تضاؤل الأمل في العثور على ناجين

إخفاء موت الأبناء وقصص مفجعة لضحايا زلزال تركيا

الأحد ١٢ فبراير ٢٠٢٣ الساعة ١٢:١٣ مساءً
إخفاء موت الأبناء وقصص مفجعة لضحايا زلزال تركيا
المواطن - ترجمة: هالة عبدالرحمن

تسببت الزلازل التي وقعت يوم الاثنين الماضي في مقتل 28 ألف شخص حتى الآن، وهو رقم قابل للزيادة، ومع تلاشي آثار الصدمة، بدأ ينكشف حجم المأساة الإنسانية، فلا أحد يعرف عدد الجثث التي ما زالت تحتضنها الأنقاض، كما أن العديد من الناجين لا يعرفون الحقيقة الكاملة بشأن ما فقدوه من أقاربهم وأحبائهم.

مأساة لاجئة سورية

وتستعرض صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مأساة امرأة سورية هربت من جحيم الحرب في بلادها لتلقى مصيرها في زلزال تركيا المدمر تحت الأنقاض، وتتذكر اللاجئة السورية في تركيا، نجوى إيبش، أنها استيقظت في تلك الليلة الكارثية لتجد جثة زوجها، حسن، تلتف حولها لحمايتها.

ولم تكن كارثة وفاة زوجها فقط التي تنتظرها عقب إنقاذها من قبل رجال الإغاثة، حيث فقدت أيضًا ابنها، ولكن لم يجرؤ أحد على إبلاغها بالأمر.

تجهل موت ابنها

وأنقذ معيل الأسرة حسن، 37 عامًا، زوجته نجوى، البالغة من العمر 27 عامًا، وطفلهما الأصغر، ماجد، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا.

وخرجت نجوى من الكارثة وهي تتلقى العلاج من جراحها في المستشفى، لكنها لا تزال تجهل مصير ابنها الأوسط، محمد، إذ لم يجرؤ أحد من عائلتها على إبلاغها بوضعه وهي حزينة على فقدان زوجها، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

جهود إنقاذ فردية

وعندما بدأت الأرض تهتز في بلدة الإصلاحية الجبلية في تركيا، قفز ابن نجوى الأكبر منير البالغ من العمر 12 عامًا من النافذة وهرع إلى الشارع طالبًا المساعدة من جده وأقارب والدته.

وجاء والد نجوى وإخوتها إلى مكان الحادث دون أن ينجحوا في إزالة الركام وسط الظلام الدامس قبل أن تصل سيارات الإنقاذ.

عائلات مكلومة

كان أقاربها عاجزين عن رفع الركام، ولاحقًا في النهار، رأوا جثة حسن الذي توفي بجانب زوجته نجوى المصابة. وتمكنوا من الوصول إلى يدها من خلال الحفر في الأنقاض وهي في حالة متردية بسبب إصابات وكسور متفرقة بجسدها. وكانت نجوى في حالة هيستيرية وظلت تصرخ أن حسن وأولادها قد ماتوا، وفقًا لوصف ابن عمها مصطفى شيخ في حديثه للصحيفة الأمريكية.

وتواجه العائلات المكلومة معضلة في جنوبي تركيا وشمالي سوريا، حيث يحاول الأقارب حماية أحبائهم المفجوعين من الألم المضاعف بعدم إبلاغهم عن مصير ذويهم.

صعوبة عمليات الإنقاذ

واستغرق وصول سيارات الإنقاذ عدة ساعات لموقع الحادثة وفي غضون ذلك ظل أقارب نجوى يحاولون تشتيت انتباهها بالنكات وقصص من سوريا والحديث عن الطعام الذي سيطبخونه معًا. ولكنها سألت مرارًا وتكرارًا عن أطفالها. لكن بعد ذلك قاطعهم صوت في مكان ما أعمق تحت الأنقاض. كان الصوت لنجلها محمد وهو يقول لهم إن ظهره يؤلمه. وبدون المعدات المناسبة، استغرق الأمر ساعات لإنقاذ نجوى أولا ثم محمد.

وأدى اتساع نطاق الدمار إلى عدم وجود معدات حفر كافية لإنقاذ الأشخاص الذين ظلوا تحت الركام. في كل من تركيا وسوريا، حيث لقي أشخاص حتفهم عندما استخدموا معدات بدائية لإزالة الأنقاض.

فاجعة أخرى

وأصيبت ساق نجوى بجروح بالغة وتم نقلها إلى المستشفى، فيما خرج محمد مبتسمًا. وقال عمه، مصطفى إيبش: “نعتقد أنه كان في حالة صدمة. لا يمكن القول في ذلك الوقت إن هناك خطأ ما”.

ولكن سرعان ما عرفوا أن الطفل الصغير مصاب، لكنهم لا يملكون الشجاعة لإبلاغ نجوى بمصير ولدها الذي نقله خاله، عمر، إلى المستشفى دون إخبارها ليتم تشخيصه بأنه مصاب بفشل كلوي.

إنقاذ الحيوانات

وفي سياق متصل، قال محمد يوسف، أحد الأطباء البيطريين في محمية إرنستو للقطط في سوريا لـ واشنطن بوست: “حاولنا إنقاذ الحيوانات أيضًا تمامًا مثل البشر”، ومع تضاؤل الآمال في إنقاذ الناجين من الزلزال في شمال غرب سوريا، واصل ما يقرب من 12 من عمال الإنقاذ انتشال الكلاب والقطط والماعز والدجاج من تحت الأنقاض، باستخدام القليل من الأدوات، حيث عملوا يدويًا بالجهود الذاتية.

وقالت مديرة مؤسسة إرنستو ، أليساندرا عابدين، إن مجموعتها كانت الوحيدة في شمال غرب سوريا التي تركز على العثور على الحيوانات، حيث ركزت مجموعات أخرى مثل الدفاع المدني السوري، المعروف أيضًا باسم الخوذ البيضاء، على انتشال البشر من تحت الأنقاض.
وقد أحضر الفريق بالفعل ما يقرب من 35 حيوانًا إلى المحمية في مدينة إدلب وعالج عشرات الحيوانات الأخرى في المنطقة، حيث قطع مسافة 20-30 ميلًا للعثور على حيوانات في المزارع، وقالت أليساندرا عابدين إن عملية الإنقاذ ستستمر لمدة أسبوع آخر تقريبًا.

تضاؤل الأمل

وتتواصل جهود الإنقاذ بعد الزلازل الكبيرة التي دمرت جنوب غرب تركيا وسوريا، لكن فرص النجاة تتضاءل كل ساعة. في غضون ذلك، يقيم أكثر من 1.1 مليون شخص في مراكز إيواء مؤقتة في تركيا، حيث تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بإعادة بناء أكثر من 100 ألف منزل في غضون عام.

إقرأ المزيد