الضجيج حول خطبة العيسى.. والصمت حول “رأي بايدن لا يهمني”.. شيطنة السعودية ودفعها الدائم إعلاميًا إلى خندق الدفاع

لو كانت العناوين في المقالات تسمح بأكثر من هذا العنوان لكتبت أكثر فأنا أتحدث عن معاناة عقود مر بها السعوديون للدفاع عن وطنهم في وجه حملات إعلامية لا تكل ولا تمل وانتقلت الرايات في الهجوم علينا من معسكر القومية إلى معسكر الحركية .

تتذكر جيدًا أجيال قبل الإنترنت والقنوات الفضائية أن الراديو والكتاب والصحف الصفراء في الخارج أدوات سخرت لعقود للهجوم علي السعودية واتهامها بالعمالة والخنوع والخضوع والتخلف والرجعية والانغلاق والسقوط الوشيك وبذل السعوديون جهداً ضخماً للدفاع عن أنفسهم لإثبات أننا ندافع عن قضايا العرب وأننا جيدون، عقود مرت ونحن في خانة الدفاع إعلامياً تصمد السعودية وتنمو ثم تتطور وتتحدث .. ولا زلنا نبذل الجهد نفسه للدفاع عن أنفسنا.

أجيال من الإعلاميين خسروا جهدًا كبيرًا من إنتاجهم للدفاع ضد هجمات بعض شركائنا في اللغة والرد عليهم بدلاً من الاستمتاع والكتابة عن إنجازات وطنهم .. وكنا دائما نجر جراً إلى خانة الدفاع … ودخلت وسائل التواصل الاجتماعي في المشهد وأصبحت الناقل الأهم للمحتوي الإعلامي وأصبحت الهجمات على السعودية مركزة وتصل في لحظة إلى الجمهور المستهدف وانتقلت راية الدفاع عن الوطن من الإعلام التقليدي إلى المغردين الأبطال الذين يبذلون جهداً ضخمًا للوقوف في وجه هذه الحملات .

لكن السؤال الأهم الآن وبعد كل تلك العقود من الإستراتيجية نفسها في الدفاع عن النفس .. هل حان الوقت أن ندرس من هي المجتمعات المستهدفة بهذه الحملات ضدنا منذ عقود وهل تؤثر هذه الحملات على الوعي المعرفي للمواطن السعودي ( وهو الأهم ) وهل أغلبية من يهاجمنا يمكن أن يغيِّروا رأيهم مهما فعلنا .. وهل سمعنا لأحد منهم صوت حق وهم من صدعونا بزعامات الصمود عندما صرح ولي العهد لمجلة أمريكية بأن رأي بايدن فيني لا يهمني .. تخيلوا فقط لو أن زعيما شاباً في بلد غير السعودية واجه المد الإيراني واتخذ موقفاً مستقلاً وتحمل ضغوطًا لا تحتمل في أزمة عالمية ، وقاد مشروع تحديث شجاعًا وأطلق مشروع نماء في منطقة غارقة في الفوضى .. لقامت دنياهم ولم تقعد ولألفوا الكتب والروايات في هذا الزعيم .. وهل تفرغ واحد منهم لدراسة انحسار النفوذ الإيراني وماذا لو كانت الاغتيالات والاختراقات الحاصلة هذه الأيام في قلب الرياض وليس في طهران .

مشكلتهم المستمرة منذ عهد الراديو إلى تويتر مع هذه الدولة عميقة وأعمق كثيرًا من خطبة محمد بن عبدالكريم العيسى في عرفة الذي لو سألت أغلبهم ماذا قال في خطبته لم يأتوا بفقرة كاملة، لكنهم وكعادتهم يبنون أي إستراتيجية لهجومهم على المملكة بتضخيم الحدث ليصلوا إلى هدف الحملة ثم ماذا لو سأل أحدهم أقطاب الحملة على السعودية هل سبق للدكتور العيسى أو غيره من أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية أن قال شهاراً ظهاراً أن الحرية مقدمة علي تطبيق الشريعة كما قال شيخهم ورئيس اتحادهم ولنعد إلى تصريح كمال الهلباوي الشهير عن تنسيق اللقاء المفاجأة عام 2008 بين شيخهم والوفد اليهودي.

أول أساليب مواجهة الدعايه المضادة هي دراسة المجتمعات المستهدفة بها وتوجهاتها وأساليب إقناعها بالمعلومة .. فإذا كان الهدف هو زرع الكره لنا في نفوس الشعوب العربية والإسلامية فأولى خطوات صد الهجمات أن تعرف تلك الشعوب ماذا قدمت السعودية عبر مساهماتها وصناديقها وأن تربط مشاريع الصندوق السعودي للتنمية ومركز الملك سلمان للإغاثة بمشروع توعوي إعلامي أما إذا كان الهدف من الحملات التي لا تكل أو تمل هو المواطن السعودي لتشكيكه في منجزات وطنه ومكتسباته .. فإن هموم المواطن السعودي ومكتسباته لا بد أن تكون هي المحور الأهم في تعزيز الوعي لديه ضد هذه الدعاية المضادة.

المواطن الذي تلقى وعيه المعرفي حرباً شعواء في تويتر تشكك في أهلية دولته لرعاية الحرمين .. من أناس أغلبهم كانوا يطبلون ويهللون لما يسمى الربيع العربي .. ولكنهم نفضوا أيديهم وصمتوا عنه بعد كل هذه الدماء .. وطننا يدافع عنه بصور المنجزات .. بإبداع الشباب المخترع الذي حقق منجزات عالمية (( طبعا لم يذكرها أحد من أقطاب الدعاية المضادة )) .. بقصة الإسكان .. بتطور الصحة .. بالمواطن السعودي الذي غيَّر هذه الجزيرة العربية .. فالقصة ليست نفط القصة أكبر بكثير من ذلك.

مواصلة تطوير الوطن والمواطن والاهتمام بهم هي طريقة الرد المثلى على من حسم أمره في عداوتنا ولن يستكين حتى يحقق مراده .. رحم الله أبا حنيفة عندما تكالب عليه الحساد فأنشد أبيات بشار بن برد:

إن يحسدوني فإني غير لائمهم .. قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم مابي وما بهم .. ومات أكثرنا غيظا بما يجدُ
ولو كان أبو حنيفة رحمه الله حياً وشاهدًا صراخ عزام التميمي قائداً للحملة ضد السعودية .. لمد رجليه .

• # السعودية
• # العيسى
• # المملكة
• # المواطن
• # بايدن
• # صحيفة المواطن