إلزام مرافق الضيافة السياحية بالحصول على ترخيص مزاولة الأنشطة انطلاق الانتخابات الرئاسية في كرواتيا هيئة المحتوى المحلي تُعلن إضافة 122 منتجًا في القائمة الإلزامية القتل حدًّا لـ مواطن استدرج زوجته وأنهى حياتها بطلقات نارية بمنزل والدها السفير وليد البخاري يحتضن التوأم السيامي السوري قبل مغادرتهما إلى الرياض 44 طالبًا وطالبة من تعليم الرياض يتأهلون لـ إبداع 2025 سعر الذهب عيار 24 و21 في السعودية اليوم الأحد جامعة الطائف الثالثة محليًّا والتاسعة عربيًّا بالتصنيف العربي للجامعات إحصاءات الأمن الغذائي 2023 بالمملكة: التمور تحقق أعلى نسبة اكتفاء ذاتي القتل تعزيرًا لـ مواطن لترويجه الحشيش المخدر في مكة المكرمة
استحقت أن تخلد مسيرتها بفيلم وثائقي يروي قصة طموحها الملهمة للكثير من رائدات الأعمال السعوديات خاصة في مجال الأزياء، فقد كانت طاهرة السباعي مثالًا للسيدة المكية التي قادها طموحها إلى العالمية.
ولدت طاهرة السباعي، أول مصممة أزياء سعودية، في مكة المكرمة، ولم تلتحق بالمدرسة كما هو حال معظم بنات جيلها، عشقت الشعر مرويًّا من بعض النساء في مجالسهن في مكة، قرأت لعمر بن أبي ربيعة وعشقت تاريخ وروح هذه المرأة في ذلك التاريخ، ووقتها اتخذت قرارًا بأن تقرأ كل شيء عن تلك الحقبة من التاريخ، فتعلمت القراءة والكتابة.
وكبنات جيلها وبحسب العادات والتقاليد تزوجت طاهرة في الثالثة عشرة من عمرها من محمود بيت المال، وهو أيضا سليل أسرة مكية معروفة وعريقة امتهنت الطوافة منذ أكثر أربعة قرون، وعلى الرغم من أنها كانت أمية لا تقرأ ولا تكتب ولم تحظ بالتعليم، إلا أنها كانت تتمتع بشخصية فذة تمتلئ بالعزيمة والإصرار على اتخاذ القرار وتحمل عواقبه أيا كانت.
واستطاعت طاهرة أن تحول موهبتها في الرسم منذ صغرها، نحو تصميم الأزياء التراثية والتاريخية، وهو ما ضاعف من شغفها ورغبتها في تعلم المزيد، وساهم هذا الأمر في تشكيل رؤية صلبة وحلم وطموح لا منته بالرغبة في تعليم أبنائها وتحقيق ما لم تحظ به من علم، ونظرا لأن نهضة التعليم في المملكة كانت في مراحلها الأولى، قررت طاهرة الانطلاق مع زوجها وأبنائها السبعة إلى العالم الفسيح رغبة منها في تعليم أبنائها حتى يعودوا مسلحين بالعلم ويساهموا في تنمية وطنهم، ومن هنا انطلقت مسيرة طويلة من الكفاح، بعد أن انتقلت الأسرة إلى مصر لعدة سنوات، قبل أن تحط الرحال في مدينة إكستر البريطانية التي عاشت فيها لأكثر من أربعة عقود حتى وافتها المنية في العام 2011م.
خلال تلك السنوات عملت طاهرة السباعي جاهدة على تحقيق رغبتها في تعليم أبنائها، وتحصل بالفعل جميعهم على العلم في أفضل الجامعات، وحصل خمسة منهم على درجات الدكتوراه في الطب والفيزياء والعلوم الاجتماعية، ثم شق أبناؤها طريقهم في الحياة، وفي تلك الفترة داهم المرض زوجها، وأخذت على عاتقها ملازمته ورعايته لعدة سنوات قبل أن توافيه المنية، وخلال تلك السنوات الطويلة التي قضتها في بريطانيا تقوقعت طاهرة في محيط أسرتها ولم تختلط بالمجتمع الغربي كما يتوقع البعض، حتى أنها لم تتعلم الإنجليزية على الرغم من أنها عاشت في بريطانيا لأكثر من أربعين عاما، ولكنها ذهبت بطموحاتها إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.
