطقة، ظهرت حاجة سعودية ملحَّة إلى تنمية العلاقات مع دول آسيا الوسطى، ولكن بأدوات مختلفة عن السابق، من خلال الزيارات الرسمية رغبة من حكومات وشعوب تلك الدول في تقوية العلاقات مع المملكة على الأصعدة كافة، وثقتها بالمملكة، كما أن بعض هذه الدول يشهد تحولات جذرية في الانفتاح على الآخر، والإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتركيز على الوسطية والاعتدال الديني، تجعل فرص التفاهم والتناغم مع دول الخليج أكثر نجاحًا من غيرها.
وليس هناك رأيان بأن انعقاد القمة الخليجية الآسيوية جاء في ظل تزايد الاهتمام والتنافس الإقليميين والدوليين بدول وسط آسيا الخمس، نظرًا إلى موقعها وأهميتها الجيواستراتيجية، والثروات الطبيعية التي تمتلكها هذه الدول بما يؤهلها لقفزات تنموية كبيرة.
وتمخضت القمة عن تعزيز قضايا التعاون المشترك، وخاصة في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبحث العلمي والصناعة والزراعة والسياحة والثقافة، إضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وليس هناك شك أن مجال الاستثمار في جمهوريات وسط آسيا واسع وواعد، وأنه يشمل قطاعات حيوية مثل السياحة والسفر، والزيت والغاز، بما في ذلك خطوط الأنابيب، والطاقة المتجددة والكهرومائية، والزراعة والأغذية والثروة الحيوانية، والنقل، والخدمات اللوجستية، وصناعة البتروكيميائيات، والتعدين والصناعات المعدنية، والخدمات الصحية، والنشاطات المالية، وغيرها.
وتزامنت القمة مع استضافة السعودية للقاء التشاوري الـ 18 لقادة مجلس التعاون الخليجي انطلاقًا من دورها القيادي وإيمانًا منها بأهمية تعزيز العمل الخليجي المشترك حيث تحرص السعودية على استضافة اللقاءات التشاورية لقادة مجلس التعاون، بهدف تبادل وجهات النظر حول مستجدات القضايا الإقليمية والدولية بما يخدم مصالح دول ومواطني مجلس التعاون، كما تعكس استضافة السعودية للقمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى (C5) بالتزامن مع اللقاء التشاوري حرص خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد- على توثيق العلاقات بين دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى (C5) ورفع مستوى التنسيق بينها حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ويعكس انعقاد القمة الخليجية مع دول الـ(C5) في السعودية تقدير الدول المشاركة لمكانة السعودية على المستوى الخليجي والإسلامي والدولي، والتزامها بتأسيس شراكة استراتيجية مستقبلية طموحة بين دولهم، من خلال خطة عمل مشتركة في مجالات الحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري. ونجحت رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك وتفعيل الدور الاستراتيجي لمجلس التعاون إقليميًا وعالميًا، وتوثيق التعاون بين دوله في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، بما يدعم التطور المستمر للقدرات الاستراتيجية لمنظومة مجلس التعاون في جميع المجالات.
وأسهم دعم ولي العهد لجهود تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة في تجاوز العديد من التحديات والأزمات التي تواجهها دولها، والتركيز على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل من الرخاء والازدهار والتنمية والتكامل الاجتماعي وتعميق الشراكات الثنائية والمتعددة.
إن الاعتماد على القوة الناعمة السعودية بمختلف أدواتها في الوقت الراهن يلعب دورًا كبيرًا وحيويًّا في التعريف الصحيح والواقعي بقدرات المملكة وإمكاناتها، وكذلك المساهمة في بناء علاقات مع كثير من الدول مبنية على المعلومة الصحيحة والصورة الواقعية وفقًا لرؤية المملكة 2030 التي تقوم بتعزيز مكامن القوة واستغلال هذه الفرص لتعزيز مواردها المالية ووجود فرص كبيرة في العلاقة بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج ينشأ عنها تحقيق مصالح مشتركة وفرص وعوائد تستفيد منها هذه الدول حيث إن سياسة السعودية ودول الخليج قائمة على علاقات تهدف إلى تحقيق مصالح مشتركة مع دول العالم دون أن يكون هناك استغلال أو تفضيل عزز من موثوقية العلاقة معها ورغبة دول كثيرة في بناء علاقات بناءة، وهذا ما يميز التكتلين اللذين يمتلكان خصائص متقاربة.