تنبيه من هطول أمطار ورياح شديدة على الباحة وظائف شاغرة لدى شركة أسمنت الجنوبية التدريب التقني: 9 آلاف فرصة وظيفية لخريجي الكليات والمعاهد التقنية فهد الحمود نائبًا للمشرف على الإدارة والتحرير في صحيفة “رسالة الجامعة” ترامب يرفض حظر تيك توك في أمريكا الدولار يستقر أمام سلة العملات الأجنبية زلزال بقوة 5 درجات يضرب شمال زيمبابوي أمطار رعدية وبرد ورياح نشطة على 8 مناطق وظائف شاغرة بشركة التصنيع في 5 مدن وظائف شاغرة لدى وزارة الصناعة
تعاني باكستان عددًا من التوترات على الصعيدين السياسي والاقتصادي خلال الفترة الأخيرة، وهو ما لفت نظر العديد من دوائر صُنع القرار في العالم، خشية أي تقلبات سياسية جارفة داخليًّا أو خارجيًّا تؤثر في قرارات الدولة النووية.
في المشهد الداخلي، سحب البرلمان الباكستاني الثقة من حكومة رئيس الوزراء عمران خان، وسط أداء اقتصاد مخيب للآمال وضغوط غير منكرة من قوى المعارضة وارتفاع الأسعار وزيادة التضخم ربطه البعض بتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، واختار أعضاء البرلمان الباكستاني شهباز شريف، رئيسًا جديدًا للوزراء بحصوله على 174 صوتًا من أصل 342 في المجلس واستمرار التظاهرات المؤيدة لعمران خان في مناطق باكستانية، مما يفاقم الموقف السياسي الداخلي، بينما أعلن الائتلاف الحاكم الجديد في باكستان، الأحد 17 أبريل 2022، سيطرته على الجمعية الوطنية الباكستانية (الغرفة الثانية من البرلمان)، فضلًا عن أزمات اقتصادية بزيادة التضخم وتراكم الديون وأزمة الأسعار زادت الأوضاع سخونة في إسلام آباد.
وعلى المستوى الخارجي، هناك العديد من نقاط التماس تتقاطع مع “الدولة النووية”،فلها مع الهند نقاط ساخنة في إقليم كشمير، وأضاءت “لمبة حمراء” جديدة لـ”بقعة ساخنة” بعد اشتعال حدودها مع أفغانستان مرجعة السبب لتكرار حوادث استهداف قواتها الأمنية في هجمات عبر الحدود من أفغانستان، وفقًا لوزارة الخارجية الباكستانية، ومن الجهة المقابلة تحدثت كابول عن هجمات جوية باكستانية تسببت في مقتل عشرات المدنيين الأفغان ليتوتر المشهد بعد تحذيرات حركة طالبان الحاكمة على لسان ذبيح الله مجاهد من تكرار الهجمات وتأجيج العداوة بين الدولتين.
يقول الكاتب والباحث المتخصّص في العلاقات الدولية، علاء فاروق، إن الوضع في باكستان مُعرَّض للانفجار أكثر والتطور السلبي؛ نظرًا لوجود شعبية لرئيس الوزراء المحجوب عنه الثقة، ونظرًا أيضًا لعلاقاته الدولية والأوروبية التي قد يستغلها في تأليب الموقف الدولي ضد السلطة الجديدة، كما أن خان يلعب بورقة رفض الهيمنة الأمريكية على القرار الباكستاني في إيحاء منه بأن المعارضة التي نجحت في الإطاحة به لها ولاء لـ”واشنطن” في محاولة منه لتأليب الداخل عليها.
حسب توقعات المراقبين، فإنّ استراتيجية عمران خان تقوم على إرباك وإضعاف صفوف المعارضة، خاصةً أن حزبه متغول في كثيرٍ من المؤسسات وعلاقته جيدة بالمؤسسة العسكرية، وبدأ ذلك بتقديم ممثلي حزب خان استقالة جماعية من البرلمان، وهو ما يعني ضرورة عقد انتخابات فرعية في أقرب وقتٍ حال قبلت استقالتهم، أي إنهاك للائتلاف الحاكم الجديد.
بخصوص ارتباط خروج خان من المشهد بتصاعد التوتر بين باكستان وأفغانستان، يضيف علاء فاروق، في تصريحات خاصّة لـ”المواطن”: لا علاقة له مباشرة بالأمر كون هذه الحدود متوترة منذ سنوات، ونجح خان منذ أشهر فقط في محاولة التقارب مع حكومة طالبان في توقيع ما يشبه اتفاقًا على ضرورة تأمين الحدود وبذل الحركة التي سيطرت على الحكم في أفغانستان أيضًا جهودًا لضبط الحدود، لكن يمكن ربط التوتر باستغلال حالة التوتر السياسي الداخلي في باكستان، وأن تنشط جماعات إرهابية تسيطر على مناطق جغرافية واسعة في الحدود بين الدولتين.
يقول الباحث المتخصص في الشأن الدولي، خالد الأصور:”هناك أحداث دراماتيكية شهدتها باكستان خلال الأيام القليلة الماضية، التي بلغت ذروتها بسحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء عمران خان، وحينما يقول خان إنّ إقصاءه عن الحكم كانت وراءه مؤامرة أجنبية، وتحديدًا هو يقصد مؤامرة أمريكية، فهو كلام لا يجافي الحقيقة، فهو ضحية حرب أوكرانيا، والموقف الأمريكي الرافض لما تراه واشنطن انحيازًا من عمران تجاه روسيا، حين امتنعت باكستان عن التصويت في مجلس الأمن، وهو امتناع أقرب إلى الرفض لإدانة الموقف الروسي، بل وقام خان في موقف استثنائي بزيارة لروسيا، والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، أثناء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما اعتبر رسالة دعم إضافية للموقف الروسي”.
