تركي الفيصل: استقرار النظام السياسي حفِظ أمن واستقرار المملكة

الثلاثاء ١٩ فبراير ٢٠١٩ الساعة ٢:٠٢ مساءً
تركي الفيصل: استقرار النظام السياسي حفِظ أمن واستقرار المملكة

أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن استقرار نظام المملكة السياسي له الفضل الأول في قدرة السعودية على حفظ أمنها واستقرارها في بيئة إقليمية مضطربة وغير مستقرة، وتجنب تداعيات أزمات المنطقة المتكررة، مبيناً أنها تعاملت بحكمة خلال التسعين عاماً الماضية مع جميع التحدّيات التي تسبّبت بها هذه الأزمات، وذكر أن الرياض استطاعت الحفاظ على برامج خطط تنميتها الهادفة لرفع شأن المواطن وتحقيق تطلعاته بالرخاء وبناء اقتصاد قوي ومستقر ومزدهر.
وأوضح سموه أن المملكة لم تشهد تقلُّبات سياسية تغير المسار الذي اختارته لنفسها في مسألة تولي الحكم، فكان عهد كل ملك من ملوكها السبعة بدءاً من الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – مكملاً لما بدأه سلفه بمزيد من التطوير والإصلاح.
جاء ذلك خلال كلمة لسموه بعنوان «الاستقرار السياسي وضرورته للنجاح الاقتصادي» في مؤتمر التفاعل مع السعودية، الذي أقامته منظمة الرؤساء الشباب في فندق حياة ريجنسي بالرياض، الاثنين 13 جمادى الآخرة 1440هـ الموافق 18 فبراير 2019م.
وشدّد الأمير تركي الفيصل على أن استقرار وسلاسة الخلافة في المملكة أدى إلى ثبات في السياسة، وأتاح فرصة لتكامل وتراكم الإنجازات على كافة الأصعدة، كما أسهم أيضاً في إضافة عوامل جديدة لشرعيتها المتجذّرة في وجدان الشعب السعودي، لافتاً إلى أن هذه الشرعية منحت مناعة مضاعفة، وباتت المعبّر عن الثقافة السياسية للمجتمع في مواجهة تحديات الخارج والداخل، وسمحت بالمرونة اللازمة لاستيعاب المتغيرات والتكيّف مع متطلباتها، موضحاً أن كل تشكيك في مصادر هذه الشرعية لن يفلح في منع تطلعنا لمستقبل أفضل.
واعتبر سموه أن وجود اقتصاد وطني قوي في ظل نظام سياسي مستقر وفي بيئة تشريعية وقانونية صارمة؛ من أهم عوامل استدامة الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي؛ اقتصاد وطني قوي متنوع مصادر الدخل، يوفر الفرص الوظيفية للمواطنين، ويتيح للقطاع الخاص المساهمة الفاعلة فيه، جاذب للاستثمار، مانع للاحتكار وتراكم الثروات، واحة للإبداع والابتكار، مواكب للتحولات الاقتصادية الدولية وللتحولات التقنية، مدعوم بقطاع عام خال من الفساد والمحسوبية وتفاوت الفرص.
وقال: «كل عوامل استقرارنا متوفرة: الاستقرار السياسي، والثروة، والقدرة على إصلاح اقتصادنا وإدارتنا، وما علينا إلا أن نواصل برامجنا وخططنا وأن نبقي تواصلنا مع العالم حتى يرى أن مملكتنا، رغم ما تتعرّض له من حملات تشويه ورغم وجود أخطاء في بعض سياساتنا؛ هي واحة استقرار في منطقة مضطربة وستبقى مصدراً للمنافع المتبادلة مع الجميع».
وأشار رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلى أن رؤية المملكة 2030 جاءت لإزالة كل المعوقات البيروقراطية والاجتماعية أمام إعادة هيكلة اقتصاد المملكة ليكون اقتصاداً مزدهراً بمجتمع حيوي يعمل في سبيل مستقبل أفضل، موضحاً أن هذه الرؤية تشكل خارطة طريق إلى المستقبل، وهي برنامج إصلاح اقتصادي واجتماعي شامل يتم تنفيذه تدريجيّاً من أجل مراعاة التغييرات اللازمة لمساعدة المملكة على مواصلة تنميتها، كما أنها تمثل حاجة وطنية سعودية ومشروعاً وطنيّاً كبيراً، وينبغي أن تُذلل كل الصعوبات أمام تحقُّيق أهدافها. وزاد: «إن هذه الرؤية التي تَصوّرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- ويقودها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، تهدف إلى معالجة أكبر ثلاثة تحديات اقتصادية تواجه المملكة اليوم: البطالة، تنويع مصادر الدخل، والخصخصة».
