ماذا بعد الانتصار؟

ماكرون يفوز بولاية ثانية.. رحلة انتخابات متعثرة لسيد الإليزيه

الإثنين ٢٥ أبريل ٢٠٢٢ الساعة ١١:٥٨ صباحاً
ماكرون يفوز بولاية ثانية.. رحلة انتخابات متعثرة لسيد الإليزيه
المواطن - خاص

اقتنص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأحد، مقعده في قصر الإليزيه بالفوز في الانتخابات الرئاسية وهزيمة منافسته مارين لوبان، ليصبح بذلك أول رئيس فرنسي يحظى بولاية ثانية منذ 20 عاماً.

وانتخب ماكرون البالغ من العمر 44 عامًا بعد حصوله على 58٪ من الأصوات، مقابل 42٪ للمرشحة لوبان 53 عاماً، بحسب النتائج الأولية، ليضع نهاية لما كان يمكن أن يكون زلزالاً سياسياً لأوروبا، لكنه أقر بعدم رضاه عن فترته الأولى وقال إنه سيسعى للتغيير.

ورحب القادة في برلين وبروكسل ولندن وغيرها بفوزه على لوبان التي تقود تيارا من القوميين المتشككين في الاتحاد الأوروبي.

رحلة متعثرة:

تعهد إيمانويل ماكرون الذي أعيد انتخابه رئيساً لفرنسا في مواجهة منافسته مارين لوبان بـ”تجديد أسلوبه” لكي يكون “رئيساً للجميع”.، في اعتراف بالرحلة المتعثرة للانتخابات الفرنسية.

وقال ماكرون خلال تجمّع لأنصاره قرب برج إيفل في باريس بعد إعلان تقديرات النتائج إن “هذه المرحلة الجديدة لن تكون تتمة لخمس سنوات انتهت، إنما اختراعاً جماعياً لأسلوب على أسس جديدة لخمس سنوات أفضل في خدمة بلدنا وشبابنا”.

وهنا يقول الباحث في الشؤون الدولية زكريا الحداد، إن رحلة الانتخابات الفرنسية كانت في منتهي الصعوبة زمام ماكرون الذي خسر الكثير من أسهمه في الشارع الفرنسي خلال فترة رئاسته الأولي التي اصطدمت بجائحة كورونا وتراجع الاقتصاد وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتابع الحداد، خلال تصريحاته لـ“المواطن”، جاءت العملية الروسية كطوق نجاه سياسي لماكرون، وحاول الظهور وكأنه قائد للاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، ما جعل إعادة انتخاب ماكرون لفترة رئاسية ثانية يبدو نتيجة حتمية لتلك التطورات.

 استطلاعات الرأي تفوز:

 صدقت توقعات استطلاعات الرأي، وفاز إيمانويل ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ضد مارين لوبان بنسبة 58.4٪ من الأصوات مقابل 41.6٪، وفقًا للتقديرات الأولى لوزارة الداخلية. وبرصيد 17 نقطة، حقق ماكرون فوزًا أكبر من المتوسط، لكنه كان الأقل تاريخيا ضد مرشح من حزب التجمع الوطني.

وبحسب تقديرات متقاربة من أربعة معاهد استطلاع، بلغ معدل الامتناع عن التصويت 28٪، أي بزيادة 2.5 نقطة عن عام 2017 الذي سجل (25.44٪).

وكانت لوبان على بعد نقاط قليلة من ماكرون خلال استطلاعات الرأي، وسرعان ما أقرت بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية لكنها تعهدت بمواصلة الكفاح السياسي في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية في يونيو المُقبل، وقالت لوبان لمؤيديها الذين راحوا يهتفون باسمها “لن أتخلى عن الفرنسيين أبدا”.

وخلال الحملة الانتخابية، اعتمدت لوبان على ارتفاع تكاليف المعيشة وعلى أسلوب ماكرون القاسي أحيانا باعتبارها من نقاط ضعفه الرئيسية، ووعدت بتخفيضات حادة لضريبة الوقود وتقليص ضريبة المبيعات إلى 0٪ على المواد الأساسية من المعكرونة إلى الحفاضات وبإعفاءات ضريبية على دخل العمال الشبان وبأن تكون الوظائف والرعاية الاجتماعية “للفرنسيين أولا”.

ويعتبر ماكرون أول رئيس منتهية ولايته يعاد تعيينه خارج ما يوصف بـ”التعايش السياسي”، منذ اعتماد الاقتراع العام المباشر عام 1962.

كما دخل التاريخ وأصبح ثالث رئيس دولة فرنسي يتم انتخابه مرتين متتاليتين بالاقتراع العام، لينضم إلى الرئيسين السابقين فرانسوا ميتران وجاك شيراك.

ماذا بعد؟

يرى الباحث السياسي زكريا الحداد أنه ليس من المتوقع أن يكون أمام ماكرون فترة سماح، حتى ولو قصيرة، بعد أن صوّت كثيرون، وخصوصا من اليسار، له على مضض فقط لمنع اليمين المتطرف من الفوز. وربما تندلع مرة أخرى وبسرعة كبيرة الاحتجاجات التي شابت جزءا من فترته الرئاسية الأولى بينما يحاول المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية.

وقبل أن تكتمل الصورة النهائية لنتائج الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الجولة الثالثة قد انطلقت قبل أيام، وبدأ الاستعداد الفعلي للانتخابات التشريعية التي ستنظم ما بين 12 و19 من شهر يونيو المقبل.

ولتحقيق الأغلبية البرلمانية، يجب أن يحصل ماكرون على 289 مقعدا برلمانيا، وللإشارة، في عام 2017، كان حزب ماكرون لا يملك إلا 280 نائبا ومن المؤكد سيكون هذا العدد أقل بكثير في استحقاق هذا العام، بحسب الخبراء، كما يُعد الفائز والغائب الأكبر عن هذه الانتخابات هو اليساري جون لوك ميلانشون الذي حقق نجاحا مبهرا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية مما يجعل منه منافسا مهما في الانتخابات التشريعية المقبلة.

وخارج فرنسا، أشاد حلفاء سياسيون على الفور بانتصار ماكرون الوسطي والمؤيد للاتحاد الأوروبي باعتباره إرجاء للسياسة السائدة التي هزها في السنوات الماضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب عام 2016 وصعود جيل جديد من قادة الأحزاب القومية.