طقس غير مستقر في تبوك والشمالية غدًا رئيس الشباب عن صفقة الحربي: بحثت عن مصلحة النادي “الفريق خسر فنيًّا”.. المنجم يكشف كواليس انتقال تمبكتي للهلال المجلس العسكري في مالي يقيل رئيس الحكومة بسبب انتقاداته مصادرة أكثر من 20 ألف رتبة وشعارات عسكرية بالرياض وغلق محلين العرب والنجوم علاقة وجود وحياة الجنيه الإسترليني ينخفض مقابل الدولار ويرتفع مقابل اليورو مؤشرات الأسهم الأوروبية تغلق تعاملاتها على استقرار هل إغلاق سخان المياه أثناء الاستحمام ضروري؟ كيف استعدت أمانة الشرقية لموسم الأمطار؟
سلط مقال للكاتب الدكتور محمد السلمي، نشر اليوم في عرب نيوز بالإنجليزية الضوءَ على العراق التي تشهد حالةً من التصعيد المسلح بين الميليشيات التابعة لإيران في العراق وعلى رأسها كتائب حزب الله العراقي، والولايات المتحدة الأمريكية.
وكان الهجوم الصاروخي الذي استهدف القاعدة العسكرية في كركوك وأدى إلى مقتل أمريكي وإصابة عددٍ من الأمريكيين والعراقيين بمثابة الشرارة الأولى بعد محاولات اعتداءاتٍ صاروخية سابقة كانت تقع في محيط قواعد عسكرية أمريكية أو السفارة الأمريكية في بغداد دون أنْ تُخلّف أيّ إصابات أو ضحايا.
ضربة أميركية:
لكنَّ الاعتداء الأخير تجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء المعلنة وهي تعرُّض عناصرها لاعتداءٍ مباشر، فقد شنّت قواتٌ أمريكية ما قالت إنها “ضرباتٌ دفاعيةٌ دقيقة” ضد خمس منشآت تابعة لكتائب “حزب الله” العراقي في العراق وسوريا أودت بحياة 25 شخصًا على الأقل، وإصابة نحو 51 آخرين. وعلى إثر ذلك قامت قياداتٌ وعناصر الحشد الشعبي المقربة من إيران بمحاولةٍ لتأجيج الشارع العراقي ضد الولايات المتحدة وهددت بالقيام بعملياتٍ عسكرية انتقامية ضد القوات الأمريكية.
محاولة اقتحام سفارة أميركا:
كما شهد يوم أمس الثلاثاء مظاهراتٍ أمام السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وتم إحراق الحائط الخارجي للسفارة علاوةً على محاولة اقتحام السفارة عنوة، الأمر الذي قاد إلى تدخل قوات الأمن العراقية لمنع ذلك، وقد شارك في هذه المظاهرة الاحتجاجية أبرز قيادات الحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراقي على وجه الخصوص.
ويُطرح سؤال لماذا هذه التطورات وما هي العلاقة بينها وبين ما تشهده الساحة العراقية من احتجاجاتٍ واسعة ضد الحكومة والنخبة السياسية وبكل تأكيد ضد التدخلات الإيرانية في العراق؟ حيث يبدو جليًا أنَّ إيران قلقة جدًا من استمرارية الاحتجاجات التي حرمتها من تعيين رئيس وزراء مقرب منها وحطمت ميليشياتها مقارها الدبلوماسية والقنصلية وأثّرت على صادراتها للعراق وهذا أمرٌ جد خطير على نفوذ إيران في العراق، فهي أرادت بهذه الضربة للقاعدة الأمريكية خلط الأوراق لتحقيق هدفين رئيسيين، هما:
الأول:
دفع الأطراف الموالية لإيران بالضغط لإنهاء الاحتجاجات التي تُشكّل صداعًا كبيرًا في رأس القيادة الإيرانية بإقناعهم بأنَّ البلاد في حالة حربٍ مع الولايات المتحدة ويجب إنهاء الاحتجاجات.
الثاني:
الضغط لإخراج القوات الأمريكية من العراق وإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، ورفع حالة الغضب الشعبي العراقي من الولايات المتحدة لما سيتبَع ذلك من ردود فعلٍ أمريكية، وبالتالي عودة العراق إلى المحور الإيراني مجددًا، وقد كتب رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية حسين شريعتمداري بتاريخ 5 أكتوبر 2019 مقالًا طالب فيه العراقيين باحتلال السفارة الأمريكية في بغداد.