وركزت طاهرة على هوايتها القديمة وعشقها لتصميم وحياكة الملابس ذات الطابع التراثي والتاريخي، لتصبح بذلك أول سعودية تتخصص في هذا المجال، ودفعها هذا الشغف والحس بجماليات الأزياء التراثية إلى تعلمها القراءة والكتابة بنفسها وهي في الخمسينات من عمرها، وأخذت تقرأ عن أزياء الشعوب وتاريخها وتراثها.
وقامت بخطوة عظيمة نحو المحافظة على التراث العربي في الأزياء، بعد إعدادها رحلة مكوكية لعدد من الدول العربية بدأتها بوطنها الأم في المملكة، ثم الجزائر والمغرب ومصر وتونس وسوريا، وجمعتها في مؤلفات بغرض المحافظة على التراث من الاندثار، وأيضا لعرضها على الدول الغربية لإطلاعهم على تراثنا الإسلامي من خلال الأزياء.
وصممت مجموعة من الأزياء استوحتها من أشعار عمر بن أبي ربيعة الغزلية، كما يتضح في كتابها الأول- أزياء الحجاز في شعر عمر بن أبي ربيعة- وشاركت بهذه الأعمال في عدد من صالات العرض العالمية، كما عرض عدد من أعمالها في المتحف البريطاني الوطني تكريما لأعمالها، ولها أكثر من عشر مؤلفات بارزة عن الأزياء التراثية العربية، بالإضافة إلى مجموعة قصصية للأطفال، منها (ذكرى أمي، وذكريات الطفولة)، ولها أيضا ديوانا شعر وعدد آخر من الأعمال كانت على وشك الانتهاء منها قبل وفاتها.
وتعتبر طاهرة السباعي أول باحثة تجمع وتوثق بعض نصوص شعر نساء الحجاز؛ لأن هذا الشعر كان مرويا ولم يكن مكتوبا، ووثقت ذلك في كتابها، الفراعن: شعر نساء الحجاز، فهي قامت بالسفر للمملكة بغرض جمع هذه النصوص وتدوينها، وساعدها في ذلك أخت زوجها أمينة بيت المال التي كان معروفا عنها أنها مدرسة ثقافية في مكة وصاحبة علاقات عامة كبيرة مع العديد من نساء مكة، وجمعت عن طريقها الكثير من هذه النصوص، ووثقت في كتبها عادات وحفلات القيس والخليف الشهيرة بنساء مكة وكتبت عن ما يذكر بها من أشعار.
وتعرفت طاهرة السباعي أثناء إقامتها في لندن على الزوجة الأولى لملك الأردن الراحل الحسيد لن طلال وهي الملكة دينا بنت عبدالحميد، وطلبت منها الملكة مجموعة من الأزياء العصرية المستوحاة من التراث، وبالفعل توسعت السباعي في بيع تصاميمها لسيدات المجتمع البريطاني الراقي وتوسعت قاعدة عملائها حتى وصلت أعمالها إلى متحف ألبرت في مدينة إكستر جنوب غرب انجلترا.
وتثبت الأعمال التي قدمتها طاهرة السباعي، أن المرأة السعودية في الحجاز كان لديها مجتمع نسائي متكامل، ليصبح بالتالي ضمن ثلاثة مجتمعات نسائية متكاملة في العالم، أي لها ثقافتها وأدبها وعاداتها وتقاليدها المستقلة بذاتها، حيث إحداها مجتمع نساء فاس بالمغرب، والثاني مجتمع الغيشا أو الجيشا في اليابان، والثالث هو مجتمع نساء الحجاز.
وجسدت قصة حياة طاهرة في فيلم أنشودة إلى أمي وهو من إنتاج ابنتها فريال، ويحكي الفيلم قصة واقعية ملهمة وثرية بالعبر عن السيدة المكية التي قادها طموحها ورغبتها في تحقيق رؤيتها وأهدافها إلى الهجرة إلى الخارج مع زوجها وأبنائها السبعة في رحلة كفاح، وقصة إنجازات تستحق أن تنضم لقوائم سير الذين قدموا للبشرية عطاءات لا تنسى من ذاكرة التاريخ. وكان الفيلم من إخراج جورج شمشوم، وهو مخرج أمريكي من أصل لبناني.