مساند: مسؤولية إصدار الإقامة تقع على صاحب العمل الملك سلمان وولي العهد يعزيان أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح جون دوران يخطف الأنظار في مران النصر وصول قوافل مساعدات سعودية جديدة لدعم مستشفيات جنوب غزة الموقف في حساب المواطن حال الموافقة على الاعتراض بعد 10 يناير يايسله: السد قوي ودارسي موهبة ممتازة النصر والوصل لا يعرفان التعادل الانضباط تُغرم الهلال وسالم الدوسري إحباط تهريب 27,600 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي مهرجان القرين الثقافي.. 30 عامًا من الريادة والعطاء
أدى جموع المصلين اليوم صلاة الاستسقاء في المسجد النبوي الشريف يتقدمهم الأمير سعود بن خالد الفيصل آل سعود نائب أمير منطقة المدينة المنورة.
وأمّ المصلين وخطب بهم فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي، وبعد الحمد والثناء لله عز وجل والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ فضيلته الخطبة بقوله: أيها المسلمون الخلق فقراءُ إلى الله، لا غنى لهم عنه في جميع أحوالهم، يلجئون إليه في الشِّدَّة والرَّخاء، وهو سبحانه واسع حميد، يعطي من سأله بسخاءٍ مديد، يداه مبسوطتان بالإنفاق، سحَّاءُ اللَّيل والنَّهار، ويكشف كلَّ كربٍ شديد، نجَّا ذا النُّونِ من لُججِ البحار وظَلْماءِ القفار مرجوٌّ للعطاء والإحسان، سخَّر مع سليمانَ عليه السَّلام جنوداً من الجنِّ والإنس والطَّير فهم يوزعون، لا راحم ولا واسع للعبيد سواه، رَحِم أيُّوبَ عليه السَّلام فكشف عنه الضُّرَّ وأكرمه بِجَرَادٍ من ذهب، لا ملجأ ولا مفرَّ منه إلا إليه، استغاث به نبيُّنا صلَّى الله عليه وسلم في بدرٍ فأغاثه بماءٍ وأنزل جنوداً لم يروها، وهو فارجُ الكربات ومغيثُ اللَّهفات، أنزل على نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلم أَمْناً بعد خوفٍ في الغار، وهو العالم بالظَّواهر والنِّيَّات، اصطفى من الملائكة رسلاً ومن النَّاس.
وأوضح الشيخ القاسم في خطبة صلاة الاستسقاء: وما يُصاب به العباد من القحط وقِلَّةِ الأرزاق، إنَّما هو ببعض ذنوبٍ وخطايا اقترفوها، قال الله عزَّوجل:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾، والبُعْدُ عن الاستقامة يمنع القطر من السَّماء، قال عزَّ وجل:﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾، والذي يفوت بارتكاب المعاصي من خَيْرَيِ الدُّنيا والآخرة، أضعافُ ما يحصل من السُّرور واللَّذَّة بها﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ﴾، والألم فيمن أسخط ربَّه ومولاه بتدنيس نفسه بالذُّنوب والآثام؛ فمَنَع الرِّزق عن نفسه وعن غيره ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾.
وبين أن المعاصي والذُّنوب مُهْلِكةٌ للأوطان والشُّعوب ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ -أي: قلَّةُ الأرزاق- فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾، جالبةٌ للشُّرور والمصائب، بها تزول النِّعم وتَحِلُّ النِّقم ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ﴾، وبسببها تتوالى المحن، وتتداعى الفتن ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾، وبالمعصية تتعسَّر الأمورُ على العاصي، وتُمحَق بركةُ عمره، ويعودُ حامدُه من النَّاس ذامّاً له، وقد توهَّم بعض النَّاس في أمر الذّنب إذْ لم يروا تأثيرَه في الحال، وقد يتأخَّرُ تأثيرُه فيَنسوا أنَّه من الذَّنب، ولم يَعْلَم أنَّ عقوبةَ الذَّنب تَحِلُّ ولو بعد حين، قال عزَّ وجل: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾.
وقال: وربُّنا سبحانه الرَّؤوف اللَّطيف الحليم، إذا أخطأ العبادُ أنذرهم، فيمنع عنهم القطرَ ليلجؤوا إليه بالاستغفار والإنابة، وإذا كَثُر الاستغفار وصدر عن قلوب مطمئنَّة؛ دفع الله عنها ضروباً من النَّقم، وصرف عنها صنوفاً من البلايا والمحن، قال عزَّ وجل: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ ، وأنزل عليهم الخير والرَّحمات ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، وبالاستغفار تنال السَّعادة ويُعطى كلُّ ذي فضلٍ فضلَه ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ ، وبالاستغفار ينهمر المطر من السَّماء فينعم الخلق بالقطر، ويستبشرون بالزُّروع والأبناء والعيون ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾.
وتابع الشيخ القاسم: ومع الاستغفار لازِموا التَّوبة، فلا تَظْلِموا خَلْفاً، ولا تمزِّقوا بالغيبة عِرْضاً، وتسامحوا وتراحموا، ولا تشاحنوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا ولا تقاطعوا، واحفظوا أموالكم من دَنَسِ المحرَّمات والشُّبهات، وأكثروا من الصَّدقة بكسبكم الحلال تُرْزقوا، وأْمُروا بالمعروف تُخصبوا، وَانْهَوْا عن المنكر تُنْصروا، وَاسْعَوْا إلى التماس هبات الوهَّاب، فربّنا كريمٌ ودود، من لجأ إليه أعطاه، ومن قرب منه أدناه، ومن سأله أرضاه.
واختتم بالدعاء خلال صلاة الاستسقاء وقال: فاللَّهم إنَّا نستغفرك إنَّك كنت غفاراً، فأرسل السَّماء علينا مدراراً، اللَّهُمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللُّهُمَّ أغثْنا، اللَّهُمَّ أغثْنا، اللَّهُمَّ أغثْنا، اللَّهُمَّ سُقْيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا غرق، ولا هدمٍ ولا بلاء، ربَّنا، ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفرْ لنا وترحمْنا لنكوننَّ من الخاسرين، سبحان ربِّك ربِّ العزَّة عمَّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.