وأضاف سموه: «تدرك المملكة أنه لاستدامة نجاحها اقتصاديّاً يجب عليها أن تنوع اقتصادها بحيث يصبح أقل اعتماداً على النفط، وأن تبدأ في تعزيز دور القطاع الخاص، وتوليد الوظائف، وزيادة الدخل من خارج قطاع البترول. وتسعى رؤية 2030 أيضاً إلى مواجهة التحدّي المتمثل في الخصخصة. كما تدرك الحكومة السعودية أن اقتصادها يجب أن يكون مدفوعاً بقطاع خاص نابض بالحياة، وأن دور الحكومة يجب أن يتضاءل. وتلعب رؤية 2030 دوراً في معالجة ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه المملكة: وهي البيروقراطية المترهلة، والشفافية، والمساءلة. وستواصل المملكة سعيها لزيادة مشاركة نسائها في جميع المجالات؛ فقد تم اتخاذ خطوات كبيرة في السنوات الأخيرة لزيادة إدراجهم في القوى العاملة وتمكينهم في جميع المجالات.
وأفاد «الفيصل» أن العالم رحّب بهذه الرؤية، وبما حققته حتى الآن من تحولات مجتمعية ومن انفتاح، وبما أوجدته من فرص في مجالات لم تكن متاحة في السابق؛ كصناعة بدائل الطاقة مثل الشمس والرياح والتعدين والترفيه وغيرها، ومع ذلك بقيت كثير من الأصوات، لا سيما في الغرب، تنعق بالتشكيك بكل ما يتحقق، مشيراً إلى أن المملكة تتعرض اليوم لحملة إعلامية شعواء تشكك في مشاريعنا الوطنية وتشيطن مملكتنا وولي عهدنا، وتعمل على نزع شرعيّتنا الدولية، ومع ذلك لا ينبغي أن تتزعزع ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على تجاوز هذا الوضع، لقد سبق أن تعرضت المملكة لمثل هذه الحملات الكبرى، ومع ذلك تمكّنّا من تجاوز تداعيات هذه الحملات؛ وفق تصريحه.
وذكر «تركي الفيصل»، أن الاستقرار السياسي من شروط نجاح عالم المال والأعمال والابتكار والإبداع والاستثمار، وأنه لا يعيق هذا النجاح عائق أكثر من الاضطراب السياسي في البيئة المحلية والإقليمية والدولية، مؤكداً أن حالات عدم اليقين الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي والحروب الأهلية والتغيرات المتكررة للأنظمة السياسية والتطرف والإرهاب؛ هي عدو عالم المال والأعمال وعدو للنجاح الاقتصادي، واعتبر الاستقرار السياسي العامل الأول في جذب الأسواق الناشئة للمستثمرين أو صدّهم عنها، وأنه لا يزدهر اقتصاد ولا تتوفر بيئة جاذبة للأعمال إلا في مكان يخلو من الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتحت حماية قوانين واضحة ومستقرة، رافضاً ما يقال من أن رأس المال جبان، ولكن لا يمكن أن يبقى رأس المال في مكان لا يربح فيه ويتعرض فيه للتهديد الدائم؛ على حد وصفه.
وقدم سموه الشكر للقائمين على تنظيم هذا المؤتمر، مثمناً دعوته للمشاركة وإتاحة الفرصة لسموه لتبادل الرأي مع أعضاء منظمة الرؤساء الشباب؛ هذه المنظمة الرائدة التي تعمل منذ أكثر من ستين عاماً على ربط الرؤساء التنفيذيين الشباب ورؤساء الشركات ورجال الأعمال الشباب في جميع أنحاء العالم لتبادل الأفكار والخبرات. وعبّر عن أمله أن يقوم أعضاء هذه المنظمة بدورهم في تقديم صورتنا الكاملة للآخرين، وليست تلك المجتَزَأة التي تسوّق حولنا؛ حسب تعبيره.