بثلاثية.. منتخب فرنسا يتجاوز إيطاليا ضبط مقيم لوث البيئة بحرق مخلفات زراعية في الشرقية رئيس بوتافوجو: نيمار في نفس مستوى ميسي رياض محرز يعود لهز الشباك دوليًّا ضبط 6502 دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع الأمن البيئي يفوز على أمن المنشآت في بطولة وزارة الداخلية لكرة القدم خالد بن سلمان يبحث التعاون مع وزير القوات المسلحة الفرنسية المنطقة العربية أمطارها موسمية تستمر 8 أشهر وتبدأ مع سهيل كانسيلو: الدوري السعودي يتطور كثيرًا رد من سكني بشأن الضمان الاجتماعي
صدر للكاتب محمد الساعد، كتاب بعنوان “سفر برلك.. قرن على الجريمة العثمانية في المدينة المنورة”، ويُطرَح الكتاب – الذي يصدر عن دار مدارك – في دور النشر والمكتبات بالتزامن مع بدء “معرض أبو ظبي للكتاب 2019 ” الذي تنطلق فعالياته اليوم الـ24 من أبريل.
الكتاب جاء بعد 6 سنوات من مقالة شهيرة للكاتب محمد الساعد نشرت في موقع “العربية نت ” العام 2013 تحت عنوان ” مائة عام من جريمة سفر برلك العثمانية “، أثارت جدلاً واسعاً في حينها.
يذكر أن المقال كان الأول الذي رصد تلك الحادثة، وقد نشر بعد مرور مئة عام على الجريمة التركية في المدينة المنورة، الأمر الذي دفع الكاتب لتحويل المقال إلى كتاب يرصد فيه الجريمة على الرغم من شح المعلومات وندرتها.
ويرصد الساعد في كتابه واحدةً من الجرائم المروعة التي لحقت بالإنسان العربي وارتكبتها الدولة العثمانية تحت مسمى “سفر برلك”، الجريمة حدثت وقائعها قبل أكثر من 100 عام هجري بحق أهالي المدينة المنورة، وتحديداً في العام 1334هـ – 1915مـ، عندما اقتحم الجنود الأتراك المدينة المنورة، قادمين من إسطنبول، مدججين بالسلاح والفظاظة والأوامر الصارمة لتحقيق هدف واحد هو تهجير سكان المدينة المنورة الأصليين وترحيلهم قسرياً إلى خارج الجزيرة العربية.
ويوضح الساعد في كتابه أن تلك الجريمة ـ أي الـ “سفر برلك” وتعني بالعربية “التهجير القسري” ـ كانت محاولة لتحويل المدينة المنورة إلى ثكنة عسكرية تمهيداً لتتريكها لاحقاً ومن ثم فصلها عن الحرم المكي الشريف وإلحاقها تماماً بالدولة العثمانية، ولتصبح آخر حدود الدولة العثمانية داخل الجزيرة العربية، في خضم معلومات متواترة ومخاوف حقيقية من قرب انطلاق “الثورة العربية الكبرى” على “الاحتلال التركي”، ذلك الاحتلال البغيض الذي هيمن لقرون على مقدرات الوطن العربي.
وجعل الكاتب من المدينة المنورة محور كتابه منذ هجرة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليها، متقاطعة مع الحقب الإسلامية التاريخية المختلفة، وصولاً إلى تلك الفترة التي عانت فيها ويلات الاحتلال العثماني.
في الفصل الأول قدم الساعد عرضاً سريعاً لأصول الأتراك التاريخية وجذور ذلك العرق القادم من أواسط قارة آسيا ليستوطن الجزء الشمالي من العراق والشام، موضحاً أنهم عرفوا طريقهم إلى البلاد العربية مبكراً عبر استقدامهم من حكام الدول الإسلامية والعربية في أزمنة سالفة مختلفة بصفتهم “مماليك” يستخدمون في الحروب والمعارك، قبل أن يتحولوا إلى مستوطنين في أراضي الأناضول.
كما تطرق سريعاً إلى تأسيس الدولة السعودية الأولى، التي عاشت المدينة المنورة في ظلها 6 سنوات كاملة من الأمن والطمأنينة، إذ أخذ “آل سعود” على عاتقهم تطبيق المظاهر الإسلامية الإصلاحية، كما عرج بكثافة على العلاقة بين إسطنبول والدرعية اللتين تناوبتا على حكم المدن المقدسة وخاصة المدينة المنورة مورداً الفرق بينهما.
