ليفربول يواصل تألقه ويعبر ريال مدريد بثنائية سكني: 3 حالات يحق فيها استرداد رسوم الحجز السديس يوجه بالتهيئة الدينية الإثرائية لصلاة الاستسقاء بالحرمين الشريفين غدًا الحد الأقصى لصرف الدفعات المعلقة في حساب المواطن بعد اعتزاله.. توني كروس يحصد جائزة جديدة بثنائية في الخالدية.. التعاون ينفرد بالصدارة الآسيوية ماتياس يايسله يُطالب إدارة الأهلي بحكام أجانب السند: مشروع قطار الرياض يعكس مدى تطور السعودية ورؤيتها الطموحة التذاكر تبدأ من 4 ريالات.. تعرف على آلية استخدام قطار الرياض وظائف شاغرة لدى البحر الأحمر للتطوير
قال الكاتب والإعلامي عبدالله بن بجاد العتيبي إن استهداف إيران لميناء رأس تنورة وسكن «أرامكو» هو جزء من حرب الاستنزاف التي تعتمدها.
وأضاف العتيبي، في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط “، بعنوان “حرب الاستنزاف الإيرانية” أن السعودية صرحت بأن الهجمات جاءت من البحر، بمعنى أنه استهداف إيراني صريح بغضّ النظر عن البلد الذي انطلقت منه الصواريخ أو المُسيرات، وهو ليس عملًا فرديًا مستغربًا، بل هو جزءٌ من سلسلة أحداثٍ تمثل في مجملها ما يمكن وصفه هنا بحرب الاستنزاف الإيرانية… وإلى نص المقال:
حرب الاستنزاف ليست حربًا تقليدية وليست حالة هدنة وسلام، بل هي بين هذا وذاك، جربت مصر حرب الاستنزاف لسنواتٍ ضد إسرائيل بعد هزيمة 1967، ومَن يراقب المشهد المعاصر يسهل عليه اكتشاف أن إيران تمارس حرب استنزاف ضد الدول العربية، ولكنها سترتد عليها.
استهداف إيران لميناء رأس تنورة وسكن «أرامكو» هو جزء من حرب الاستنزاف التي تعتمدها، وقد صرحت السعودية بأن الهجمات جاءت من البحر، بمعنى أنه استهداف إيراني صريح بغضّ النظر عن البلد الذي انطلقت منه الصواريخ أو المُسيرات، وهو ليس عملًا فرديًا مستغربًا، بل هو جزءٌ من سلسلة أحداثٍ تمثل في مجملها ما يمكن وصفه هنا بحرب الاستنزاف الإيرانية.
هذه العملية العسكرية الفاشلة لا تمثل استهدافًا للسعودية فحسب، بل هي استهداف للطاقة العالمية وقد صرّح مسؤولون إيرانيون قبل سنوات بأن إيران إذا لم تصدر نفطها فلا أحد سيصدر نفطه من المنطقة، وقد استهدفت إيران السفن وناقلات النفط في الخليج وخليج عمان، واستهدفت خطوط الملاحة الدولية في مضيق هرمز، كما استهدفت حقل الشيبة النفطي وخط الأنابيب الذي يصل شرق السعودية بغربها، وهاجمت معملي النفط في «أبقيق» و«خريص» في 2019.
حرب الاستنزاف في أحد مظاهرها إنما تعبر عن حيلة العاجز، العاجز عن الحرب التقليدية والرافض للهدنة والسلام في الوقت نفسه، وهو تحديدًا ما يمثل توجهًا إيرانيًا ثابتًا، حيث لا يوجد في إيران تنمية ولا ازدهار ولا بناء، فتركيز الدولة هناك منصبٌ على صناعة الأسلحة والصواريخ الباليستية والمسيرات الحربية، وفوق هذا وذاك، هوسٌ مستمرٌ بالحصول على السلاح النووي.
الصواريخ الباليستية والمسيرات الحربية التي تأتي من ميليشيات الحوثي الإيرانية في اليمن، أصبحت حدثًا يوميًا في استهداف المدنيين داخل اليمن في مأرب وغيرها، وداخل السعودية كذلك، وهي مدانة بكل المقاييس وتمثل خرقًا للقوانين الدولية، ولكن إيران لا تكترث بالقوانين الدولية، ولا تبدو الدول الكبرى في العالم معنية بإلزامها هذه القوانين، ما يشكل خطرًا مستمرًا على الأمن والسلم الدوليين.
عرضت السعودية كل أنواع الصواريخ والمسيرات التي تستهدف أمنها ومدنها والمدنيين فيها أمام أنظار العالم، وأثبتت بالصور والأسماء والأرقام أنها جميعًا صناعة إيرانية محضة، وجعلت العالم شريكًا في معرفة جميع التفاصيل التي تثبت الجرائم الإيرانية المتكررة، وخلقت وعيًا دوليًا بسلوك هذا النظام المارق.
