قال الكاتب والإعلامي عبده خال إن ما نفعله من تهانٍ بحلول عام جديد ما هو إلا كذبة بيضاء نريد من خلفها تجديد الأمل والأماني، ولا ضير من ممارسة الكذب الأبيض مع النفس لأنها تقبل بهذه الكذبة لمعرفتها ظرفها وما يمكن له أن يغير من ذلك الظرف، إلا أن التصديق بما يتم تناقله من نبوءات ينثرها المنجمون ليلة رأس السنة فهو الخداع الحقيقي للنفس، ويصبح ذلك الخداع أكثر ضرراً حينما ينتظر الفرد تحقيق نبوءات المنجمين.
وأضاف الكاتب في مقال له بصحيفة “عكاظ”، بعنوان “عام 2023” : “اليوم أول أيام السنة الميلادية.. في هذا اليوم ينثر الناس الأمنيات الطيبة لاستقبال عام جديد، والبعض أغلق الباب على السنة الماضية (بالضبة والمفتاح) مودعاً كل ما حدث فيها”.
وتابع الكاتب “البارحة كانت مناسبة رأس السنة، وسبقها بعدة ليال العيد المجيد، ولتقارب مناسبتي (الكريسماس) ورأس السنة الميلادية يحدث الخلط، إذ يعتبر الواحد منا أن المناسبتين هما احتفالات دينية بينما هناك اختلاف جوهري، (فالكريسماس) احتفال ديني لدى بعض المسيحيين، وتحديداً طائفة الكاثوليك الذين وضعوا يوم 25 ديسمبر موعداً لميلاد المسيح، بينما الأرثوذكس يحتفلون بالعيد المجيد في اليوم السابع من يناير بسبب اختلاف التقويم، وهذه الجزئية أفتح لها قوساً كبيراً تحديداً حينما يأتي الحديث عن التاريخ الذي لا أعتبره أميناً في تحديد الأيام والأحداث كما حدثت في زمنيتها، والباحث يجد عنتاً في نقض ما تم تثبيته من أحداث في رؤوس الناس”.
وأضاف “ومع ذلك هناك من يرى أن السير مع الناس فيما يؤمنون به من أحداث خير من مجادلتهم والقضاء على أفراحهم ومطالبتهم بالعودة إلى البحث والمقارنة لتثبيت يوم واحد لحدث بعينه أو تصويب حادثة علقت بها الزوائد”.
وواصل الكاتب بقوله “المهم أن رأس السنة الميلادية كان البارحة، وهو احتفال غير ديني يتبادل فيه سكان المعمورة دخول عام جديد مكلل بالأمنيات بحلوله، متمنين أن يكون أفضل مما تم توديعه من أيام. وهذه الأمنيات هي مخاتلة كاذبة نغفل عنها ونحن نقلب صفحة التقويم”.
وتابع الكاتب “فمع الساعة 12 ودقيقة من مساء شهر ديسمبر وقرع دقائق الساعة الأولى من أول أيام يناير تحدث المخاتلة، فانتقال عقرب الساعة بدقيقة لا يعني نقض أو تغير ما يعيشه الفرد أو الدول، فالأحداث هي هي، بأثرها، وتراكمها، وجدليتها، وما نفعله من تهانٍ بحلول عام جديد ما هو إلا كذبة بيضاء نريد من خلفها تجديد الأمل والأماني، ولا ضير من ممارسة الكذب الأبيض مع النفس لأنها تقبل بهذه الكذبة لمعرفتها ظرفها وما يمكن له أن يغير من ذلك الظرف، إلا أن التصديق بما يتم تناقله من نبوءات ينثرها المنجمون ليلة رأس السنة فهو الخداع الحقيقي للنفس، ويصبح ذلك الخداع أكثر ضرراً حينما ينتظر الفرد تحقيق نبوءات المنجمين”.
وختم الكاتب بقوله “من هذا كله قصدت الإشارة إلى أننا -مجتمعين- نمارس الكذب الأبيض مع معرفتنا بذلك، فلندع الأيام البيض تملأ حياتنا إن كان له أثر البهجة، فالإنسان لا يريد سوى البهجة وإن كانت مصطنعة.
ومع كل أنواع الخداع الذي حدث ليلة الأمس لا ضير أن أقول لكم: كل عام وأنتم في أحسن حال.