الراشد: قاسم سليماني أضحى رمزًا لهزيمة إيران

الأحد ٥ يناير ٢٠٢٠ الساعة ٢:٤٦ مساءً
الراشد: قاسم سليماني أضحى رمزًا لهزيمة إيران

أكد الكاتب والإعلامي عبدالرحمن الراشد أن قاسم سليماني كان غلطة من اختراع النظام الإيراني عندما أراده رمزًا للإمبراطورية فأصبح رمزًا للهزيمة.

وأضاف الراشد في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط، بعنوان “مقتل سليماني… تراجع أم انتقام؟”، أن سليماني كان أخطر رجل إيراني عرفه العالم. عمليات القتل الجماعية في سوريا شارك في تدبيرها وتنفيذها، آلاف العائلات دفنت أحياء في بيوتها، وفي العراق، هو مَن أسس ميليشيات زرعت الرعب في المدن.. وإلى نص المقال:

مقتل أشهر الجنرالات

قاسم سليماني لم يكن أعلى الجنرالات في المؤسسة العسكرية الإيرانية لكنه كان أشهرهم، مع هذا قتله الأمريكيون.

والأمريكيون يبدون أكثر ثقة وجرأة من أي وقت مضى. فرغم أن النظام الإيراني قتل المئات من الأمريكيين في السنين الأربعين الماضية، فإن هذه هي المرة الأولى التي تثأر واشنطن من النظام مباشرة، بعد أن كانت في الماضي تستهدف فقط وكلاء النظام في لبنان.

وعند الأمريكيين بنك مليء بالأهداف الإيرانية يمكنهم ضربها في حال جربت إيران تحديهم؛ ولهذا من المستبعد أن تتجرأ على المساس بالقوة الأمريكية، والأرجح أنها ستلجأ للانتقام بضرب مصالح خليجية أو أوروبية حليفة، مثل طائرة، سفينة، سفارة، أو منشآت، أو استهداف مباشر لأفراد.

لإيران أذرع في أفغانستان وسوريا والعراق ولبنان، ولها عملاء في كل مكان، وحتى لو فعلت فلن يرمم صورتها، فقد تلقت ثلاث ضربات موجعة ومهينة ردًا على قتلها أمريكيًا واحدًا، قصفوها على حدود العراق، وعندما تحدوها أمام السفارة، قتلوا سليماني، والثالثة قصفوا قادة ميليشيات عراقية على طريق التاجي.

سيناريو ما بعد مقتل سليماني

ولأشهر تالية، حتى نهاية السنة، متوقع أن تقوم إيران بعمليات انتقامية غير مباشرة، ومن المستبعد أن يؤثر هذا على حظوظ الرئيس دونالد ترامب في الفوز. وبالتالي ليس أمام طهران إلا أن تعترف بأنها في أسوأ وضع، فالمظاهرات في الداخل ضد النظام تضعفه، والمظاهرات في العراق أحرجته، والحصار الاقتصادي أكل مدخراته ويهدده بالإفلاس، وإسرائيل أوجعته في سوريا، وروسيا رفضت الدفاع عنه، وعند إعادة انتخاب ترامب سيبقى شوكة ما لم تخضع لشروطه.

سليماني كان غلطة من اختراع النظام الإيراني عندما أراده رمزًا للإمبراطورية فأصبح رمزًا للهزيمة، جعله نجمًا مشهورًا بعد أن كان لسنوات شبحًا غامضًا، تحول إلى شخصية عامة تظهر في مناطق القتال، في شوارع حلب المدمرة، وعلى أبواب الموصل العراقية، وفي قضاء بعلبك اللبناني، نشر صوره مع شباب مسلحين وشيوخ ملتحين في «الحشد» و«حزب الله» و«العصائب». وصورًا أخرى تظهره وديعًا مع الأطفال، ومتواضعًا يجلس على الأرض يشرب الشاي مع الجنود، عشرات الحسابات باسمه والمعجبين به على «فيسبوك» كنجم سينمائي، في ملصقات تماثل أفلام هوليوود! من يدير له حملة العلاقات العامة هذه كان يبدو أنه يعزز أهميته داخل إيران، مع أن خلافاته فاحت أخبارها؛ آخرها عندما اضطر وزير الخارجية ظريف مرة إلى الاستقالة احتجاجًا على تهميشه ثم تراجع ظريف وصوّر مع سليماني للتدليل على المصالحة، إنما المظاهر خداعة في المجتمع السياسي هناك، فالراحل رافسنجاني، والرئيس روحاني، وخامنئي أمام العامة يبدون كرجال دين وتقوى، وديعين، وهم في الواقع مسؤولون عن قتل آلاف الأشخاص، تسلقوا سلم الحياة على جماجم رفاقهم وخصومهم.

أخطر رجل في إيران

وبعيدًا عن صورة النجم والإنسان التي كان يحاول رسمها لنفسه أمام الملأ، سليماني كان أخطر رجل إيراني عرفه العالم. عمليات القتل الجماعية في سوريا شارك في تدبيرها وتنفيذها، آلاف العائلات دفنت أحياء في بيوتها، وفي العراق، هو من أسس ميليشيات زرعت الرعب في المدن.

سليماني كان القائد العسكري لحلم الإمبراطورية، الحلم مات معه، وقد انقلبت عليه صورة «البطل» عند الشعب الإيراني، حيث نددت المظاهرات التي عمت البلاد بالتمدد الخارجي وطالبت بالتخلي عن سوريا والعراق ولبنان، كما انتكس سليماني ومشروعه جراء الغضب الشعبي العارم في العراق ولبنان، حيث أحرقت صور الإمام والجنرال.