الأفضل دراسة الأولويات والبدائل بعيداً عن عوامل الإبهار السريع غير مضمون النتائج

استقطاب الأشهر والأضخم ليس دوماً أفضل السبل لتحقيق أهداف دبلوماسيتنا وقوتنا الناعمة

الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٤١ صباحاً
استقطاب الأشهر والأضخم ليس دوماً أفضل السبل لتحقيق أهداف دبلوماسيتنا وقوتنا الناعمة
المواطن - فريق التحرير

أكد الكاتب والإعلامي د. سعود كاتب، أن سياسة استقطاب «الأشهر» و»الأضخم» ليست دوماً هي أفضل السبل لتحقيق أهداف دبلوماسيتنا وقوتنا الناعمة، فبالإضافة للتكلفة المادية الضخمة لهذه الاستقطابات، فإنها عادة ما تكون سيفاً ذا حدين، لأن التغطيات الإعلامية الدولية المصاحبة لها لا تكتفي عادة بتسليط الضوء على الإيجابيات وحدها، بل تبحث أيضاً عن السلبيات، وتسعى أحياناً لتضخيمها واختلاقها.

وأضاف الكاتب في مقال به بصحيفة “المدينة”، بعنوان “هل كريستيانو صفقة رابحة.. أم خاسرة ؟!”: “في اعتقادي أن الأجدى هو استقطاب لاعبين أكثر فائدة، ولا يمثل «فائض» شهرتهم عبئاً لا داعي له على أنديتهم وعلى الدوري ككل، والتركيز على فعاليات مثل السوبر الإيطالي والإسباني، وبذل الجهد لتحقيق نتائج مؤثرة؛ مماثلة للتأهل لكأس العالم، والفوز على الأرجنتين.

وتابع الكاتب أن ما سبق لا يعني بالتأكيد بأن علينا إلغاء فكرة السعي نحو استقطاب اللاعبين ذوي الشهرة العالية، أو الفعاليات الكبرى، ولكنه يعني ألا يكون ذلك هدفاً بحد ذاته، وأن يتم تحديد الأهداف بتمعن، ودراسة الأولويات والبدائل المختلفة؛ بعيداً عن عوامل الإبهار السريع غير مضمون النتائج.. وإلى نص المقال:

تنحية الميول والعواطف جانباً

للإجابة بتجرد عن مدى جدوى التعاقد مع نجوم رياضة فائقي الشهرة -مثل كريستيانو رونالدو- أو حتى عند التخطيط لاستضافة فعاليات دولية كبرى مثل المونديال، فإن الخطوة الأولى هي تنحية الميول والعواطف جانبا، والتفريق بين ما إذا كنا نسعى من وراء هذه التعاقدات والاستضافات للاستمتاع محليا، (وهو قطعا أمر مشروع ومطلوب)، أم أننا نسعى من ورائها لتحقيق مستهدفات دبلوماسيتنا العامة المتمثلة في أمور هامة أيضاً؛ من قبيل تعزيز الصورة وتسويق الدولة nation branding والترويج للسياحة والاستثمار.

وتكمن أهمية هذا التفريق بين الأمرين في كون التداخل بينهما يحول دون وضوح معايير تقييم النتائج والتأثير، مع التسليم التام بأنهما معا؛ يمثلان أهدافا مرغوبة ومطلوبة لأي تعاقدات واستضافات.

التريث في إجراء أي تعاقدات

وبالنسبة لكريستيانو تحديداً، فإنه بالرغم من استمتاعي الشديد شخصياً بوجود لاعب فذ مثله في دوري روشن، إلا أني عبَّرت بوضوح فور تعاقد نادي النصر معه، وذلك على حسابي في تويتر، بعدم تفاؤلي بأنه سيحقق سقف التوقعات المأمولة منه، وأشرت بضرورة، ليس فقط تخفيض ذلك السقف الفلكي، بل والتريث في إجراء أي تعاقدات مع نجوم آخرين من فئة الـ «سوبر ستار»، لحين التأكد من جدوى ذلك التعاقد.

وإيضاحاً للأمر، فإن هناك عدداً من الأسباب لعدم تفاؤلي هذا، والذي أثار حفيظة البعض، وأول تلك الأسباب، هو قناعتي بحقيقة أن المبالغة في التركيز على استقطاب «الأشهر» و»الأضخم» ليس دوماً هو أفضل السبل لتحقيق أهداف دبلوماسيتنا وقوتنا الناعمة، فبالإضافة للتكلفة المادية الضخمة لهذه الاستقطابات، فإنها عادة ما تكون سيفاً ذا حدين، لأن التغطيات الإعلامية الدولية المصاحبة لها لا تكتفي عادة بتسليط الضوء على الإيجابيات وحدها، بل تبحث أيضاً عن السلبيات، وتسعى أحياناً لتضخيمها واختلاقها.

استقطاب الأشهر والأضخم

وفي حالة اللاعب كريستيانو، فإن افتراض البعض بأن امتلاكه لعدد متابعين يتجاوز المائة مليون هو أمر إيجابي في كل الأحوال، هو افتراض خاطئ.. ولمزيد من الواقعية بهذا الشأن، فإن جولة سريعة على تعليقات معجبي اللاعب في الحسابات الدولية؛ يتضح منها أنها تميل للسلبية أكثر من الإيجابية، خاصة خلال الفترة التي تلت الإعلان عن التعاقد.

من ناحية أخرى، يردد بعض المنبهرين بـ «الأشهر» و»الأضخم»، بأنها تساهم في تسريع تعريف الناس حول العالم باسم البلد وتكرار ترديدهم له، وهذا الأمر صحيح دون شك، ولكن من يحتاجه؟؛ هو تلك الدول الصغيرة التي لا تزال في مرحلة التعريف باسمها، وهي مرحلة تجاوزتها المملكة كثيراً ولله الحمد، والتي هي حاليا في مرحلة متقدمة للتعريف بتفوقها وبإنجازاتها الضخمة المتتالية.

تحديد الأهداف بتمعن ودراسة الأولويات

وفي اعتقادي أن الأجدى هو استقطاب لاعبين أكثر فائدة، ولا يمثل «فائض» شهرتهم عبئا لا داعي له على أنديتهم وعلى الدوري ككل، والتركيز على فعاليات مثل السوبر الإيطالي والإسباني، وبذل الجهد لتحقيق نتائج مؤثرة؛ مماثلة للتأهل لكأس العالم، والفوز على الأرجنتين.

ما سبق لا يعني بالتأكيد بأن علينا إلغاء فكرة السعي نحو استقطاب اللاعبين ذوي الشهرة العالية، أو الفعاليات الكبرى، ولكنه يعني ألا يكون ذلك هدفاً بحد ذاته، وأن يتم تحديد الأهداف بتمعن، ودراسة الأولويات والبدائل المختلفة؛ بعيداً عن عوامل الإبهار السريع غير مضمون النتائج.