برئاسة الدوسري.. قرارات وتوصيات في اجتماع مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون ساعات تفصل نجم النصر عن الانتقال للدوري الفرنسي التأمينات: امتلاك سجل تجاري لا يتعارض مع التسجيل في النظام 80 % من حوادث الطيران تحدث في مرحلتي الإقلاع والهبوط أصل تسمية شهر رجب وطبيعة أجوائه هدافو خليجي 26.. منافسة قوية بين عبدالله الحمدان والصبحي بالأرقام.. رافينيا يُهدد عرش فينيسيوس الأوروبي خطوات تعديل عقد تأسيس الشركات سجل مميز لـ السعودية ضد عمان في كأس الخليج سلمان بن سلطان يزور حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المسجد النبوي
يوماً بعد يوم تُثبت المملكة العربية السعودية أنها قطب اقتصادي وسياسي عالمي لا يُمكن التغاضي عن دوره وثقله في ميزان القوى الدولية على كل الأصعدة وبمختلف المعايير.
تأتي الأزمة الروسية الأوكرانية لتؤكّد على هذه المكانة خاصّة في ظل الصراع القائم ما بين الغرب وروسيا، والذي انعكس بدوره وبقوة على أسواق الطاقة العالمية وتسبب في كوارث اقتصادية على الجانبين الغربي والروسي.
فمع تصاعد العملية العسكرية الروسية، قفزت أسعار النفط والغاز إلى مستويات قياسية تعدت الـ130 دولارًا للبرميل الواحد من النفط والـ2000 دولار لكل ألف وحدة حرارية من الغاز، وهذا يعني كوارث اقتصادية في كلّ من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
بعد العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا وتهديد موسكو المتواصل بقطع إمدادات الغاز والنفط عن أوروبا، توجهت الأنظار الأوروبية بشكل مباشر صوب المملكة العربية السعودية ومطالبتها بالتدخل لوقف الارتفاعات الجنونية في أسعار الطاقة خاصة النفط.
وهنا يقول الباحث السياسي محمد المختار: إن الغرب لا يجد أمامه سوى السعودية للسيطرة على جماح أسعار النفط، ولعل هذا هو العنوان الأبرز لزيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، للمملكة الأربعاء، في محاولة منه بإقناع السعودية بزيادة ضخ البترول للسيطرة على أسواق الطاقة العالمية ومحاولة نجدتهم.
وأضاف الباحث السياسي في المعهد الأوروبي للدراسات، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، أن السعودية هي الدولة الوحيدة في منظمة “أوبك” القادرة على ضخ المزيد من النفط، وتملك طاقة احتياطية تقدّر بين 2,5 مليون و3 ملايين برميل يوميًّا.
وعن زيارة جونسون، أكد محمد المختار أن رئيس الوزراء البريطاني كان يحاول إقناع المملكة بزيادة الإنتاج وهذا نظرًا لتحركات السعودية الفترة الماضية، ممّا يدل على التزامها باتفاق “أوبك” وعدم الحيد عن ذلك.
وفي تقرير لصحيفة “الإندبندنت”، الخميس الماضي، أكدت أن جونسون فشل في تأمين التزام فوري من السعودية لزيادة إنتاج النفط لتخفيف أزمة تكلفة المعيشة وارتفاع الأسعار في بريطانيا.
ووفقًا للتقرير، ذهب جونسون في رحلته لإقناع السعودية بتعزيز الإمدادات لتقليل الاعتماد الغربي على النفط والغاز الروسي وتجنّب صدمات أسعار الطاقة العالمية على غرار السبعينيات.
وقال جونسون إنه متفائل بعد اجتماع استمر ساعة و45 دقيقة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن داونينج ستريت قلل من فرص التوصل إلى اتفاق فوري لزيادة إنتاج النفط، لكن لم يكن هناك إعلان لزيادة الإمدادات التي تحدها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تقودها السعودية.
وتعاملت السعودية منذ اللحظة الأولى للأزمة الأوكرانية الروسية بمبدأ الحياد ومراعاة مصالح المملكة وليس مصالح أحد، وهذا اتضح جليًّا في خطاب دول مجلس الخليج أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما ألقى الوفد السعودي نيابةً عنها بيانًا، طالب فيه بضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، واحترام سيادة واستقلال الدول ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية.
في تلك النقطة، يقول الدكتور محمد زكريا الباحث في الشؤون الدولية، إن المملكة من اللحظة الأولى رفضت الرضوخ للضغوطات الأمريكية سواء لإدانة غزو أوكرانيا أو فيما يتعلق بزيادة قدراتها الإنتاجية من النفط، وأكدت السعودية التزامها باتفاق “أوبك بلس”.
وهذا ما أكد عليه بيان لمجلس الوزراء السعودي، مطلع الشهر الجاري، من دعم المملكة لاتفاق “أوبك بلس” للحفاظ على استقرار سوق النفط العالمي.
وينص اتفاق “أوبك+” على زيادة إمدادات مصدري الخام من دول المنظمة والمنتجين 400 ألف برميل يوميًّا كل شهر؛ وأكد المجلس أنه “يتابع ما يشهده العالم من تطورات على المستويات السياسية والأمنية”، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأشاد زكريا، خلال تصريحاته لـ”المواطن“، بدور السّعودية التي نجحت في الحفاظ على تحالفاتها وشراكتها مع كبرى الدول المنتجة للنفط في أوبك، والتي على رأسها روسيا بطبيعة الحال، حيث تشكل السعودية وروسيا نسبة 30% تقريبًا من إمدادات النفط العالمية.
وعلى الرغم من كل المحاولات الأمريكية للضغط على المملكة فإن الإدارة الحكيمة رأت أن مصلحة السعودية فوق أي اعتبارات وتأتي في المقام الأول، ورفضت الرياض فتح حتى نقاش حول الصعوبات التي تواجه موسكو عندما تم التطرق لها خلال اجتماع “أوبك بلس”، وسبق هذا الاجتماع حديث دار بين ولي العهد محمد بن سلمان مع بوتين في اليوم السابق.
لذا فان الحفاظ على اتفاق منظمة “الأوبك” ووحدة قرار الدول العضوة هما أولوية قصوى للمملكة .
وأضاف الدكتور محمد زكريا أنه على الرغم من التزام المملكة العربية السعودية بالحياد فيما يتعلّق بملف النفط فإن هذه الأزمة التي يُواجهها العالم أبرزت الثقل الاستراتيجي للمملكة ودورها الريادي ليس في قيادة المنطقة بل في قيادة الاقتصاد العالمي ودوله.
وتابع قائلًا: “بمجرد حدوث هذه الهزة في أسواق الطاقة العالمية لجأ الغرب للسعودية للحد من آثار هذه الأزمة على بلدانهم ولجأوا إلى وساطة أكبر دولة أوروبية وهي بريطانيا في محاولة لإقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتدخل للحد من التبعات الكارثية للعقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا على أسواق الطاقة العالمية”.
محاولات ولقاءات وزيارات للسعودية من أجل إنقاذ أوروبا، وهنا يرى الخبراء أن الدور المحوري للمملكة لم تكتسبه في يوم وليلة بل هو نتاج رؤية استراتيجية امتلكها قادة البلاد جعلتهم في مصاف دول العالم وقادرين على القيادة الحقيقية للإقليم والمنطقة.