فرنسا تخوض معركة وجود بالقارة السمراء

جولة ماكرون تشهد انزعاجًا وفتورًا متبادلًا مع قادة إفريقيا

الأحد ٥ مارس ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٣١ مساءً
جولة ماكرون تشهد انزعاجًا وفتورًا متبادلًا مع قادة إفريقيا
المواطن - ترجمة: هالة عبدالرحمن

اختتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جولته بالقارة الإفريقية والتي بدأت، الأربعاء الماضي، بهدف عرض استراتيجيته بشأن القارة للسنوات الأربع المقبلة من أجل تعميق الشراكة بين فرنسا وأوروبا والقارة الإفريقية، وكذلك المسار الذي سيسلكه في عهدته الثانية.

انزعاج متبادل

وكان الانزعاج المتبادل بين ماكرون وقادة تلك الدول الإفريقية، العنوان الرئيسي لمعظم تلك الزيارات التي انتهت أمس السبت، بحسب صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن الانزعاج المتبادل بين إيمانويل ماكرون والزعيم الكونغولي دينيس ساسو نغيسو بدا واضحًا حينما قرر ماكرون البقاء لساعات فقط في برازافيل، وهو ما تم تفسيره بشكل سيئ من قبل دينيس ساسو نغيسو، بينما دافع ماكرون عن رغبته في وضع حد للماضي الاستعماري الفرنسي بالقارة السمراء.

الحرب الشائكة

وعاد إيمانويل ماكرون إلى ساحة دبلوماسية الحرب الشائكة في جمهورية الكونغو الديمقراطية المحطة الأخيرة من جولته في إفريقيا، حيث تواجه جهوده لإحلال السلام في شرق البلاد في مواجهة تمرد حركة 23 مارس معارضة.

وتشكل جولة الرئيس إيمانويل ماكرون الحالية إلى أربع دول بوسط وغرب إفريقيا حلقة جديدة في سلسلة من مبادرات وزيارات مكثفة بلغت 18 زيارة منذ توليه الرئاسة سنة 2017، ولم يسبق لرئيس فرنسي أن قام بها في فترة ولايته، فيما يؤشر إلى اهتمام استثنائي موجّه للقارة الإفريقية، يعتبره مراقبون نابعًا من تحوّل في سياسة فرنسا الإفريقية.

تراجع النفوذ الفرنسي

وبقدر ما ينطوي خطاب الواقعية الذي بات يصدر من قمة هرم الدولة الفرنسية، على اعتراف بتراجع نفوذ القوة الاستعمارية السابقة، فهو يحمل معه توجهات لتحقيق انطلاقة جديدة للدور الفرنسي هناك.

وتواجه فرنسا معارضة متزايدة من الحكومات المحلية بسبب استمرار وجودها العسكري في العديد من مستعمراتها السابقة، مما اضطرها لسحب مئات القوات من مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو خلال العام الماضي، فيما لا يزال حوالي 5000 جندي فرنسي متمركزين في قواعد مختلفة في جميع أنحاء القارة.

مشاعر معادية

وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير لها، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شرع في السعي لكسب التأييد في جميع أنحاء إفريقيا على أساس سياسة التواضع العميق، التي جاءت في أعقاب تدخل عسكري محبط دام عقدا من الزمن، أملا في مواجهة موجة من المشاعر المعادية لفرنسا في المستعمرات الإفريقية السابقة لفرنسا.

وقال تييري فيركولون، باحث مشارك في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: “يريد ماكرون إنقاذ ما في وسعه”، مشيرًا إلى أن ولايته الأولى كانت فاشلة، سواء من حيث الحرب على الإرهاب أو محاولة الحفاظ على النفوذ الفرنسي.

إذلال ماكرون

فيما تقول صحيفة “ذا سبيكتاتور” البريطانية، إن الإمبراطورية الفرنسية الفرنكوفونية الإفريقية، جنبًا إلى جنب مع مستعمراتها في جنوب شرق آسيا، سمحت لفرنسا بالإعلان عن موقعها كثاني أكبر قوة استعمارية في العالم.

وأشارت إلى أنه على عكس القوى الإمبريالية الأخرى نشرت فرنسا قيمها العالمية كجزء من مهمة الحضارة، إلا أنه مع مقتل حوالي 50 من العسكريين الفرنسيين وعدم ظهور نجاح يذكر في صد الإرهاب، أُجبر ماكرون على إعادة التفكير في استراتيجية فرنسا بأكملها تجاه إفريقيا.

وأضافت “ذا سبيكتاتور”: العداء لفرنسا في القارة هو في ذروته منذ الاستقلال، والأجيال الشابة تنظر إلى وجود فرنسا بتشكك متزايد، مما دفع ماكرون إلى مناشدة الشباب الإفريقي مباشرة من أجل علاقة متبادلة ومسؤولة، متعهدًا بسياسات جديدة لمرحلة ما بعد الاستعمار.