سلمان للإغاثة يوزّع 1.900 سلة غذائية في محلية الدامر بالسودان
مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع
سؤال وإجابة بشأن تخفيض غرامات المخالفات المرورية
قصر العان بنجران يجذب زوار المنطقة في العيد بطراز معماري فريد
القبض على 4 أشخاص لترويجهم 56,119 قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي
الجنيه الإسترليني ينخفض مقابل الدولار واليورو
30 فعالية في تبوك خلال عيد الفطر
إبريل ذروة الهطول المطري في السعودية
القبض على 6 مخالفين لتهريبهم 83 كيلو قات في جازان
الفنون الشعبية تُزين احتفالات العيد بالقصيم
قال الكاتب والإعلامي د. علي الخشيبان إن المملكة العربية السعودية السعودية هي من يمتلك المتغيرات المؤثرة في صناعة القرار العربي في السودان.
وأضاف الكاتب في مقال له بصحيفة “الرياض”، أنه بعد تحقيق الأبعاد الإنسانية أولاً وتأمين العالقين تتطلع المبادرة السعودية إلى بناء اتفاق طويل الأجل لوقف إطلاق النار ومن ثم الدفع باتجاه عقد مفاوضات مباشرة بين الأطراف”.
وواصل الكاتب بقوله “يأتي ذلك تمهيداً لمراحل سياسية مقبلة، وهذا سوف يمكّن السعودية كقائد للمبادرة من توظيف قدراتها السياسية وبقوة لصالح الاستقرار في السودان عبر بناء استراتيجية استباقية تمكن السودان من الخروج من الأزمة، هذا الخروج الذي ينطوي على جوانب سياسية تحقق الاستقرار للسودان عبر حكومة مدنية تساهم في تغليب المصلحة الوطنية بعيداً عن التنافس السياسي بين أي من أطراف الأزمة..”، وإلى نص المقال.
عندما كشفت المملكة العربية السعودية عن مبادرتها لاستضافة طرفي الأزمة في السودان لم يكن في ذلك حالة استغراب دولية، فالسياسة السعودية تدرك أنه إذا أمكن السيطرة على الوضع في الأرض فإنه يمكن الانتقال إلى مراحل أخرى من السلام، والسعودية تاريخياً تمتلك علاقات مميزة وعلاقات شعبية مميزة وخاصة مع بلدان الوطن العربي والشرق الأوسط، وإذا استعرضنا المبادرة السعودية من أجل حل الأزمة السودانية ندرك أن السياسة السعودية تضغط في مسار محدد هدفه استثمار المتغيرات القائمة على الأرض من أجل إعادة الوضع إلى مرحلة الاستقرار ومن ثم الانطلاق من جديد نحو بناء الاستقرار السياسي في السودان.
التجربة القاسية التي مرت بها بعض دول المنطقة قبل أكثر من عقد من الزمان حيث كانت الثورات العربية، هي تجربة ودروس تطلبت بروز الدور السعودي الأقوى بشكل سريع ومباشر بعيداً عن التردد في مناقشة الأزمة أو الحديث عنها عن بعد، لذلك فالنقطة الأساسية التي انطلقت من خلالها المبادرة السعودية مرت بمرحلتين؛ الأولى هدفها المساهمة في تخفيف الضغط على الشارع السوداني وعدم السماح بتراكم الأزمات في المجتمع من خلال طرح مبادرة إنقاذ مجموعات من العالقين بينهم سعوديون وغيرهم من الجنسيات وقد نجحت هذه الحركة في تعزيز المسار الإنساني، أما الثانية فهي عملية التهيئة المباشرة لدور سياسي فاعل بين الأطراف عبّرت عنه المبادرة السعودية التي تستضيف أطراف الأزمة.
هذه المبادرة الإنسانية من السعودية لعبت دوراً مهماً في طرح موضوع الإجلاء كقضية سياسية ومطلوبة لمعالجة الأزمة، وقد ساهمت المبادرة السعودية ودعمت فكرة الهدنة وإطالتها وتجديدها لعدة مرات، طرح الموضوع الإنساني بهذه السرعة وسط القضية العسكرية المشتعلة هو المتغير الذي أثبت فاعليته في تخفيف وتحجيم تطورات الأزمة إلى أبعاد أخرى، فلو تصورنا أن الدول اضطرت إلى إجلاء رعاياها عبر استخدام القوة والتدخل العسكري السريع من جانب كل دولة فكيف ستكون النتيجة النهائية وخاصة أن في السودان جاليات من كل دول العالم غرباً وشرقاً.
المرحلة الأهم في المبادرة السعودية هي صناعة السلام والاستقرار من خلال بذل الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فمنذ منتصف أبريل الماضي اندلعت هذه الأزمة التي تساهم فيما لو استمرت في خسائر كبرى في الأرواح والعتاد والسياسة والاقتصاد في بلد يعاني من الكثير من الأزمات، فالسودان هو من بين أفقر عشرين دولة في العالم ويرزح أكثر من نصف السكان في السودان عند خط الفقر ويعاني من أزمات اقتصادية كبرى.
الهدف الرئيس لمبادرة السعودية هو جلب أطراف الأزمة السودانية للتفاهم وجلب الاستقرار هناك، والسعودية تدرك أن مؤشر الاستقرار في العالم العربي ليس على ما يرام وهو ليس بحاجة إلى ثغرة جديدة يمكنها العبور من خلال الأزمة السودانية، وتشير الكثير من الأبحاث والدراسات إلى هذه الأزمة حيث يوصف عدم استقرار العالم العربي بأنه يعادل ثلاثة أضعاف ما يجري في بقية دول العالم، ولذلك فإنه من الناحية النظرية والعلمية فإن السماح للأزمة السودانية بالاستمرار يعني بلا شك أن المنطقة العربية ذاهبة إلى وضع يمكن وصفه بأنه مأساوي مضاعف.
لماذا نجحت السعودية في جلب الأطراف إلى الحوار؟ هذا السؤال يمكن الإجابة عليه بالقول: إن السعودية اليوم وعبر التاريخ هي من يمتلك المتغيرات الأقوى في صناعة القرار السياسي العربي والإسلامي، المرحلة الدولية القائمة أكدت أن السعودية وبرغم كل الجهود المبذولة سواء من جيران السودان أو القارة الإفريقية أو الأمم المتحدة، إلا أن المبادرة السعودية هي الأقوى والتي حظيت بدعم القوى الدولية وعلى رأسها دول كبرى تساهم بقوة من أجل إنجاح هذه المبادرة التي تسعى للضغط على طرفي الأزمة من أجل فتح المجال للأبعاد الإنسانية، وكذلك تأكيد الفرصة لتمديد الهدنة وفتح ممرات إنسانية وتمكين المواطنين الهاربين من القتال من الوصول إلى مناطق آمنة.
بعد تحقيق الأبعاد الإنسانية أولاً وتأمين العالقين تتطلع المبادرة السعودية كما في مسارها المعلن إلى بناء اتفاق طويل الأجل لوقف إطلاق النار ومن ثم الدفع باتجاه عقد مفاوضات مباشرة بين الأطراف تمهيداً لمراحل سياسية مقبلة، وهذا سوف يمكن السعودية كقائد للمبادرة من توظيف قدراتها السياسية وبقوة لصالح الاستقرار في السودان، عبر بناء استراتيجية استباقية تمكن السودان من الخروج من الأزمة، هذا الخروج الذي ينطوي على جوانب سياسية تحقق الاستقرار للسودان عبر حكومة مدنية تساهم في تغليب المصلحة الوطنية بعيداً عن التنافس السياسي بين أي من أطراف الأزمة.