416 مليار ريال إيرادات أرامكو خلال الربع الثالث مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الـ 19 إلى لبنان زلزال بقوة 5 درجات يضرب كولومبيا أمطار رعدية غزيرة وسيول وبرد على 6 مناطق تركي آل الشيخ يدشّن ستديوهات الحصن بيج تايم بالرياض تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. انطلاق المؤتمر والمعرض الدولي لعمليات الإطفاء 8 اشتراطات جديدة لإنشاء المطبات الاصطناعية في أحياء العاصمة المقدسة وظائف شاغرة في شركة BAE SYSTEMS ميتروفيتش: استحقينا الفوز وقدمنا مباراة جميلة جيسوس: عودة نيمار لن تكون سهلة
أكد الكاتب إبراهيم النحاس أن العالم ليس بحاجة لقادة جُهلاء ونظم سياسية فوضوية ترفع شعاراتها العاطفية وخطاباتها الوهمية.
وأضاف إبراهيم النحاس في مقاله المنشور في صحيفة الرياض اليوم الأربعاء، أن العالم بحاجة لقادة حُكماء ونظم سياسية معتدلة تؤمن بالمبادئ والقيم البناءة التي تحافظ على كرامة الإنسان وتساهم في تحقيق أسباب رفاهيته وأمنه واستقراره، عندها سيتحقق المستقبل المشرق.
وجاء في نص المقال كما يلي:
وهل يحق للمملكة أن تقدم للعالم رؤية نحو مستقبل مُشرق؟ وإن كان الأمر كذلك، فما الذي جعل المملكة في هذه المكانة العالمية المتقدمة دون غيرها من الدول؟ تساؤلات قد تثير حماسة المواطنين الغيورين على وطنهم والمحبين لدولتهم والفخورين بولاة أمرهم، وبالتالي ستكون إجاباتهم مباشرة ومختصرة بكلمة “نعم” يحق للمملكة أن تكون كذلك.
ولكن في مقابل هذه الإجابة الحماسية الوطنية من الأوفياء والمخلصين تجاه وطنهم، هناك فئة أو فئات إقليمية أو دولية ترى في مثل هذه التساؤلات استفزازاً لغرورهم الأجوف، وانتقاصاً لمكانة دولهم التي يرون أنها في المقدمة، وإهمالًا لتاريخهم الذي يرونه الأفضل على الإطلاق؛ إذ كيف تكون المملكة، من وجهة نظرهم السطحية، رائدة ونموذجًا دوليًا تقدم للعالم رؤية لمستقبل مشرق.
وما بين هاتين الرؤيتين، حتمًا هناك رؤى أخرى تتراوح بين الفخر والافتخار بالمملكة وسياساتها، وبين الحقد والحسد وتمني السيئ للمملكة. وبعيدًا عن هذه الأقاويل السطحية والاجتهادات الشخصية تجاه أحقية المملكة في أن تقدم رؤية للعالم لمستقبل مُشرق، فإننا نريد أن تكون الإجابة على هذا التساؤل مبنية على مؤشرات ومعايير علمية ودقيقة يمكن قياسها واختبارها ومراقبة نتائجها بوضوح ومباشرة وحيادية تامة.
إذا كانت الإجابة على التساؤل الرئيس يمكن أن تُختصر بكلمة “نعم”، يحق للمملكة أن تقدم رؤية للعالم لمستقبل مُشرق، فإن هذه الإجابة يجب أن تكون مبنية على مؤشرات ومعايير عالمية، وإذا كانت الإجابة يمكن أن تُختصر بكلمة “لا”، فأيضًا يجب أن تكون مبنية على مؤشرات ومعايير عالمية.
وهنا يأتي التساؤل ما الأعمال التي قامت بها المملكة لتقدم رؤية عالمية لمستقبل مشرق؟ وفي المقابل يأتي التساؤل الآخر ما الأعمال التي لم تقم بها المملكة مما يجعلها في مكانة بعيدة عن أن تقدم رؤية عالمية لمستقبل مُشرق؟
ولتكون الإجابة دقيقة وواضحة ومباشرة وقابلة للاختبار والملاحظة وتتسم بالعقلانية والواقعية، فيجب أن ننظر للمملكة داخليًا قبل أن ننظر لها دوليًا، وهل تحقق مستقبل مشرق داخليًا لتقدم المملكة رؤية لمستقبل مشرق عالمياً؟ إن من ينظر بحيادية وعقلانية لخطط واستراتيجيات التنمية والتطوير والتحديث التي قامت بها المملكة خلال عقود معدودة حتى شملت جميع مناطق ومدن وقرى وهجر المملكة، ومن ينظر للجهود العظيمة التي قامت بها في سبيل نشر وتقديم التعليم لكل من يقيم على أراضيها حتى اختفت الأمية تمامًا داخليًا، وما عملته في سبيل المحافظة على صحة المواطن حتى اختفت الأوبئة وارتفعت معدلات الحياة، وما قامت به في سبيل التقدم الاقتصادي والصناعي والاستثماري وفتح مجالات عديدة للأعمال حتى أصبحت قائدة في مجموعة العشرية لأكبر اقتصادات العالم، وما أنجزته في مجال حفظ حقوق وكرامة الإنسان في جميع جوانبها ومجالاتها حتى إنها تقدم كرامة وصحة وحقوق الإنسان أيًا كانت خلفيته الدينية والعرقية على غيرها من المصالح المادية والمالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية كما حدث خلال جائحة كورونا، وما فعلته في سبيل تحقيق أعلى معايير الرفاه والرخاء للمواطنين داخليًا وخارجيًا من تقديم جميع الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والسكنية من غير مقابل خلال جائحة كورونا حتى شمل المقيمين النظاميين وغير النظاميين داخل أراضي المملكة.