بحساب التكاليف، فإن حرب الاستنزاف تبدو أكثر وضوحًا، حيث الصواريخ الباليستية الإيرانية والمسيرات الحربية منخفضة التكلفة، مقارنة بمنظومات الدفاع الجوي السعودية المتقدمة تقنيًا والمكلفة ماديًا، وصحيح أن السعودية لا تهتم بأي مبالغ لحماية أمنها وسيادتها، ولكن الإصرار والاستمرار الإيراني لا يمكن أن يبقى من دون رادعٍ ومن دون محاسبة، وهذه مهمة العالم أجمع ودوله ومنظماته ومؤسساته الدولية، والتخاذل في هذا الشأن لن يكون محمود العواقب بأي حالٍ من الأحوال.
خلايا التجسس والإرهاب التي نشرتها إيران في عدد من دول الخليج كالكويت والبحرين والسعودية، هي أحد عناصر حرب الاستنزاف الإيرانية التي استمرت لسنواتٍ، ويكفي استحضار تفاصيل تلك الخلايا وعناصرها وخططها والأسلحة التي راكمتها لمعرفة حجم الاستهداف، وحجم الاستنزاف الذي يحيط به من أمن واقتصاد واستقرار هذه الدول.
التحالف القائم منذ عقودٍ بين الأصولية السنية ونظيرتها الشيعية في إيران، بين جماعة الإخوان المسلمين وما يسمى «الثورة الإسلامية» معروفٌ وموثق، وسبق لكاتب هذه السطور عرض بعض تفاصيله في هذه المساحة، وقد تلاه تحالفٌ قوي بين تنظيمات الإرهاب السنية مثل «تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش» وبين النظام الإيراني، وهذا أيضًا معروفٌ وموثقٌ، وهذا الإرهاب يستهدف أمن العالم أجمع، ولكن تركيز عملياته وخططه وتصميم خطابه وأيديولوجيته موجهٌ بالدرجة الأولى للدول العربية ودول الخليج، وهو استنزاف كبيرٌ للموارد في مواجهته، وهو قد خفت كثيرًا في السنوات الماضية، ولكن لا يوجد مانعٌ حقيقي من عدم استعادته لوهجه حين تتغير بعض المعطيات الحالية.
تحالف النظام الإيراني مع جماعة الإخوان المسلمين ومع تنظيم القاعدة مهمٌ وخطير، وآثاره واضحة في كل البلدان العربية التي اخترقتها إيران، غير أن الجديد هو بروز تنظيرات سلفية لجماعة «السرورية» التي تدعي السلفية، تبرر خدمة المشروع الإيراني دينيًا، ومن بعض الرموز التي كانت تظهر بعض التشدد العقدي والفقهي سابقًا، ومعلومٌ استهداف رموز السرورية لبعض المواطنين الشيعة، وقد اتضح الآن أنهم كانوا حلفاء حقيقيين للنظام الإيراني عبر سنواتٍ طوالٍ، وإن كان هؤلاء السروريون يخشون التصريح بمواقفهم تلك في زمنٍ مضى.
هذا التناقض الذي لا تخطئه العين بين التنظير المتشدد، والتحالف مع المشروع السياسي للنظام الإيراني، يظهر أن «جماعة السرورية» لا تقل خطرًا عن جماعة الإخوان المسلمين، وقد تحدث عن هذا بتفصيل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في حديثه مع صحيفة «التايم» الأمريكية في 2018.
في مواجهة هذه الحرب الإيرانية عبر ميليشيات الحوثي في اليمن، أعلن «تحالف دعم الشرعية»، الجمعة الماضي، تدمير منظومة دفاع جوي معادية تعود للحوثيين في جبهة مأرب، التي أشعلتها الميليشيات بحثًا عن النفط والقرب من السعودية لتعزيز الاستنزاف، وكم كان صريحًا تعبير التحالف بأن «تدمير المنظومة الحوثية شمل جميع مكوناتها والقضاء على الخبراء الأجانب»، وهؤلاء الخبراء الأجانب هم تحديدًا الخبراء الإيرانيون الذين يديرون ميليشيات الحوثي، سواء كانوا من إيران أم من الميليشيات التابعة لها في الدول العربية.
تفاصيل هذه الحرب الإيرانية على الدول العربية كثيرة ومتشعبة، ويمكن للمتابع استحضار الكثير منها، وتعلمها الدول الغربية الساعية لإحياء الاتفاق النووي الفاشل مع إيران، والسؤال هو لماذا لا تتخذ هذه الدول إجراءات رادعة للنظام الإيراني؟ وإذا خلا أي تجديد للاتفاق النووي من إيقافٍ صارمٍ لحرب الاستنزاف الإيرانية ضد الدول العربية، فإن مصيره الفشل الذريع كما جرى سابقًا، فالدول العربية قوية بكل المقاييس وقادرة على الدفاع عن مصالحها وحمايتها من دون إذن من أحدٍ.
أخيرًا، هل يمكن أن يتوقف النظام الإيراني عن حرب الاستنزاف هذه؟ الجواب نعم، ولكن في حالة واحدة فقط، وهي حين يخاف من العواقب، وقد رأى العالم ذلك في السنوات الأربع الماضية.