لذا يبدو أنَّ الموقف الأمريكي كان يتوقع حالةً من التصعيد من الداخل العراقي لكنه لا يمكنه مطلقًا تجاهل الهجوم وتجاوز الخطوط الحمراء وكسر الهيبة الأمريكية ولهذا جاء بيان وزارة الدفاع الأمريكية يعكس ما ذهبنا إليه تمامًا بأنَّ الولايات المتحدة مرجّحٌ عدم تبنيها ضربات طويلة الأمد ضد الحشد الشعبي وأنَّ ردود الفعل العسكرية الأمريكية مرتبطةٌ بما سيقوم به الحشد الشعبي مستقبلًا، فالبيان عبارة عن تهدئة مع الحشد بذكره “الضربات جاءت ردًا على هجمات كتائب حزب الله المُتكررة على القواعد العراقية” وتأكيده أيضًا على “يجب على إيران وقواتها التابعة وقف هجماتها على الولايات المتحدة وقوات التحالف، واحترام سيادة العراق، تفاديًا لأيّ أعمال دفاعية إضافية من جانب القوات الأمريكية”.
الحراك الشعبي ضحية:
ولذلك نعتقد بأنَّ الضحية الوحيدة لهذه العملية ستكون الحراك الشعبي العراقي؛ لأنّ القوى السياسية الموالية لإيران في العراق تكون بذلك قد تمكنت من خلط الأوراق وبخاصة بعد الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد، وجعلت من المشهد يبدو وكأنّ الأولوية في الساحة العراقية هي المعركة العسكرية ضد التواجد الأمريكي بالعراق، وعليه سيمارسون كافة أشكال الضغط لإنهاء الحراك الاحتجاجي المناهض للدور الإيراني وتصوير الأمر وكأنّ المعركة أكبر.
كما يمكن أن تؤدي هذه التطورات إلى تعاطف مع فصائل الحشد الشعبي من قبل النخبة السياسية الحاكمة والدوائر المقربة منها، وقد ظهرت بالفعل حملة تعاطفٍ على مواقع التواصل الاجتماعي والأهم إعلان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي الحداد لمدة ثلاثة أيام على أرواح قتلى العملية العسكرية الأمريكية، لكنّ الأمر الفارق سيكون موقف مرجعية النجف على المستوى الشعبي.
بينما على المستوى السياسي سوف تشجع الضربة النخبة السياسية على اتخاذ مواقفَ تبعُد قليلًا عن الإملاءات الإيرانية فيما يتعلق بتسمية رئيس الوزراء لأن كثيرًا من النخبة العراقية إذا ما أحست أن إيران لا تستطيع أنْ تتصرف بحريةٍ تامة في العراق كما كانت في السابق سوف تتغير مواقفهم من إيران.
أسبوع حاسم:
تبقى مراقبة التطورات التي ستشهدها العراق خلال الأسبوع القادم غايةً في الأهمية لمعرفة مسار الأزمة، ومدى تأثير هذه التحولات في المشهد السياسي العراقي على الاحتجاجات الشعبية العراقية الواسعة التي بدأت في شهر أكتوبر الماضي، كما أنَّ الحسابات الأمريكية في كيفية التعاطي مع هذه التطورات في ظل الأجواء الانتخابية التي تستحوذ على عقلية السياسي الأمريكي وعلى الإدارة الأمريكية الراهنة التي ستُسهم أيضًا بدورها في تحديد مسار الأزمة.
الخلاصة، يبقى التعويل على عقلاء ووطنيي العراق في عدم تحول بلادهم بشكلٍ كامل إلى ساحةٍ لحرب بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة، كما أنه إذا ما عادت الهيمنة الإيرانية على العراق بقوةٍ أكبر من السابق فإنَّ مستقبل الشعب العراقي سيكون على نمط ما يعانيه الشعب الإيراني من عزلة واضطهاد وفرض عقوبات دولية عليه في حربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل.
ويمكن الاطلاع على المقال كاملًا عبر الرابط هنا