ومن ينظر للمكانة والمستوى الرفيع والتقدير الكبير الذي يحظى به المواطن دوليًا حتى أصبح الجواز رمزًا للعزة وحامله أهلًا للتقدير، إن من ينظر إلى جزء من هذه الأعمال الجليلة ولغيرها من المنجزات والإنجازات العديدة والعظيمة التي حققتها المملكة في سبيل بناء وتنمية وتطوير وتحديث مجتمعها على امتداد مساحته الشاسعة، ومن ينظر للاستثمار المتواصل والمستمر في أبنائها علميًا وفكريًا ومهنيًا وعمليًا يدرك تمامًا أن المملكة قدمت نموذجًا عالميًا يصعب تكراره ويندر وجوده خاصة إذا نظرنا للوقت الذي نعيش فيه، والظروف الدولية المحيطة، والمساحة الشاسعة بظروفها الجغرافية والمناخية القاسية.
وإذا أضفنا إلى هذه المؤشرات والأعمال الداخلية الجبَّارة، أعمال ومؤشرات دولية عظيمة قامت بها المملكة وكان لها تأثير مباشر في مكافحة أسباب الفقر والجوع ووقف انتشار الأوبئة والأمراض في مختلف مناطق العالم، وفي دعم برامج التنمية الاقتصادية والإنسانية في المجتمعات المحتاجة والدول الفقيرة، وفي مساعدة ومساندة ودعم المجتمعات المنكوبة بالكوارث الطبيعية، وتقديم كل سبل العون والمواد الإغاثية والعلاجية للاجئين والمهجرين والمشردين في مختلف مناطق العالم، وفي استمرار نمو الاقتصادات الدولية والمحافظة على استقرار أسعار الطاقة العالمية، وتحقيق النجاحات الدولية في مكافحة ومحاربة الجماعات والتنظيمات الإرهابية والأنظمة الطائفية، وتعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، فإن ذلك كله وغيره كثير يشهد ويدلل على وسطية وعدالة وحكمة وعقلانية وإنسانية المملكة التي لا ينافسها فيها أي طرف آخر في هذا العالم.
فإذا نظر الإنسان العقلاني والرشيد والمحايد إلى جميع هذه الأعمال الجليلة والمؤشرات العظيمة التي قدمتها المملكة داخليًا وخارجيًا، فإن إجابته على التساؤل المطروح ستكون “نعم” يحق للمملكة أن تقدم رؤية عالمية لمستقبل مُشرق. أما إن كانت النظرة مبنية على أمور شخصية تغيب فيها الحيادية ويغلب عليها الحب والكره والحسد والحقد، فإن الإجابة ستكون “لا” متأثرةً بضحالة الفكر وعمى البصر والبصيرة.
وبما أن المملكة حققت نجاحات عظيمة في سياساتها الداخلية والخارجية حتى أثمرت تنمية وتطويرًا، صحة وتعليمًا، رفاهًا ورخاء، وأمنًا واستقرارًا، فإنها من منطلق المبادئ والقيم الإسلامية العظيمة التي تأسست عليها، الداعية لعمارة الأرض والمحافظة على كرامة وحقوق الإنسان، تتمنى للعالم أجمع أن يحقق ما حققته من خير ورخاء ورفاه، وأمن واستقرار. وبما أن تحقيق هذه النتائج الجليلة يتطلب عملًا جبَّارًا وجهودًا عظيمة لينعم الجميع بالرخاء والرفاه وتتحقق التنمية المستدامة، فإن من هذه المتطلبات العمل الدولي المشترك كما جاء في الخطاب الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله – أمام أعمال الدورة (الخامسة والسبعين) لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، – عبر الاتصال المرئي -، وبثته واس في 23 سبتمبر 2020م، وجاء فيه التالي: “إننا ندعو من هذا المنبر إلى تكثيف الجهود والعمل الدولي المشترك لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الإنسانية في مجال التغير المناخي، ومكافحة الفقر والجريمة المنظمة، وانتشار الأوبئة، وغير ذلك من التحديات التي تستدعي تعزيز تعاوننا جميعاً للعمل نحو مستقبل مشرق، تعيش فيه الأجيال القادمة بأمن واستقرار وسلام”.
وفي الختام من الأهمية القول: إن العالم ليس بحاجة لقادة جُهلاء ونظم سياسية فوضوية ترفع شعاراتها العاطفية وخطاباتها الوهمية، وإنما العالم بحاجة لقادة حُكماء ونظم سياسية معتدلة تؤمن بالمبادئ والقيم البناءة التي تحافظ على كرامة الإنسان وتساهم في تحقيق أسباب رفاهيته وأمنه واستقراره، عندها سيتحقق المستقبل المشرق.