المتنافسون على تاج أمريكا كقوة عظمى.. نقاط القوة والضعف

الأحد ٢٠ أكتوبر ٢٠١٩ الساعة ٦:٣٥ مساءً
المتنافسون على تاج أمريكا كقوة عظمى.. نقاط القوة والضعف

فسر بعض المحللين السياسيين انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وما تلاه من تقدم قوات النظام الروسي والتركي على أنه “لحظة فاصلة مثيرة” للشرق الأوسط ولتأثير أمريكا على العالم.

بحسب موقع “الغارديان” البريطاني، زعم المحللون، أن الاضطرابات السورية، في الأسبوع الماضي، تتنبأ بوضع حد للقيادة الإقليمية الأمريكية، ووصفوه بأنه دليل على أن ميزان القوى العالمي يتحول بطرق ربما لم تفهم بعد، وأن أميركا تفسح المجال، كما تفعل الإمبراطوريات الفاشلة، لنظام عالمي تترأسه قوى عالمية، وبشكل رئيسي الصين.

ولكن هل الأزمة السورية حقًا لحظة فاصلة؟ وإذا كان كذلك، فمن هم المتنافسون على تاج أميركا كقوة عظمى عالمية، وما هي نقاط قوتهم وضعفهم؟

وضع روسيا

الرأي الأول يقول إن الغلبة لروسيا، فالتطورات الأخيرة تُشكل لحظة محورية لتوسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، حيث استغل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باقتدار، السياسات الأمريكية المتناقضة والمشوشة، وفي حين أن “ترامب” له حسابات عدائية مع إيران، إلا أن “بوتين” أقام بحذر علاقات عمل ودية معها ومع إسرائيل وإيران وتركيا دون أن يغفل توطيد العلاقات مع الدول الأكثر تأثيرًا في المنطقة من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر، ويأتي ذلك استنادا إلى المصالح المشتركة في مكافحة الإرهاب، ومبيعات الأسلحة، وإنتاج النفط والغاز.

وبعبارة أخرى، فان نفوذ روسيا في الشرق الأوسط ينمو، وما تفعله الاضطرابات السورية هو تقديم أدلة إضافية ومؤكدة على أن ميزان القوى العالمي يتحول ببطء وبصورة تدريجية.

أما عن نقاط الضعف، فنجاحات “بوتين” الدبلوماسية والعسكرية والاستراتيجية، لاسيما في الشرق الأوسط، لا يمكن أن تخفي نقاط الضعف المحلية الأساسية (نقص الاستثمار المزمن، والإفراط في الاعتماد على عائدات تصدير الطاقة، وضعف البنية التحتية، والسخط السياسي المتصاعد، والشعور المتفشي والخوف من الفوضى).

ويرى معارضو هذا الرأي، أن “بوتين” يفتقر إلى رؤية إيجابية وبناءة لبلده، ناهيك عن العالم، ولا يوجد أي إشارة حتى الآن على وجود زعيم روسي لديه هذه الرؤية.

الهيمنة الأمريكية

علي الرغم من أن أمريكا لا تزال بمعايير متعددة وهي البلد الأكثر نفوذًا وقوة في العالم، فإن مجيء “دونالد ترامب” شجع الحديث عن إنهاء هيمنتها العالمية، ومن جهة أخرى، فإن خلفاء “ترامب”، أيا كانوا، سيحاولون على الأرجح وقف تراجع أميركا، وقد يتحركون بقوة لاستعادة سمعة البلاد ودورها الريادي في عالم القرن الحادي والعشرين.

أوروبا وحقوق الإنسان

الاتحاد الأوروبي قائم على الحقوق الفردية والمدنية، وتعزيز الحكم الديمقراطي الشامل، وتكافؤ الفرص، وهذا يعني اتخاذ نهج يسعى إلى إيجاد حل إزاء المشاكل العالمية مثل أزمة المناخ والهجرة غير الشرعية.

من جهة أخرى، فهناك انشقاقات حادة في صفوف الاتحاد الأوروبي، منها حرب العراق، وأهمية المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومستقبل حلف شمال الأطلسي، والمعايير الصحية والغذائية، والسياسة البيئية، كما أن هناك أيضًا انشقاقات بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب.

وعلى كلٍ، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن معظم الناس في معظم الدول الأعضاء يدعمون الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك اختلافات واسعة حول ما يجب أن يكون عليه وما ينبغي عمله، ويعتقد الناخبون أن أوروبا تحمل المزيد من النفوذ في العالم إذا كانت تعمل بانسجام، وهنا تنشأ الصعوبة، فقد شهد الأسبوع الماضي انقسام الاتحاد الأوروبي حول حظر مقترح للأسلحة على تركيا، وفي الوقت نفسه، فإن انشقاق بريطانيا يضعف قدرتها على التأثير على الأحداث.

ويقول مؤيدو الاتحاد الأوروبي، إن التكتل يجب أن يفعل المزيد لتعزيز مكانة أوروبا كلاعب رئيسي على الساحة العالمية، ولكن حتى لو انسجمت جميع الأعضاء بطريقة سحرية، فإن فكرة أن الاتحاد الأوروبي قد يكون في يوم من الأيام في وضع يمكنه من تحدي القيادة العالمية الأمريكية أو الصينية لا تزال تبدو بعيدة المنال.

التنين الصيني

لا يخفي “شي جينبينغ”، الرئيس الصيني، طموحه في وضع بلده في منصب قيادي عالمي، وفي سبيل ذلك، يعمل على تطوير البنية التحتية والاستثمار في أكثر من 150 بلدًا، وهذا يعد من أكثر الاستراتيجيات العالمية التوسعية التي قامت بها دولة واحدة، وفي ظل قيادة “شي”، أصبحت الصين أكثر حزمًا وتنافسية في علاقاتها مع القوى الأخرى، وبصفة رئيسية الولايات الأمريكية، والشركات الصينية الكبيرة مثل هواوي، تمكنت من تحدي الشركات الأمريكية والأوروبية.

وتتزايد القدرات العسكرية الصينية بسرعة أيضًا، ولاسيما بحريًا، وهذا يزيد من حدة التوترات مع القوى الغربية والمناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.

أما عن نقاط الضعف، فنظام الحكم في الصين سلطوي وأبوي، معزز بالمراقبة، والذي يضمن ظاهريًا رفاهية وسلامة المواطنين مقابل قبولهم السياسي والصمت، ومن الواضح أن هذا النظام لم يعد يلق قبولًا في هونغ كونغ وشينجيانغ.

ويتباطأ حاليًا النمو الاقتصادي الهائل في الصين، وفي حين أن هذا قد يكون مؤقتًا، فإن افتقار الحزب الشيوعي إلى الشرعية الديمقراطية وغياب الموافقة يشكلان أكبر تهديد على المدى الطويل لطموحات الصين العالمية في القرن الحادي والعشرين، فإذا كان بإمكان “شي” التغلب على تلك العقبة فقد لا يوقفه شيء.

إقرأ المزيد