أضاف خالد الأصور، في تصريحات خاصة لـ”المواطن”، أنّه في ظلّ هذه الأجواء فإن المؤسسة العسكرية ذات التأثير القوي والمباشر والتاريخي في معادلة الحكم في باكستان، انتهزت هذه الغضبة الأمريكية على خان، بالتوازي مع تصاعد صوت المعارضة، فزادت من الضغط من خلف الستار. ورغم هذه الضغوط الهائلة من المعارضة المدعومة من المؤسسة العسكرية أسفرت عملية التصويت عن سحب الثقة من حزب خان في البرلمان الباكستاني على الموافقة بفارق ثلاثة أصوات فقط، أي 174 صوتًا من أصل 342 صوتًا في البرلمان، ليشغل شهباز شريف من حزب الرابطة الإسلامية منصب رئيس الوزراء، فيما يشبه توارث المنصب، وسبق لأخيه الأكبر نواز شريف تولّي المنصب لسنوات طويلة، لكن شهباز سيبقى في منصبه حتى الانتخابات العامة المقبلة فقط، والتي يتوقّع إجراؤها العام المقبل.
وفي ظل الحشود الشعبية الهائلة والتلقائية التي خرجت رفضًا لإقصاء خان ودعمًا له، فمن المرجح إذا جرت الانتخابات بشكل نزيه مستقلّ ودون ضغوط أو توجيه من المؤسسة العسكرية، فمن المرجح فوز حزب عمران خان بالانتخابات وعودته للسلطة، في ظل المزاج الباكستاني العام الرافض للهيمنة الأمريكية على القرار الباكستاني التي حاول خان مرارًا التملص منها.
قال الباحث المتخصص في الشؤون الدولية، صبرة القاسمي، إن حكومة شهباز شريف الباكستانية الجديدة أصبحت بين مطرقة الاقتصاد وسندان الإرهاب، وتواجه حكومة شريف المزمع تشكيلها في الأيام القادمة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية.
وأضاف القاسمي أنّه مِن أهم الملفات التي تواجه هذه الحكومة الوليدة: قضايا الإرهاب خصوصًا مع تزايد الهجمات الإرهابية التي تأتي من الأراضي الأفغانية، ويتوقع أن تزيد في الأيام القادمة، خاصةً بعد ما أعلنت حكومة طالبان الأفغانية أنها لن تكون في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يسمى إعلاميًّا “داعش”، وأنها ستوقف التعاون مع الولايات المتحدة ضد التنظيم.
وعن ثاني هذه الملفات، يذكُر القاسمي أنّ الملف الاقتصادي معقد وصعب جدًّا خاصةً ما بعد جائحة “كورونا” والأثر الممتد والحالي للحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عن ذلك من تراكم للديون وسرعة التضخم ارتفاع الأسعار وتراجع العملة والانهيار السريع للعملة المحلية.
وأضاف صبرة القاسمي، في تصريحات لـ”المواطن”، أن التحركات الداخلية من قبل حزب رئيس الوزراء عمران خان الذي تم حجب الثقة عنه وما يتبعه من استقالات جماعية لأعضاء حزبه، مما يتطلب إجراء مئات الانتخابات الفرعية في الأيام المقبلة، ما يمثل عقبة كبيرة أمام حكومة شريف وحلفائه، إضافةً إلى محاولات عمران خان حشد التأييد الشعبي للرد على قرار البرلمان حجب الثقة عنه، مما يهدد باندلاع أزمة كبيرة محتملة خلال الأيام المقبلة.
يرى الباحث خالد الأصور أن التوتر في العلاقات بين البلدين الجارين، باكستان وأفغانستان، بلغ ذروته، الأيام الأخيرة، حين قام الجيش الباكستاني بقصف مواقع حدودية، انتقامًا من مقتل 7 جنود باكستانيين في كمين على الحدود وفق المصادر الباكستانية، والمصدر الأساسي لهذا التوتر بين البلدين يرجع إلى عزم باكستان إقامة سياج على الحدود مع باكستان.
ويقول خالد الأصور: “وهو ما ترفضه أفغانستان، لأنه سيمنع حرية تنقل الأفراد والتجارة في ظل وجود وشائج قربى بين العديد من القبائل مواطني البلدين، وتنفي أفغانستان مزاعم باكستان حول تسهيل كابول لمرور إرهابيين، لذا أقامت أفغانستان نقاطًا حدودية الحيلولة دون إنشاء السياج الباكستاني، فهل ستنجح في منعه، الأسابيع والشهور القليلة المقبلة حبلى بالإجابة”.
بشكل عام، سيظل الوضع في باكستان متوتراً فترة خاصةً فيما يتعلق بتطورات المشهد الداخلي سياسيًّا، يحسم طولها أو قصرها دخول الجيش على الخط، سواءً بدعم قرارات الجمعية الوطنية الباكستانية بعزل خان أو اتخاذ أمور أخرى مفاجئة.
أيضًا ستؤثر الأزمة مع أفغانستان على مجريات الأوضاع في الداخل الباكستاني، خاصة بعد الغارات الجوية الباكستانية الأخيرة على مقاطعتي خوست وكونار الأفغانيتين، التي اعتبرتها البعثة الدائمة لأفغانستان في الأمم المتحدة، الأحد 18 أبريل، انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.