وفي لفتة صحفية وصف الساعد جريمة العثمانيين في الدرعية وتدميرها بأنها أول “سفر برلك “مارسه العثمانيون حين هدموا الدرعية وهجروا سكانها وقتلوا أبناءها.
وفي الفصل الثاني، يرصد الكاتب السعودي محمد الساعد، شهادات أهالي المدينة المنورة حول “تفاصيل الجريمة وحكايات الألم” التي ارتكبها الجنرال ” فخري باشا ” ممثل الحكام الأتراك في حق سكان المدينة المنورة وكما وردت على ألسنة أصحابها، إذ إن أول ما فكر فيه الأتراك هو مد خط “سكة حديد الحجاز”، لربط المدينة بالعاصمة إسطنبول لتسهيل التهجير القسري عبر القطار فيما بعد.
وبحسب المصادر التاريخية؛ فإنه لم يبق بالمدينة بسبب “سفر برلك” إلا ما بين (80 ـ 100) شخص من أهلها الذين قدر عددهم قبل التهجير القسري بأكثر من أربعين ألفاً، ولم يكتفِ الجنرال فخري باشا بذلك بل أمر باحتكار المواد الغذائية الشحيحة أصلاً لصالح الجنود العثمانيين وتحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية بما في ذلك استخدام المسجد النبوي كمستودع للسلاح، حتى وصلت المجاعة التي شهدتها المدينة ببعض الأهالي والأطفال الذين فقدوا أهاليهم نتيجة للتهجير لأكل القطط وما تبقى في المزارع والشوارع.
كان من آثار تلك الجريمة أيضاً، أن نقل الأتراك عبر ما عُرف بـ”قطار الأمانات المقدسة” عام 1917م، جميع الآثار والهدايا التي أُهديت لحجرة النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مدار 1300 عام من دون أن تستثني شيئاً، ووصلت الكنوز النبوية المنهوبة إلى عاصمة الدولة العثمانية، وتعرض حالياً ومنذ سنوات طويلة في متحف “توبكابي” بإسطنبول، وهي تضم: مصاحف أثرية، ومجوهرات وشمعدانات ذهبية، بالإضافة إلى سيوف ولوحات مرصعة بالألماس، وما لا يُحصى من المباخر والعلاّقات وغيرها من القطع التي بلغت أكثر من 390 قطعة نفيسة، فضلاً عن بُردة النبي الكريم، ورايته (الحمراء)، ومكحلته، ونعله، ورباعيته، وخصلة من شعره.
وفى الفصل الثالث، يستعرض الساعد الأحوال السياسية خلال تلك الفترة في البلاد المجاورة، وحتى داخل الدولة العثمانية نفسها، فقد تحدث عن مصر إبان تلك الفترة، وإعلان الحماية البريطانية عليها، ما أدى إلى استنفار الأتراك وتحالفهم سراً مع الألمان في الحرب العالمية الأولى.
كما تطرق كذلك إلى ممارسات الأتراك التعسفية بحق الأرمن والمذابح التي ارتكبوها بحقهم، التي كانت تشبه ممارساتهم مع أهل المدينة، وانتهاء باستعراض نتائج الحرب العالمية الأولى والآثار المدمرة التي خلفتها على مستوى دول العالم.
واستخدم الساعد في كتابه المنهج التاريخي التحليلي، عبر رصد القصص والوقائع من مصادر مختلفة، ثم تحقيقها وجمع الأدلة حولها، ومن ثم سردها وتقديمها للقارئ العربي عامة والسعودي خاصة.
كما تطرق بالنقد والتحليل والاستنباط إلى فكرتين مهمتين هما “مفهوم الخلافة ومعاونة الإنجليز للثورة العربية الكبرى”، وقد وضع اتفاق الأتراك مع الألمان في “الحرب العالمية الأولى” مقابل محاولة الإنجليز دعم أو مساعدة الثورة العربية في الجزيرة العربية، متسائلاً: هل هذا حلال لكم.. وحرام علينا؟
يذكر أن الساعد له مقالات عديدة في هذا الشأن، أثار معظمها حالة من الجدل في الأوساط الثقافية والصحفية، خصوصاً في ظل ما يدعيه الرئيس التركي أردوغان من أحلام يقظة يردد فيها مزاعم بلاده بأن تكون مقراً لخلافة إسلامية حديثة، ليأتي الكتاب بمثابة الرد على تلك المزاعم.