وُصف مشروع قانون نوبك NOPEC والذي يعني اختصارًا لا لوجود كارتلات إنتاج وتصدير النفط، بأنه بطل من ورق؛ استنادًا إلى الرواية الإسبانية لبطلها دون كيشوت، النبيل الأحمق الذي ظن نفسه في مهمة مقدسة فحارب طواحين الهواء، فالنبيل المزعوم هنا هو الولايات المتحدة والمهمة المقدسة هي حماية المستهلكين والشركات الأمريكية من الارتفاع المفاجئ في تكلفة البنزين، أما الضحية الأولى لهذا المشروع فهو الدولار.
أقرت لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي، يوم الخميس، مشروع قانون من شأنه أن يفتح أمام أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركائها دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار، وذلك لتنظيم تخفيضات الإمدادات التي ترفع أسعار الخام العالمية.
ويهدف مشروع قانون عدم وجود كارتلات لإنتاج وتصدير النفط (NOPEC) إلى حماية المستهلكين والشركات الأمريكية من ارتفاع تكلفة البنزين، لكن حذر بعض المحللين من أن تنفيذه قد يكون له أيضًا عواقب خطيرة.
وإليك بعض النقاط المختصرة التي توضح كيف من المفترض أن تسير الأمور، ثم ما تداعيات ذلك، لا سيما على الدولار الذي تم تحييد بالفعل من قِبل دول عدة حول العالم.
أقرت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ أحدث نسخة من مشروع القانون يوم الخميس، ولكي يصبح قانونًا، ويجب أن يوافق مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالكامل على مشروع القانون ويوقعه الرئيس.
ولم يشر البيت الأبيض إلى ما إذا كان الرئيس جو بايدن يدعم مشروع قانون نوبك، وليس من الواضح ما إذا كان يحظى بالدعم الكافي في الكونجرس للوصول إلى هذا الحد.
وقد فشلت الإصدارات السابقة من مشروع قانون نوبك وسط مقاومة من قبل مجموعات صناعة النفط مثل معهد البترول الأمريكي، لكن الغضب تصاعد مؤخرًا في الكونجرس الأمريكي بشأن ارتفاع أسعار البنزين الذي ساعد في دفع التضخم إلى أعلى مستوى منذ عقود.
قال بعض المحللين إن التسرع في مشروع قانون NOPEC قد يؤدي إلى ردود فعل قوية من قِبل الدول الأخرى، بما في ذلك احتمال أن يتم اتخاذ إجراءات مماثلة ضد الولايات المتحدة لحجب الإنتاج الزراعي مثلًا بحجة دعم الزراعة المحلية، ما يؤثر بشدة على الاقتصاد الأمريكي.
ليس هذا فقط، بل هناك ما هو أخطر من ذلك، وهو الاستغناء عن الدولار، ولو لفترة مؤقتة، ففي حين أنه لطالما تسيد الدولار وضع العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، إلا أنه حاليًا يتم تحييده، وتقوم الدول بشراء احتياطاتها بالعملات الأخرى مثل اليوان والين والروبل، وترفع من غطاء الذهب بدلًا من الدولار، أضف إلى ذلك أن الدول المنتجة قد تقرر بيع منتجاتها بعملة أخرى غير الدولار، أبرز مثال على هذا بيع النفط باليوان.
وسعت الصين لسنين طويلة لشراء النفط باليوان بدلاً من الدولار، وهذا هو أنسب وقت لكي تجد فيه بائعًا راغبًا في ذلك، وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في أواخر العام الماضي أن بعض الدول في الخليج تدرس هذا الإجراء بالفعل.
ومن المعروف، أن مكانة الدولار القوية كعملة احتياطية تدين بالكثير إلى قوة الاقتصاد الأمريكي، ولا يخفى على أحد أنه في ظل الإدارة الحالية فإن الاقتصاد ليس في أفضل حالاته.
ويؤدي القيام بذلك إلى تقويض مكانة الدولار كعملة احتياطية رئيسية في العالم، ويقلل من نفوذ واشنطن في التجارة العالمية، ويضعف قدرتها على فرض عقوبات على الدول الأخرى.
ويمكن للدول الأخرى أيضًا أن تقرر شراء بعض الأسلحة من دول أخرى غير الولايات المتحدة، مما يضرب تجارة مربحة لمتعاقدي الدفاع الأمريكيين، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمنتجي النفط غير الأمريكيين تقييد الاستثمارات الأمريكية في بلدانهم أو ببساطة رفع أسعار النفط المباع في الولايات المتحدة، مما يقوض الهدف الأساسي لمشروع القانون.
قال محلل الشرق الأوسط والزميل في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان، إن الولايات المتحدة وحلفائها يواجهون بالفعل تحديات كبيرة في تأمين إمدادات طاقة موثوقة، متابعًا: آخر شيء يتعين علينا القيام به هو إلقاء قنبلة يدوية مثل هذه.
كما عارضت أكبر جماعة ضغط للنفط في الولايات المتحدة، معهد البترول الأمريكي، مشروع قانون نوبك، قائلة إنه قد يضر بمنتجي النفط والغاز المحليين.