قمم مكة.. السلام قبل الحرب وإيران في الوقت الضائع من الأزمة

الثلاثاء ٢٨ مايو ٢٠١٩ الساعة ٣:٤٧ مساءً
قمم مكة.. السلام قبل الحرب وإيران في الوقت الضائع من الأزمة

أكد الكاتب والإعلامي د. أحمد الجمعية أن المملكة لم تدعُ إلى قمم مكة لتقييم الوضع الذي تثبته التقارير والأدلة من تورط إيران المباشر في دعم وتمويل الميليشيات المسلحة لاستهداف المصالح الخليجية، والمملكة تحديدًا.

وأضاف في مقال له بصحيفة “الرياض”، بعنوان “قمم مكة.. السلام قبل الحرب!”، أن المملكة في الوقت نفسه لا تدعو إلى حرب معلنة مع إيران، أو تحشد المجموع الإسلامي لتبني مثل هكذا قرار، حيث سيبقى الهدف الأكبر من هذه القمم هو أن تتراجع طهران عن مشروعها الثوري، وتترك الخارطة العربية بعيدة عن أهدافها وأطماعها التوسعية، ومحاولة فرض هيمنتها ونفوذها على قرارها ومصادرة حق العيش الكريم لإنسانها، وأن تتوقف فورًا عن مشروعها النووي، وتعود إلى مشروع الدولة وليس الثورة الذي لم يعد ممكنًا أو مقبولًا السكوت عنه.. وإلى نص المقال:

التوقيت والمكان للقمم الثلاث:

التوقيت والمكان للقمم الثلاث وحدهما رسالة عميقة تحملها المملكة للعرب والمسلمين من أن هناك خطرًا إيرانيًّا يهدد دينهم ووحدتهم ومقدساتهم وقيمهم التي يحملونها باعتدال ووسطية، وأن التنديد والاستنكار لا يكفيان من دون أن تتحدد المواقف مع أو ضد إيران..

تبدأ الخميس قمم مكة الثلاث الخليجية والعربية والإسلامية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين بعد الاعتداءات الأخيرة على محطتي نفط في المملكة، والهجوم على سفن تجارية بالمياه الإقليمية لدولة الإمارات، وتداعياتها الخطيرة على المنطقة، واقتصاديات دول العالم، حيث تضع تلك القمم العالم الإسلامي أمام مسؤولياته التاريخية لمواجهة الخطر الإيراني، والتصدي لأجنداته، وقطع الطريق على ميليشياته المأجورة، والأهم استشعار مواقف المملكة في التعامل مع ذلك الخطر على أنه مهدد لأمن واستقرار المنطقة، ومحرّك للفوضى والدمار، وسبب رئيس لتخلّف الشعوب عن التنمية الحقيقية التي راحت ضحية التسليح، ودعم الإرهاب.

ليس أمام إيران سوى التراجع أو الخزي:

ليس هناك أطهر بقعة من مكة وبيت الله الحرام، ولا أفضل من أيام العشر الأخيرة من رمضان، وفيها ليلة خير من ألف شهر؛ لإعلان بلاغ مكة للعالم من أن الله ورسوله بريء مما تفعله إيران، وأمامها فرصة لتعيد حساباتها، وتنكفئ على داخلها، فإن تراجعت فهو خير لها ولشعبها، وإن تولت ومضت في طريقها فليس لها إلاّ الخزي والنهاية، وهو عهد من المسلمين لا رجعة فيه، أو تنازل عنه، أو مساومة عليه.

ما فعلته إيران بالإسلام تشويه وترهيب، وما اقترفته بحق المسلمين قتل وتدمير يتطلب أن يكون هناك موقف واضح ومعلن من جميع الدول الإسلامية؛ ليس فقط بالتنديد والاستنكار، وإنما مع أو ضد إيران، حيث لا تحتمل المرحلة ترددًا أو تحوطًا أو حتى تأجيلًا ومماطلة في التصدي للمشروع الإيراني، والجميع يرى صواريخ إيران بيد الحوثي يطلقها تجاه مكة، وطائراته المسيّرة تحمل متفجرات تستهدف مواقع مدنية، وزوارقه المفخخة تهدد الملاحة البحرية والممرات العالمية للنقل والتجارة، إلى جانب دعم وتمويل خلايا إرهابية لضرب أمن المملكة في الداخل.

المملكة لم تدعُ إلى قمم مكة لتقييم الوضع الذي تثبته التقارير والأدلة من تورط إيران المباشر في دعم وتمويل الميليشيات المسلحة لاستهداف المصالح الخليجية، والمملكة تحديدًا، وفي الوقت نفسه لا تدعو إلى حرب معلنة مع إيران، أو تحشد المجموع الإسلامي لتبني مثل هكذا قرار، حيث سيبقى الهدف الأكبر من هذه القمم هو أن تتراجع طهران عن مشروعها الثوري، وتترك الخارطة العربية بعيدة عن أهدافها وأطماعها التوسعية، ومحاولة فرض هيمنتها ونفوذها على قرارها ومصادرة حق العيش الكريم لإنسانها، وأن تتوقف فورًا عن مشروعها النووي، وتعود إلى مشروع الدولة وليس الثورة الذي لم يعد ممكنًا أو مقبولًا السكوت عنه، وهو يصل إلى سيادة الدول والنيل من مقدراتها وإثارة شعوبها، والأخطر حين يرفع شعارات الدين.. والموت لأمريكا وإسرائيل؛ ليقتات على تضحيات الشعوب في سبيل الوصول إلى أهدافه الشيطانية.. المكشوفة!

إيران في الوقت الضائع من الأزمة:

كل من يهرول حاليًّا من دول ومنظمات لاحتواء وضع إيران في المنطقة، ويتنقل بين عواصم خليجية وعربية وإسلامية لترميم الموقف قبل قمم مكة؛ هو في الواقع يدرك أن إيران في الوقت الضائع من الأزمة، وليس أمامها سوى حل أخير إما الانصياع للواقع الجديد الذي يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، أو مواجهة أمريكا وحلفائها وانتظار مصير النهاية، حيث تأمل قمم مكة أن تحقق هدفها السلمي في الشق الأول من المعادلة للوصول إلى حل للأزمة، وتبعث برسالتها للمسلمين والعالم من أن إيران عليها أن تقبل بالحوار تجاه برنامجها النووي، وتنهي مشروعها الطائفي، وتدخلاتها في الدول العربية، ودعم الميليشيات الإرهابية؛ حقنًا للدماء، وحفظًا للأمن، ولكن ماذا لو أطلق الحوثي صاروخًا أو طائرة مسيّرة تجاه المملكة بعد قمم مكة؛ فإن الوضع حتمًا سينتقل إلى (الخطة ب)، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها المواجهة المباشرة مع إيران، أو ضرب مصالح إيران في المنطقة.