كيف كان المسعى قبل العهد السعودي؟

الخميس ٢٣ مايو ٢٠١٩ الساعة ٥:١١ مساءً
كيف كان المسعى قبل العهد السعودي؟

السـعي بين الصفا والمروة أمر تعبدي لا نقاش في علته ولا في مـشروعيته، ولكنّ بعضًا من حكمته قد تظهر لمن تدبر أصول التشريع.

وربما كان من حكمة السعي أن نتذكر به علو إيمان هاجر عليها السلام، فيسمو إيماننا بالله، وذلك عندما تركها زوجُها أبو الأنبياء إبراهيم مع ابنهما إسماعيل عليهما السلام بوادٍ لا زرع فيه ولا ماء، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذًا لا يضيعنا.

المسعى قبل العهد السعودي:

ظل المسعى على مدى ثلاثة عشر قرنًا ونصف القرن التراب فراشه والسماء سقفه، وكان الذي يريد السعي يرقى على الصفا حتى يرى البيت، ويستقبل القبلة، ويدعو الله عز وجل، ثم يسعى ذاهبًا إلى المروة، وفي طريقه بعد الصفا بقليل، يلقى واديًا فتنصب قدماه في الوادي مهرولاً حتى يتجاوزه، ثم يستمر في سعيه إلى المروة، فإذا وصل المروة يرقى عليها حتى يرى البيت، ويدعو الله عز وجل، وهذا العمل هو ما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأمرنا به عند حجِّه، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» رواه مسلم.

وفي خلافة أبي جعفر المنصور قام عامله على مكة عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس بإنشاء اثنتي عشرة درجة على الصفا، وخمس عشرة درجة على المروة؛ وذلك لتسهيل الصعود عليهما.

روى الأزرقي عن جده قال: كان الصفا والمروة يسند فيهما من سعى بينهما، ولم يكن فيهما بناء ولا درج، حتى كان عبد الصمد بن علي في خلافة أبي جعفر المنصور، فبنى درجهما التي هي اليوم درجهما، فكان أول من أحدث بناءها، ثم كُحِّل بعد ذلك بالنورة في زمن مبارك الطبري في خلافة المأمون.

ويصف ابن بطوطة (ت779هـ) المسعى عندما قام برحلته للحج عام 725هـ، بقوله: وبين الصفا والمروة مسيل فيه سوق عظيمة، يباع فيها الحبوب واللحم والتمر والسمن وسواها من الفواكه، والساعون بين الصفا والمروة لا يكادون يخلصون لازدحام الناس على حوانيت الباعة، وليس بمكة سوق منتظمة سوى هذه إلا البزازون والعطارون عند باب شيبة، وبين الصفا والمروة دار العباس رضي الله عنه، وهي الآن رباط يقطنه المجاورون، عمَّره الملك الناصر رحمه الله، وبنى أيضًا داراً وضوءًا فيما بين الصفا والمروة سنة ثمانٍ وعشرين، وجعل لها بابين أحدهما في السوق المذكور والآخر في العطارين.